يقرّ الفنان "فراس رضوان" أن الخروج من القوالب المعتادة سار به إلى عوالم لامس فيها شخوص أعماله باليد، مختبراً مهارات عدة نقلته إلى عالم السحر والدهشة.

عن البداية وكيف أوثق عقدة الفن مع مستقبله، يحدثنا من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 31 آذار 2019، ويقول: «كل البدايات تكون في المدرسة تبدأ كلعبة ثم تستولي هذه اللعبة على مساحة الخيال. وتأخذ مكانها في الوجدان لتصبح اللعبة المفضلة، وسرعان ما تصبح هذه اللعبة؛ أي لعبة الخط واللون شغفاً، فتأخذنا إلى حيث تريد، هكذا ببساطة وجدت نفسي أسير هذا السحر. ينقلني عالم الألوان إلى حدود الدهشة، فتجمع ذاكرتي البصرية كل ما تقع عيني عليه من الطبيعة والوجوه والأشكال، وتحفظ في مكان أمين ليعاود الظهور على شكل تجربة فنية لونية تتطور إلى عمل فني».

كل البدايات تكون في المدرسة تبدأ كلعبة ثم تستولي هذه اللعبة على مساحة الخيال. وتأخذ مكانها في الوجدان لتصبح اللعبة المفضلة، وسرعان ما تصبح هذه اللعبة؛ أي لعبة الخط واللون شغفاً، فتأخذنا إلى حيث تريد، هكذا ببساطة وجدت نفسي أسير هذا السحر. ينقلني عالم الألوان إلى حدود الدهشة، فتجمع ذاكرتي البصرية كل ما تقع عيني عليه من الطبيعة والوجوه والأشكال، وتحفظ في مكان أمين ليعاود الظهور على شكل تجربة فنية لونية تتطور إلى عمل فني

عن التجربة الذاتية والانتقال إلى الدراسة الأكاديمية، قال: «عادت فكرة الدراسة الأكاديمية لتسيطر على تفكيري، وهذا ما حصل، حيث التحقت بكلية الفنون الجميلة في "دمشق" وتخرّجت فيها، لتتيح لي الدراسة المجال واسعاً للاطلاع على تجارب الآخرين والتعرّف إلى تاريخ الفن والمدارس الفنية والأساليب المتبعة، وأساطير الفن والمعلمين.

من أعمال فراس رضوان

وهو ما دفعني أكثر إلى الخوض في تجارب شخصية بدأت برسم الوجوه من البيئة المحيطة والتقاط تعابيرها، ثم الاهتمام بتفاصيلها الدقيقة كنوع من تحدي الذات، للوصول إلى أقصى ما يمكنني الوصول إليه من نقل الإحساس بشفافية وبساطة.

بعد ذلك بدأت تجربة جديدة عبر استنطاق اللون؛ وذلك بفرش اللوحة بمساحات لونية مدروسة وتحريك الألوان بمحاولة لخلق حالة جمالية خاصة، يكون المشاهد شريكاً فيها عبر الحوار البصري، ومحاولة التأويل والإجابة عن أسئلة اللوحة وتحليلها».

من مرسمه

معاناة الفنان تتفرع من تفاعل محدود للمجتمع مع الفن فكرة أضاء عليها بالقول: «الفن التشكيلي أكثر الفنون غموضاً لدى عامة الناس، بعكس باقي الفنون، كالموسيقا والغناء والدراما، وينعكس هذا الغموض على الفنان التشكيلي ويجعله أكثر عزلة وأقل إثارة للجدل.

لكن مع تطور المفاهيم الجمالية وسيطرة ثقافة الصورة عن طريق عالم الميديا ارتفع منسوب الاهتمام بالفن التشكيلي، وتوفرت شروط الحصول على ثقافة بصرية، والاطلاع على أكبر قدر من التجارب وزيارة المتاحف العالمية من خلال مواقع الإنترنت، وفي بيئتنا المحلية نلاحظ تطوراً في التفاعل مع الأعمال التشكيلية، وتتقدم الخطوات باتجاه خلق جيل على درجة عالية من الاهتمام والإلمام بمفردات الفن التشكيلي وشواغله وكان لملتقيات النحت وتوزيع الأعمال في أنحاء المدينة أثر إيجابي في رفع الذائقة الفنية وتحفيز الشباب.

الفنان مروان جمول

كما أن ظاهرة انتشار صالات العرض في المدينة أعطت الحركة التشكيلية دفعة قوية بالاتجاه الصحيح، ولو أنها ليست جميعها بذات الدرجة الجدية».

ومن ذكريات التجربة الفنية في "الإمارات"، يضيف: «سافرت إلى دولة "الإمارات" بقصد العمل، وعملت فيها في مجال التصميم والدعاية والإعلان، وأحرزت نجاحاً فنياً ومادياً، لكن الأهم في الأمر أن أتعرّف إلى بيئة جديدة وعالم آخر يضيف إلى الفنان مخزوناً إضافياً، ويتيح له التعرّف عن قرب إلى تجارب مختلفة لفنانين من كل العالم.

