بطريقة تعتمد التوازن بين الفكرة واللون والتشريح الفني ترسم "إيمان الحمود" لوحاتها الملأى بمشاهد الطبيعة والأنثى، وذلك إيماناً منها بأن اللوحة كلما كانت متكاملة العناصر، تعبّر عن فن وذوق رفيع.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "إيمان الحمود" بتاريخ 29 أيار 2018، فتحدثت عن سبب اعتمادها على التوازن بين الفكرة واللون والخط في أعمالها الفنية بالقول: «اللون والفكرة والخط أساس بناء اللوحة الفنية، والتوازن الفني يحمل للمشاهد رؤية واضحة، فبرأيي على الفنان ألا يتحيز لأي مكون على حساب الآخر، فالعمل الفني كل متكامل، لذلك يجب أن يكون العمل مدروساً من كل الجوانب ليظهر قوياً بكل عناصره، ويتجاوز أي علامة ضعف، وهنا يحصد العمل المصداقية والإجماع، وكلما كان العمل متكاملاً حقق التأثير المطلوب بالمشاهد؛ لذلك ترى في لوحاتي أن العمل يبدأ بالفكرة التي تعدّ نقطة البدء ببناء اللوحة، ثم يأتي اللون ليؤكد الفكرة، وتخدم الخطوط هذا الاتجاه أيضاً من حيث الاستقامة والميول، وهذا يظهر في كل أعمالي الفنية سواء التي رسمت فيها الطبيعة أو المرأة أو الوجوه».

الفن رسالة محبة، وليس عملاً تزيينياً، وفي أعمالي الفنية أحاول أن أجسد ذلك من خلال تجسيدي للحدث الذي يخص مركز الانتماء، فترى المرأة والطبيعة السورية حاضرة في أعمالي، وهذا ليس تحيزاً، ولم يمنعني من رسم ما هو إنساني، لكن علينا دائماً أن نوثق من خلال فنّنا الجمال الذي ننتمي إليه كمجتمع له خصوصية ضمن الخصوصيات العالمية

وعن سبب غلبة المدرسة الواقعية على أعمالها، تقول: «لأن المدرسة الواقعية انعكاس للواقع كما هو، مع أنها تنعكس في اللوحة كواقع جديد، ولأنني أحب أن أرسم الطبيعة، وهذه المدرسة هدفها الانطلاق إلى الطبيعة، ودراستها دراسة تتعدى السطح، وتدرس المضمون، ففي تأثير الضوء نرى الفنان لا يرى الضوء واحداً، بل يتعداه إلى بقية الألوان، كما يتعامل الفنان في هذه المدرسة مع الظل بألوان غير اللون الأسود، وهذا يجعل اللوحة أكثر غنى وسحراً وجمالاً، وهذا الأسلوب يخدم الفنان ويحقق له فضاء أوسع، وخاصة أن هذا الفضاء هو القيمة الجمالية الحقيقية للفن، وأنا في هذا الأسلوب أشعر بجمالية خاصة في لوحاتي من خلال استخدام الظل بمفهومه الواسع، وكل ذلك عبر ريشة الفنان التي تحدد إحساس الفنان بالعمل، كما أنني جربت كل الخامات من المائي والزيتي والرصاص، ورسمت البورتريه».

الفنان ناصر عبيد

وعن تجربتها الفنية، تقول: «التجربة تطورت مع تقدم الزمن، في البداية تكون الخبرة غير كافية، وخاصة في طريقة استخدام اللون والتقنية، لكن مع الاستمرار تطورت التجربة، فأصبحت الأعمال أكثر إشراقاً من ناحية الفكرة واللون؛ وهذا ما أعدّه حالة تجدد وانتقال، لذلك ترى في لوحاتي الأخيرة في المعرض المشترك الذي أقيم في صالة "الآرت فورم" للفنون التشكيلية، والذي تحدث فيه عملي الوحيد عن الوضع الراهن، فكان العمل أكثر نضجاً من الأعمال السابقة، فعلى الرغم من حزن الفكرة، كان هناك إشراق في استخدام اللون، فالتجربة كلما تطورت أصبحت تفضي بإحساس أكثر بالحياة، ولدي اليوم 30 عملاً فنياً بكل المقاسات الصغيرة والكبيرة، وقد تناولت فيها المرأة والأسطورة والطبيعة».

وعن غلبة تصوير الأنثى والطبيعة في أعمالها، تقول: «بكل بساطة لأنني أنثى وأحسّ بأنني جزء من الطبيعة، وأؤمن بأن الفنان الذي يتعامل مع الطبيعة يعطي الفرح والأمل من خلال الأحاسيس الواضحة التي تمنحها الطبيعة نفسها، كما أن تكوينات اللوحة التي تصور الطبيعة يضاف إليها الرونق والجمالية وتتمة الإحساس، فاللوحة هي أفكار الفنان التي يستحوذها من الأشياء، وأنا متحيزة للطبيعة لأنها تعطيني الراحة وتجعلني في الوقت نفسه أستخدم التقنيات الفنية أكثر، حيث تتداخل الألوان الترابية مع الزيتية، وتتشارك خامة اللوحة مع ريشة الفنان بأفق مفتوح».

لوحة الحب والحرب

وعن أسلوبها بالعمل، تتابع: «العمل لدي يعتمد على الفكرة، فالفكرة هي التي تجعل علاقة الفنان باللوحة علاقة حب قبل أن تكون علاقة معرفة، والفكرة بحاجة إلى رؤية ناضجة لكي يصبح الموضوع المرسوم صاحب دلالات لما يريد الفنان التعبير عنه؛ سواء أكان الموضوع من الطبيعة أو البيئة أو الحياة بوجه عام، وأحياناً أرفض الفكرة التي تقيد عمل الفنان ولا تعطيه الحرية التي يجب أن تكون أساس اللوحة».

وعن جوهر الفن ورسالته، أوضحت: «الفن رسالة محبة، وليس عملاً تزيينياً، وفي أعمالي الفنية أحاول أن أجسد ذلك من خلال تجسيدي للحدث الذي يخص مركز الانتماء، فترى المرأة والطبيعة السورية حاضرة في أعمالي، وهذا ليس تحيزاً، ولم يمنعني من رسم ما هو إنساني، لكن علينا دائماً أن نوثق من خلال فنّنا الجمال الذي ننتمي إليه كمجتمع له خصوصية ضمن الخصوصيات العالمية».

لوحة بقلم الرصاص

الفنان "ناصر عبيد" من مدينة "السويداء"، عن أعمال الفنانة "الحمود"، يقول: «الفنانة "إيمان" تمتلك القدرة على توصيل أفكارها وتعابيرها بلغة الفنان الذي يرسم بإحساسه قبل علمه الأكاديمي، فهي تختار مواضيعها من عناصر مختلفة، فنرى المساحة الفنية منسجمة مع اختيارها لدرجات الألوان وتوزيعها على مساحة اللوحة، إضافة إلى حسها التعبيري في الألوان الحارة والباردة، وهذا بمعنى آخر جمال آخر للوحة؛ وهذا ما يجعل أعمالها جميلة ومعبرة، ومن يشاهد تلك اللوحات يستمتع بمشهد جمالي مميز».

يذكر أن الفنانة "إيمان الحمود" من مواليد "السويداء" عام 1975، وهي خريجة معهد الفنون التشكيلية عام 2018، ولديها عشرات المعارض الجماعية والمشتركة، ولديها أعمال مقتناة في "سورية" و"الإمارات العربية"، وقد كرمت من قبل صالة "الآرت فورم" للفنون التشكيلية على أعمالها في عدة معارض.