تصمّم "نسرين الحسين" في تجربتها مع الحبر "الباستيل الحواري" والزيتي، أن تكون هي في كل التفاصيل، رؤيتها أن حقيقتنا هي الأجدر لنسدلها على العمل، كي يبقى الفنّ وسيلتها في التعبير.

بين الرسم وتصميم الإكسسوارات -هوايتها المرافقة للفن- تحدثت "نسرين" عبر مدونة وطن "eSyria"، بتاريخ 19 آذار 2017، قائلة: «في حياتها تعيش المرأة بين خيارات متعددة، لكن خيار الفن حالة طبيعية بالنسبة للمرأة، وقريبة منها جداً، فتجد ذوقها الفني بادياً بطريقة لا شعورية على زيها ومنزلها وسلوكها اللطيف، كل هذه التفاصيل تحكي عنها، لكنها عندما تتجرأ لتتعامل مع اللون والقماش، فهي هنا في خطوة خلاقة، لأنني كامرأة أعرف حساسية المرأة تجاه اللون والمنحنيات والخطوط التي تجعلني في عالم مختلف وعميق، لكونه يلامس حقيقتي وتفاصيل ذاتية لا يتسع لها إلا اللون، ولا يمكن التعبير عنها إلا بضربات الريشة.

متهمة بأنني امرأة خريفية، وذلك بسبب تعلقي بباقة الألوان الترابية، لكن هذا بالنسبة لي خيار يتناغم مع رؤيتي لإسدال الحقيقة الذاتية على العمل، وإن كانت ألواني تقود إلى الخريف، فهناك معانٍ كثيرة تسير مع اللون، توقد شعلة الأمل، فإن كان الخريف سقوط ورقة، فهو مؤشر لبداية قادمة حاولت أن تكون واضحة حتى وإن كانت حلماً، فمع هذا الحلم، أستمد طاقة جديدة، تدفعني إلى تكرار التجربة، والمشاركة في معارض جماعية، وهي مشاركات محببة لدي، مع استعدادي لمعرضي الفردي الذي ستكون المرأة عنوانه الأهم، وسأحمله إجابات عن أسئلة كثيرة عن علاقتي مع الفن وحلمي الذي يوصف بالمتطرف، لكنه كان وسيبقى خلف ضربات الريشة التي تثبت عشقي للفن وانسياقي إليه

هذا الموضوع بالذات؛ كان سبب ارتباطي بالفن وعودتي على الرغم من الانقطاع لفترات؛ فالفن هنا خيار ورؤية أتصور أنها قادرة على امتلاك خاصية التعبير والمحاكاة لأي تفصيل، ولم أقف عند نفسي، بل حاولت نقل قناعتي إلى بناتي الثلاث، ليمتلكن هذه الموهبة، لكونها النافذة التي تخرج الروح من الانقياد للضغوط، وتستخلص شحنة الكسل، لتتحول إلى مسارات جديدة حيوية من دون أثقال، وهذا كان عنوان بعض أعمالي الزيتية، التي كانت الطبيعة بألوانها محورها، وفضاء رحب حفزني على طبع جزء من حقيقتي باللون على القماش، لأنني أثق أن الفن يتسع لهذه الحقيقة، بل أكثر من هذا، فعندما أرسم، أرسم ذاتي».

من أعمالها

تضيف "نسرين": «في تجربتي مع الحبر، حاورت نفسي، وخلقتْ لي فسحة التضاد بين اللونين، سعة ورحابة، جعلت لانسياب الخط رقة وشفافية، تقتنص أجزاء من وجع، من نتف ذاكرة. على هذا الورق، درست من المواقف ما غصت به الذاكرة، وبحثت فيها عن منطق التوازن والاستقرار للروح، هذه التجربة كانت أكبر -إلى حدّ ما- من تعاملي مع الزيتي، وكانت هذه الأعمال أغلفة لكتب وإهداءات أعتزّ بها، وارتبطت بحالات معينة تركت آثارها على حياتي ووسائلي في التعبير وتطوير هذه المهارة.