ففي "الإمارات" يعيش خليط هائل من كل جنسيات العالم تقريباً، وتقام أنشطة فنية مهمة تجمع تجارب الفنانين من جنسيات وثقافات شديدة الاختلاف؛ يجمعها هذا الفن النبيل، وقد كان لي شرف المشاركة في الكثير من هذه المعارض، وأهم ما حصلت عليه -عدا الجوائز وشهادات التقدير- تفاعل الجمهور هناك والاهتمام الرسمي والمبادرات البناءة من جمعيات الفنون النشطة من كل إمارة والدعوات المستمرة للمشاركة حتى بعد عودتي إلى الوطن».

عن مهارات طبّقها في أعمال تزيّن مرسمه، قال: «المعروض في المرسم من مقتنياتي الخاصة وأعمالي بمراحل مختلفة بدءاً بمرحلة الدراسة الأكاديمية، باستخدام الأصابع؛ وهي تجربة يمكن القول عنها إنها تطبيق للإحساس بالحاجة إلى الاقتراب أكثر من حقيقة اللون، وإلغاء المسافة بين يدي واللوحة لأقوم بالرسم بالأصابع.

هذه الطريقة ليست جديدة، وهكذا أحسست بأن العمل الفني يشبهني ويحررني ويشعرني بأنني أمارس لعبة تحريك شخوصي بأصابعي، كما يحرك فنان الدمى المتحركة شخصياته بخيوطه وأصابعه، إنها تضيف إليّ متعة أنسى فيها كل ما أبذله من جهد فكري وروحي.

ما أحب أن أضيفه، أنني تجاهلت أكثر ما يؤرقني ويؤرق الجميع، بل يهددنا جميعاً؛ ألا وهو الحالة الوطنية المتعبة وفقدان المعايير واختلال التوازن الاجتماعي، وانتشار ظواهر مرعبة وخطرة غريبة عن مجتمعنا وناشزة كفيلة إذا ما استفحلت أن تنسف ما تبقى فينا من قيم ومبادئ.

تجاهلتها وكأنني أحاول عدم الرؤية والسمع لأتابع حلمي الجميل بمجتمع آمن لجميع أبنائه».

عن الوجوه في أعماله يتحدث الفنان "مروان جمول" ويقول: «الفنان "فراس رضوان" فنان شاب نشيط تابعته في عدة مراحل، منها أعمال لاحظت فيها كيف يرصد الوجوه بكل تعبيراتها ضمن أسلوب واقعي تعبيري جميل خطاً ولوناً ومساحة، وأنتج فيها أعمال جديرة بالمتابعة، وامتلك فيها مفاتيح التعبير بما يظهر أهمية التجربة، وهناك عدة مهارات تظهر مرحلة الانتقال من الدراسة الأكاديمية إلى مرحلة التجربة الذاتية التي أجاد فيها وعرفت عنه.

وفي الحديث عن أعمال الفنان التي أجد فيها تجربة ناجحة؛ لأنه يعتمد بأسلوبه على تكامل عناصره بلوحة أفقية مدروسة غنية بالمفردة والفكرة، يواكب التطور في مفهوم اللوحة، ويمتلك السيطرة على شخوصها التي تميّز بها متمنياً له كل النجاح والتوفيق».

في الخروج من القوالب الأكاديمية حديث للفنان "أكرم وهبي" ويقول: «اقترن الفن التشكيلي المعاصر بمفردة التجربة لتصبح كل حالة فنية تجربة قائمة بذاتها بما تحمله من ضجيج روحي وحساسية بصرية، واللوحة مشروع حوار بين الفنان والمتلقي بوصفها مفتاحاً لهذا الحوار، وممتن له في تجربة "فراس رضوان" التي عايشتها عن قرب في السنوات العشر الأخيرة على الأقل، كان قد بدأ للتو الخروج من القالب الأكاديمي والواقعي لينخرط تقنياً في سبر عوالم جديدة، محولاً المادة الخام اللون إلى فضاء افتراضي تتزاحم فيها العناصر أحياناً، وتنفتح أحياناً أخرى على رؤى شديدة الخصوصية تحيلنا مباشرة إلى النتاجات الطليعية لفنون النصف الثاني من القرن العشرين وما بعده، وقد تخلصت من مدارسها لتنعتق حاملة شحناتها المكثفة ومفتوحة على التأويل والمعنى، إنها موسيقا الحياة، وقد عزفتها أصابع فنان مبدع، ووضعنا في احتفاله اللوني أمام مرايا شديدة الحرارة والحساسية؛ تخطف نظرك بذكاء وتتحاور معك بحب».

ما يجدر ذكره، أن الفنان "فراس رضوان" من مواليد "السويداء" عام 1963، خريج كلية الفنون الجميلة عام 1990، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين في "سورية"، وعضو جمعية "الإمارات" للفنانين التشكيليين، وشارك بمعارضها، ونال العديد من شهادات التقدير إلى جانب معارض فردية وثنائية وجماعية محلية وعربية.