عامان من العمل البحثي والقراءات المستمرة من فريق علمي متخصص برئاسة الدكتور "وسيم محسن" لنتائج تجارب حقلية، كان هدفها الحصول على أهم نتائج استنباط أصناف جديدة لنبات "الزعفران" ذي العائد الاقتصادي الوفير والتكلفة الأقل لزراعته.

واستطاع الفريق ورغم صعوبة تأمين مستلزمات العمل، إثبات قيمة العمل المعرفي العلمي القائم على التجريب، بعد أن تمّ تشكيل لجنة وزارية على المستوى الوطني مهمتها الأساسية الاهتمام بنبات "الزعفران" ونشر زراعته في "سورية".

يتم غش "الزعفران" لارتفاع سعره، حيث يعدُّ من النباتات باهظة الثمن، ويتم خلطه بأعشاب مشابهة له لزيادة الوزن مثل العصفر المماثل له في اللون وسرعة الذوبان بالماء

الباحث الدكتور "وسيم محسن" رئيس مركز البحوث العلمية الزراعية في "السويداء" أوضح لمدوّنة وطن "eSyria" أنّ الفريق البحثي وضع خطةً طموحةً لزراعة نبات "الزعفران" وتم تخصيص ثلاثة مواقع لزراعته ضمن محطات المركز، وحدد للعمل مجموعة من الأهداف أهمها دراسة العوامل المؤثرة في نجاح زراعة هذا النبات الهام في محافظة "السويداء" والشروط الفنية المتعلقة بنجاح تجارب زراعته تمهيداً لنقل النتائج والمعارف إلى المزارعين، وتشكيل فريق بحثي للإشراف والمتابعة من مختلف التخصصات العلمية الدقيقة، ورافق ذلك خلال فترة التنفيذ العديد من الندوات العلمية بهذا الخصوص.

الباحث الدكتور وسيم محسن

وتابع "د. محسن" بأن "الزعفران" نبات بصلي من فصيلة "السوسنيات"، والجزء الفعال فيه هو أعضاء التلقيح وتسمى "المياسم" وتنزع من الزهور المتفتحة، وهو يستوطن في أماكن كثيرة من "آسيا"، وحالياً يزرع بكثرة في "إيران وإسبانيا والهند"، لكن تتصدر "إيران" لائحة الدول المنتجة له حتى اللحظة، حيث يبلغ إنتاجها السنوي ما يقارب 800 طن، علماً أن جمع كيلو غرام واحد من مياسمه الجافة يستلزم قطف 130 ألف زهرة، وقد توصلنا إلى أنّ الشرط الأول لنجاح زراعته هو ارتفاع المكان عن سطح البحر بما لا يقل عن 600 متر وكلما كان الجو بارداً كانت زهوره أفضل ورائحته أقوى وتويجاته أكثر صلابة، وأي مصدر للتلوث يؤثر فيه، وهو يحتاج للري في شهر أيلول وهو شهر الزراعة وأشهر الشتاء التي يحدث فيها انحباس للهطول المطري، ويزهر في أوائل شهر تشرين الثاني وتستمر فترة الإزهار في الحقل لمدة 20 يوماً، ويزرع "الزعفران" على مسافة 10-15 سم بين الكورمة والأخرى و50 سم بين الخط والآخر، وعلى عمق لا يتجاوز 10 سم، كما لا يحتاج نبات "الزعفران" إلى أكثر من 11 ساعة من أشعة الشمس أو ضوء النهار ومتطلباته للماء قليلة كونه من النباتات التي تزرع في فصل الشتاء ويفضل الترب الرملية جيدة الصرف ذات المحتوى الجيد من الكلس والمادة العضوية ويمكن أن تمكث الأبصال في الحقل نفسه بين 3-7 سنوات.

وقال "د. محسن": «يتم غش "الزعفران" لارتفاع سعره، حيث يعدُّ من النباتات باهظة الثمن، ويتم خلطه بأعشاب مشابهة له لزيادة الوزن مثل العصفر المماثل له في اللون وسرعة الذوبان بالماء».

الباحث الدكتور سعود سربوخ

وحول أهم استعمالاته وفوائده الطبية أشار الباحث الدكتور "سعود سربوخ" إلى أن "الزعفران" طارد للأرياح، وفي الوقت نفسه يوقف الشهية للطعام، ويستعمل للحمية وتخفيض الوزن، وهو معرق ويساعد على تخفيض الحرارة، ومفيد في معالجة السعال والتهابات القصبة الهوائية، ومعالجة البشرة الجافة، ويمكن مزجه مع الزنجبيل لتحسين الأداء والنتائج، وإعطاء البشرة الطراوة اللازمة، كما ويعطي طاقة، فهو يزيد الطاقة الجسدية ويقوي الحواس من سمع وإبصار وشم ولمس، وينشط القلب ويمنع تسرعه والخفقان، مضيفاً بأنه يتمتع بخصائص وقائية مقاومة للسرطان، فقد تبين في أحدث دراسة نشرتها مجلة "الطب والبيولوجيا التجريبية" المتخصصة بأن باحثين في "المكسيك" أثبتوا أنه بالإمكان استخدامه كعامل واقٍ من السرطان أو في البرنامج العلاجي المخصص لهذا المرض، وبعد مراجعة مجموعة كبيرة من الدراسات المخبرية والأبحاث التي أجريت تبين أنه لا يمنع فقط تشكل أورام سرطانية جديدة، ولكنه قد يسبب تقلصَ وانكماشَ الأورامِ الموجودة، كما يزيد فعالية العلاج الكيميائي ويشجع آثاره المضادة للسرطان، وترجع الفوائد الصحية لـ"الزعفران" بصورة جزئية إلى محتواه العالي من المركبات التي تعرف بـ"الكاروتينويد" التي تشمل أيضاً مادتي "لايكوبين" و"بيتاكاروتين" كعوامل وقاية وعلاج من السرطان، ودأب الباحثون على استنباط أصناف جديدة من خلال العمل على التحسين الوراثي لعامين ونيف في بحث علمي رائد في "سورية" توصل إلى نتائج هامة جداً، فهو نبات اقتصادي بامتياز دون تكلفة تذكر وريعية عالية في وحدة المساحة وهو يشكل عائداً ربحياً كبيراً، نظراً لثمنه الباهظ واستعمالاته المتنوعة.

جدير بالذكر أنّه تمّ إجراء اللقاء بتاريخ 10 كانون الثاني 2021.

العمل في الحقل