ظهر اسمها في المشهد الفني السوري بأسلوب لافت، فالتقنيات والعوالم الفنية التي ابتكرتها في أعمالها أعطتها بصمة خاصة لا تتكرر كثيراً، فقدمت المتعة للعين، والفرح للمشاهد.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 7 أيار 2017، مع الفنانة "خلود خويص" المقيمة بدولة "الإمارات العربية المتحدة"، لتفتح عوالمها مع الفن التشكيلي الذي حملته إلى الغربة، حيث بدأت حديثها عن الطفولة بالقول: «كانت طفولتي بين عائلة فيها من البساطة والحب الشيء الكثير، حيث كبرت في بيئة تحمل جماليات الحياة بأكثر من وجه؛ كان والدي فناناً بالفطرة، ويمتلك حسّاً فنياً عميقاً بالرسم والنحت، وحتى هذه اللحظة أحتفظ له بمجموعة من أعماله التي أزين بها بيتي، وهي ثروة عظيمة بالنسبة لي. وأظنّ أن كل طفل هو فنان بالفطرة، لكنني من الأشخاص الذين ولدوا وكان الفن وسيلتهم بالتعبير؛ كنت هادئة جداً وأحسست بروح الطفلة أن الفن شغفي، فألعابي ليست كبنات جيلي، كانت كل الأدوات أكثر مرحاً في مخيلتي، وكانت ألواني وأدواتي صدقيتي، وأوراقي ورسوماتي هي مآلي».

اشتركت في أربعة معارض جماعية في "الإمارات"، ومعرضين مشتركين في "سورية"، والمشاركة بالمعارض تغني تجربة أي فنان، ويعرف أين هو، وما يحتاج إليه، ويستفيد أيضاً من تجارب الفنانين المشاركين، ويثبت وجوده على الساحة الفنية. وهاجس المعرض الفردي له وقته الخاص، فمشروعي طويل، وتعليمي لفن الرسم في غربتي الطويلة تكملة لهذا المشروع

وتابعت سرد قصة نشأتها مع الفن بالقول: «نشأت في "السويداء" بجمال طبيعتها، وألوانها القوية الصريحة. كان كل شيء يثير حفيظتي الفنية، أجلس أوقاتاً طويلة أترصد الغيوم، وخاصة أثناء الربيع؛ حيث أقرأ فيها صوراً، وأتخيل حكايات كنت أترجمها إلى لوحات تثير دهشة والديّ ومن حولي. حتى الصخور البركانية وأحجار الخفان كنت أجمعها وأرصفها كأنها تكملة لتلك الحكايات، وأخيطها بأجمل الصور، وكان كل حجر يعني لي بألوانه المتعددة، ولها ركن خاص أعرضها في المنزل. من هنا تكوّنت ذاكرتي الفنية، كبرت وكبرت بداخلي هذه المفاهيم الجميلة لكل ما هو نفيس، حتى أصبحت بالمرحلة الإعدادية حين اكتشفت موهبتي معلمة الفنون "إلهام حمزة"، حيث كانت ترى دفاتر الرسم أمامي من قبل طالبات الصف يردن مني أن أرسم ما طلب منا، فطلبت منيّ أن ألتحق بمعهد "الفنون التشكيلية" آنذاك، حيث كانت أول خطوة جادة باتجاه دراستي للفن. وهنا كان اندماجي الأول بالفنانين الذين درّسوني، وكان لهم الأثر الأكبر فيّ، ومن بينهم الفنان "نبيه بلان"، والنحات "فؤاد نعيم"، والفنان "عادل أبو الفضل". درست أربع سنوات في هذا المعهد، وكان بيتي الثاني، وفيه تعلمت الكثير من مبادئ الفن من نحت وحفر وتصوير زيتي، كان غنياً بالمعلومات والأصدقاء الذين ساندوني لصغر سني بينهم، بعدها التحقت بكلية الفنون في "دمشق"، وتخرجت في قسم "الاتصالات البصرية"، وبدأت المسار الفني الجاد».