وعلى ذات الفكرة، أختبر اليوم "الباستيل الحواري"، إضافة إلى فضاءات اللون التي أعالجها باليد، وهي طريقة اختلفت بالتقنية عن المعتاد، لكنها بالنسبة لي تجربة أولية أعالجها بطريقة استكشاف مكامنها بلا توقعات للنتائج، وحالة البحث عن طريقة لتثبيت اللون وإطالة عمر هذه اللوحة قدر الممكن، إلى جانب اهتمامي الكبير بالإكسسوار الذي يميل بي إلى حالة الأنثى وتماهيها مع اللون، وما تعني لها هذه التفاصيل التي تضاف إلى زيّها وتكمله بما يرضي شغفها بجمال الإطلالة وتناغم اللون».

من أعمالها بالحبر

على الرغم من ميولها إلى ألوان الخريف، تبقي "نسرين" على شعلة الأمل التي تُضيف إلى حضورها انسيابية الخطوط، وتقول: «متهمة بأنني امرأة خريفية، وذلك بسبب تعلقي بباقة الألوان الترابية، لكن هذا بالنسبة لي خيار يتناغم مع رؤيتي لإسدال الحقيقة الذاتية على العمل، وإن كانت ألواني تقود إلى الخريف، فهناك معانٍ كثيرة تسير مع اللون، توقد شعلة الأمل، فإن كان الخريف سقوط ورقة، فهو مؤشر لبداية قادمة حاولت أن تكون واضحة حتى وإن كانت حلماً، فمع هذا الحلم، أستمد طاقة جديدة، تدفعني إلى تكرار التجربة، والمشاركة في معارض جماعية، وهي مشاركات محببة لدي، مع استعدادي لمعرضي الفردي الذي ستكون المرأة عنوانه الأهم، وسأحمله إجابات عن أسئلة كثيرة عن علاقتي مع الفن وحلمي الذي يوصف بالمتطرف، لكنه كان وسيبقى خلف ضربات الريشة التي تثبت عشقي للفن وانسياقي إليه».

من متابعته لحلمها الفني، وما ثبتت باللون والحبر، يتحدث الفنان "نبيه بلان" عن تلميذته، ويقول: «كانت طالبتي في معهد الفنون، ولم تكن موهبتها كامنة، بالعكس اتضحت ملامح فنية تنمّ عن تعلق كبير، فهي جريئة واثقة من تمكنها، لتضع بصمتها بدقة وثبات يوضحان شفافية وحسّاً لطيفاً، وعلى الرغم من الظروف والانقطاع لفترات، عادت لتتابع موهبتها بصمت وهدوء وتعبير قوي عن الذات، وهذه ميزتها، فهي ترسم إيحاء ذاتياً لذاتها وتفاصيل خاصة، ولها تجربة جميلة مع البورتريه والزيتي. كما أنها أجادت في الحبر وكانت تجاربها معبرة طامحة حالمة، ليصبح الحبر تقنية خلاقة، دعمت مسيرة بحثها الفني عن هوية ومكان واضح.

الفنان نبيه بلان

تتفاعل مع التجربة، وتترك لروحها حرية الخيار، فبعد الحبر، كان "الباستيل الحواري"، وقد اطلعت على أعمال مميزة لها، عالجت فيها الطبيعة، وتابعت كما فعلت مع الزيتي تكريس حالة الاندماج مع الطبيعة البكر وجمالها الفاتن للروح، أتوقع أن خطواتها الثابتة تسير إلى مستقبل أجمل، تجسد به شخصيتها الحقيقية والشفافة بكل المقاييس، وفي معرضها القادم ستنجز إضافة وقيمة جديدة إلى ما سبق».

يذكر أنّ "نسرين الحسين" من مواليد "المزرعة" عام 1977، متزوجة ولديها ثلاث بنات موهوبات فنياً، وهي خريجة معهد الفنون في "السويداء"، وطالبة ترجمة في سنواتها الأخيرة، لها عدد من المشاركات الجماعية، وتحضّر لمعرضها الفني القادم.