أنشأَ مرسمَه الخاص في منزلٍ قديمٍ يحاكي الطبيعةَ بجمالها وفوضتها، ليبدعَ فيه أجمل الأعمال الفنية، وليعلم الأطفال نمطاً خاصّاً في الفنّ والإبداع يمهد لهم الطريق إلى المعارض والصالات الكبرى.

مدوّنةُ وطن "eSyria" وبتاريخ 10 تشرين الأول 2019 التقت الفنان "سهيل ذبيان" في مرسمه الخاص ليحدثنا عن بداياته فيقول: «ولدت في قرية" ذيبين" بأقصى الجنوب عام 1965، ودرست في عدة مناطق في "السويداء" بحكم عمل والدي، ثم انتقلت بعد إنهاء دراستي الثانوية إلى "دمشق"، في هذه الأثناء كانت تستهويني مادة الرسم، وكنت أرى الأشياء بنظرة خاصة لا يراها أقراني من التلاميذ، فكنت ومنذ صغري لا أحبّ الخطوط المستقيمة، ولا النمطية في الرسم، لذلك تميّزت عن البقية برسوماتي التي كانت تلاقي استحسان المدرسين في المدرسة وكلّ من يراها.

عرفت عن "سهيل ذبيان" امتهانه للتحدي ولو على حساب المألوف، ونرى هذا موزعاً بين لوحاته ومنحوتاته، ولكل منهما همومها وخصوصيتها، وهي تختزل الزمن للوصول إلى حقيقة غائبة عن الكثيرين

انتقلت بعد إنهائي المرحلة الثانوية إلى "دمشق" لأصقل موهبتي بشكل أكاديمي، فانتسبت إلى معهد "أدهم إسماعيل"، وتخصصت بالتصوير الزيتي والنحت وكانت البداية.

من أعماله النحتية

تخرجت من المركز وأنا أمتلك الكثير من الطاقات والأفكار الجديدة والمتميزة في عالم الفن والنحت، وقد تمكنت في هذه الفترة القصيرة من إنجاز العديد من اللوحات والمنحوتات التي مكنتني من المشاركة بمعرضي الأوّل في "دمشق"، وكانت بدايات التميّز، حيث لقي المعرض إقبالاً منقطع النظير لما يحتويه من تمرّدٍ على الرتابة بالفن وكسرٍ للنمطية التي تعوّد الناس عليها في بقية المعارض، بعدها توالت العروض في أكثر من مدينة سورية وكلّ مرة كنت أجد الكثير من الإعجاب والتشجيع من رواد عالم الفنون والمختصين».

ويتابع عن أعماله: «شاركت بالعديد من المعارض الدولية بعد أن حصدت أعمالي الكثير من النجاح محلياً، فأقمت معرضاً في "لبنان"، ولأكثر من مرة، وبأكثر من منطقة، ثمّ أقمت معارض في "الأردن"، و"السعودية" وبعض دول الخليج العربي، كما أنّ لوحاتي شاركت بأكثر من معرض في دول أوروبية عديدة وما زلت مستمراً في المشاركات الأوروبية لي ولطلابي المبدعين».

من أعماله أيضاً

وعن تجربته بالتعليم يقول "ذبيان": «عملت على اتباع طريقة جديدة في التعليم، فكنت أعتمد على الطبيعة، وفوضاها، وجمالها في تعلّم الفن وليس الرسم الذي كنت حريصاً على أن أزرعه في طلابي، حيث كنت أكتشف مواهبهم من خلال بعض التصرفات العفوية عندهم، ومن دون حواجز بينهم وبين معلمهم، وتدريبهم على الاجتزاء من الطبيعة ليتمّ التركيز عندهم على تفاصيل الأشياء وليس عمومها، وهذا ما نتج عنه إبداعات غزت الأسواق العربية والأوروبية».

وعن جانب آخر من الفنون يقول: «إنّه فنّ الطباعة على القماش والجلديات، وهو الفن الذي اخترته إيماناً مني بمقولة (يجب أن يرى الفن كل الناس أفضل من أن يبقى معلّقاً على الحائط)، واعتمدت في رسوماتي على موروثنا المجتمعي الرائع الذي يحتوي على الكثير من الجمالية والخصوصية التي تعودنا أن نراها في مجتمعنا منذ الصغر، ولم تعد موجودة الآن، فقمت بإعادة صياغتها بطريقة فنية مميّزة، ووضعتها على شال الصبايا وحقائبهم الجلدية مع بعض النقوش من الأحرف المسمارية الجميلة، وبعض الألبسة القطنية لنتيحَ لأكبر عدد من الناس رؤية هذا النوع من الفنّ بشكلٍ جميلٍ يكون في متناول الجميع».

نغم صعب إحدى المتدربات

"سهيل الهنداوي" نحاتٌ عراقيٌّ شهير يقول: «عرفت عن "سهيل ذبيان" امتهانه للتحدي ولو على حساب المألوف، ونرى هذا موزعاً بين لوحاته ومنحوتاته، ولكل منهما همومها وخصوصيتها، وهي تختزل الزمن للوصول إلى حقيقة غائبة عن الكثيرين».

"نغم صعب "أحد المتدربات تؤكد أنّ تجربتها في مرسم "سهيل ذبيان" أضافت لها الكثير من الثقة بالنفس، وقالت: «كسرت هذه الفترة من التعلم الحواجز بين الصورة النمطية للمعلم وبين الواقع الذي أبدعت فيه عدة لوحات وزخرفات كنت أحلم بإنجازها، ولكن رتابة الموقف كانت تحول بيني وبين إبداعاتي التي لا تتبلور إلا في عالم الفوضى وكسر القيود والتمرد على الواقع في كثير من الأحيان».