بورتريه مشغول بالمائي

اشتهرت في غربتها الطويلة برسم "البورتريه" بطريقة خاصة، وألوان مختلفة تقرأ من خلالها عوالم النفس البشرية من خلال وجه، وعن ذلك تقول: «مكنونات النفس البشرية هي هاجسي، وخبايا الروح التي لا يستطيع أحد الإفصاح عنها. في "البورتريه" أحاول أن ألتقط اللحظة التي تعبر عن حالة أو مكنون نفسي يمكن إسقاطه على بياض لوحتي. وهاجسي دائماً البحث عن أغوار النفس، وأستنبط منها شخصياتي التي قد أكون الجزء الأكبر منها، فهذه المكنونات لا يستطيع أحد الإفصاح عنها، فأحاول أن أظهرها وأتعايش معها ضمن لوحتي التي تمتد خارج نطاق إطارها لتكون أبعد من حدود المكان والزمان».

وفيما يتعلق باللون الذي يطغى على عوالمها، تضيف: «في كل الحالات لا يقيدني لون محدد، وأحياناً أنساق إلى لون معين تبعاً للحالة التي تطغى علي خلال العمل الفني، وبرأيي اللون هو نتيجة المخزون الذهني الذي اكتنزته من الطبيعة؛ المرجع الرئيس لكل فنان، لكنه يحتاج دائماً إلى البحث والدراسة، فهو ليس مجرد وسيلة، إنما هو عنصر مهم لتكوين وتشكيل العمل، بالنتيجة هو دم وروح العمل بالنسبة لي».

لم تكن مشاركاتها كثيرة في المعارض الفنية داخل وخارج الوطن على الرغم من عمرها الفني الطويل، مع أهمية المعارض للفنان على حدّ تعبيرها، وتضيف: «اشتركت في أربعة معارض جماعية في "الإمارات"، ومعرضين مشتركين في "سورية"، والمشاركة بالمعارض تغني تجربة أي فنان، ويعرف أين هو، وما يحتاج إليه، ويستفيد أيضاً من تجارب الفنانين المشاركين، ويثبت وجوده على الساحة الفنية. وهاجس المعرض الفردي له وقته الخاص، فمشروعي طويل، وتعليمي لفن الرسم في غربتي الطويلة تكملة لهذا المشروع».

أما عن رحلة الاغتراب، فتضيف: «خلال دراستي الجامعية قمت برسم العديد من قصص الأطفال، وبعد الانتهاء من الدراسة عملت لمدة ثلاث سنوات بشركة "الزهرة" للإنتاج الفني في "دمشق"، وكانت مرحلة مهمة، حيث صممت العديد من مجلات التسالي للأطفال مع فريق عمل جدير بالاهتمام، من ضمنه التشكيلي المبدع "إبراهيم بريمو"، والفنان "إياس جعفر"، و"يوسف الفقيه"، الذي أصبح فيما بعد شريك حياتي. بعدها غادرت إلى "الإمارات"، وأقيم فيها منذ 18 عاماً، وخلال هذه السنوات تفرغت مدة طويلة لأطفالي الذين أغنوا حياتي، بعد عودتي إلى العمل أسعدني أن كلفت بتصميم وتنفيذ ديكورات لمسرح الأطفال في "قصر الثقافة" بإمارة "الشارقة". وبدعوة من "مؤسسة الشارقة للفنون" قدمت العديد من ورشات العمل الفنية، وكان من بينها ورشات لذوي الاحتياجات الخاصة الذين أغنوا تجربتي الحياتية، وبدعوة من المجلس الأعلى للطفل قدمت الكثير من الورشات الفنية ضمن ملتقى الأطفال العرب. صحيح أن المسافة بعيدة بيني وبين الوطن، لكنه لم يفارقني لحظة واحدة، وكل خطوة نحو النجاح هي هدية له، ويكفيني فخراً أن سوريتي هي هويتي، وفي أي مشاركة أقوم بها أجعل من اسمها زنبقة تحمل راية السلام».

الفنان "سرور علواني" المحاضر الجامعي، ورئيس مكتب الثقافة والإعلام في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، قال: «"خلود خويص" اسم بدأ يظهر في المشهد الفني السوري بحضور مميز لما تملكه من مهارة وخبرة وتقنيات مختلفة، تمكنها من الخوض في إنتاج أعمال تجعلنا نقف أمامها ونشعر بمتعة مشاهدة أعمالها ذات المواضيع المختلفة والتقنيات المبدعة، وكي نكتشف أعمالها أكثر، لا بد من مشاهدة معرض تختصر تجربتها ورؤيتها في إنتاج إبداع يعبر عن حقيقة رغباتها في صنع فرح حقيقي لعين مشاهدي أعمالها. "خلود" انطلاقة لمخزون كبير من الأشكال والألوان يكفل ديمومة تقدير هذا الاسم في التشكيل السوري المعاصر».