لعبت البيئة التي نشأ فيها دوراً في تشجيعه على الحفاظ على التراث الشرقي من خلال عشقه لآلة العود التي بدأ تعلّم العزف عليها منذ نعومة أظفاره إلى جانب حبّه للغناء الجماعي؛ إيماناً منه بضرورة صقل الصوت إلى جانب العزف.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 5 آب 2017، التقت "سلام بشر" في مكان إقامته الحالي بـ "جرمانا"، وعن بداياته وعلاقته مع الموسيقا، قال: «بدأت التعلّق بالموسيقا وأنا في الثانية عشرة من العمر، وتعلقي كان ملحوظاً بآلة العود نتيجة تأثري بعمي الموسيقي "جمال بشر"؛ وهو مدرّس لآلة العود وخريج من المعهد العالي للموسيقا، انتسبت إلى معهد "فريد الأطرش" في "السويداء"، وبعد حصولي على الشهادة الثانوية انتسبت إلى المعهد العالي للموسيقا لأتابع دراستي الأكاديمية للموسيقا، التي كان للبيئة التي نشأت فيها -الغنية بتراثها الموسيقي وحبها للفن- دور بدعم ورعاية موهبتي الفنية».

"سلام" كطالب يمرّ بمراحل متباينة، لكنه بوجه عام بحالة من التطور الكبير، والأمر مرتبط بقدرته ومواظبته على التمرين والاطلاع على مقطوعات موسيقية أكثر؛ لأن ذلك يكوّن مهارته، كان مميزاً خلال مشاركاته كعازف مع طلاب المعهد العالي للموسيقا، التي أقيمت في مكتبة "الأسد"

ويعرف الموسيقا بالتالي: «هي اللغة التي نستطيع من خلالها التعبير عن مشاعرنا والأحاسيس الكامنة بداخلنا، وهي بالنسبة للشخص المختص منصة يستطيع من خلالها الوصول إلى كافة شرائح المجتمع، والشيء المميز فيها أنها أبجدية واحدة مشتركة بين كافة الثقافات في العالم، أما لغير المختصين فهي هي الملاذ الآمن الذي يلجؤون إليه بمختلف الحالات الشعورية من حزن وفرح وغضب، وأهم شيء في الموسيقا أنها ترافقنا بمختلف الظروف الحياتية أثناء العمل، والدراسة... إلى آخره"، أما التراث الموسيقي، فهو نتاج عمل واجتهاد الموسيقيين الذين عملوا وفق معايير ذات قيمة عالية، استطاعوا من خلالها إنتاج أعمال موسيقية وغنائية حققت نجاحاً في الماضي، واستمرت حتى وقتنا هذا، ولا يمكننا أن نطلق على أي عمل قديم صفة التراث؛ لأن هذه الظاهرة شائعة حالياً، وتعدّ أي عمل قديم تراثاً وتهمش معاييره».

خلال مشاركته مع فرقة رباعي العود

وعن آلة العود، يقول: «عرفت آلة العود على أنها آلة طربية مرافقة للغناء، وتم تهميش دورها على أنها آلة قادرة على أداء كافة الألوان الموسيقية "غربية وشرقية"، الحفاظ عليها يكمن في كتابة مؤلفات جديدة معاصرة مع المحافظة على أصالة الآلة ووضعها ضمن فرق غير تقليدية، لأن الفكرة السائدة هي أن يكون العود ضمن تخت شرقي، مثلاً نستطيع وضع آلة العود مع "باند" نحاسي: "ترو مبيت، ترومبون ، توبا"، أو رباعي وتري: "كمان، فيولا، تشيلو، كونتر باص"، أو: "عود، تشيلو، أكورديون، غيتار". كما بدأت تظهر ملامح المدرسة السورية وتتبلور شخصيتها بفضل خبير آلتي العود والبزق في المعهد العالي للموسيقا الأستاذ "محمد عثمان" الذي يعمل جاهداً على وضع أسس للآلتين من خلال تقديمه أعمالاً تراثية سورية بطريقة معاصرة».

ويتابع: «إن تدريس الموسيقا يفتح آفاقاً جديدة للمدرّس والطالب في آن واحد؛ لأن عملية التدريس هي توثيق لمعلومات المدرّس، وهي مبنية على التجارب حتى تثبت قواعدها، ومن هنا يختلف مدرّس عن آخر في طريقة تقديمه للمعلومات وصياغتها. أدرّس حالياً في معهد شبيبة الأسد للموسيقا، إضافة إلى العديد من المعاهد الموسيقية الخاصة في "دمشق" وريفها و"السويداء"».

سلام بشر في حفل بمكتبة الأسد

ويؤكد من خلال حديثه أهمية الدراسة الأكاديمية لنجاح الموسيقي بقوله: «هناك الكثيرون من الهواة، لكن عندما تترافق الهواية مع الموهبة والعلم ينفتح المجال الإبداعي للعازف والموسيقي، وعلينا الإشارة إلى نقطة مهمة؛ وهي أنه يجب أن نميز بين العازف والموسيقي، فالعازف هو الشخص الذي يستطيع تأدية قطع على آلته، أما الموسيقي، فهو الذي يدرس الموسيقا من كل زواياها وفروعها، مثل: التاريخ الموسيقي، وعلم الهارموني، والصولفيج، وغيرها، فهي التي تجعل من العازف موسيقياً، وبفضل خبراء المعهد الروس وطلابهم الذين أصبحوا مدرّسين وخبراء بالمعهد العالي، استطاعوا تطوير طرائق التدريس والاهتمام بالثقافة الموسيقية والسمعية للطالب».

وعن مشاركاته ونشاطاته الفنية، يضيف: «شاركت خلال سنوات دراستي في معهد "فريد الأطرش" بالعديد من ورشات العمل وحفلات الصولو في العديد من المراكز الثقافية في محافظة "السويداء"، وشاركت في حفلات الطلاب بمكتبة "الأسد"، وفي قاعة التدريبات بالمعهد العالي للموسيقا كعازف صولو، وأهم مشاركاتي كانت مع رباعي العود السوري، ولدي العديد من المشاركات التلفزيونية منها حفل تكريم نجوم الدراما السورية، كما كان لي نشاطي بمجال الغناء الجماعي من خلال انتسابي إلى كورال جوقة "قوس قزح" الغنائية مع الموسيقي "حسام بريمو"؛ لأنه برأيي من الضروري للموسيقي أن يطور لديه موضوع الغناء، وليس المقصود هنا الخامة، وإنما أقصد الأداء الصحيح للغناء، وحيث الأداء الجماعي يطور الذائقة الموسيقية، ويفتح المجال للإبداع في مجال التوزيع الموسيقي».

عنه قال الموسيقي الدكتور "مثنى العلي": «طالبٌ مثابرٌ وموهوبٌ، له ميزة الاهتمام بالآلات الشرقية، ولديه إحساس بالموسيقا الشرقية قبل دخوله إلى المعهد العالي للموسيقا، وخلال وجوده في المعهد العالي، لاحظنا تطور مفرداته العلمية مستفيداً من دراسة التحليل والتوزيع مع بنائها بأسلوب علمي وعصري أكثر، وما أعنيه من الاستفادة من المواد العلمية والنظرية، الاستفادة من المواد العلمية التخصصية في الموسيقا لبناء ألحان خاصة بالعود، وهو من الطلاب الذين لديهم مشروع بهذا المجال».

وأضاف الموسيقي "محمد عثمان": «"سلام" كطالب يمرّ بمراحل متباينة، لكنه بوجه عام بحالة من التطور الكبير، والأمر مرتبط بقدرته ومواظبته على التمرين والاطلاع على مقطوعات موسيقية أكثر؛ لأن ذلك يكوّن مهارته، كان مميزاً خلال مشاركاته كعازف مع طلاب المعهد العالي للموسيقا، التي أقيمت في مكتبة "الأسد"».

يذكر أن "سلام بشر" من مواليد "السويداء"، عام 1997.