تميّزت الفنانة "غدير الحموي"، بالعمل على فكرة اللوحة وحرارة اللون، معتبرة أن ذلك يجعل روح اللوحة تصل بشكل مباشر للمتلقي، فيبدو المشهد المرسوم أقرب للواقع وأكثر تجسيداً للجمال.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "غدير الحموي" بتاريخ 12 آذار 2017، فتحدثت عن سبب عملها على المساحات اللونية بالقول: «أعمل على المساحات اللونية لأنها تغني العمل الفني من ناحية التكوين والعناصر، كما أنها تلعب دوراً مهماً في توضيح الكتل والفراغات في اللوحة؛ وهو ما يعطي المتلقي مشهداً أقرب إلى الواقع، كما أنني أرسم اللوحات باعتمادي الفراغ البصري، حيث تبدو المساحات اللونية عن بعد مترابطة بشكل أدق وأجمل، وهذا واضح في أعمالي، كما في لوحات: "الطبيعة الصامتة"، و"الصمت الفوضوي"، و"المقهى"، و"الحكواتي"، حيث اعتمدت ثنائية الكتلة؛ لأن ذلك يحرر الفكر ويجعل الأفكار تبدو غير متناهية في العمل؛ وهذا يجعل العمل على المساحات اللونية أكثر تحرراً وإبداعاً».

الفنّ يجب أن يخدم قضية من قضايا المجتمع؛ لأن الفنان يعتمد قضية ويعمل عليها، ورسالته هي حل القضايا العالقة، مثل: قضية الحرية، قضية الانتماء، قضية التردد... إلى آخره. فالفنان يحرك الرأي العام عبر لوحاته، وأنا أرى أن الفنان يجب أن يقدم رسالة عبر مجموع لوحاته، وهذه الرسالة يجب أن تخدم الحق والجمال، وإن كان الثمن هو الخروج عن التقليد، فالفن هو كل محاولة لجلب الحياة والفرح عبر الخط واللون

وتضيف: «بدأت عملي الفني مع المدرسة الواقعية؛ لأنني أعلم أن الفن بدأ بالأساس واقعياً، ولأنها مدرسة تعطي النسب الصحيحة لأي تكوين فني بالحياة، كما أن أغلب الفنانين بدؤوا مع المدرسة الواقعية. ثم انتقلت في أعمالي إلى المدرسة الانطباعية؛ لأنها تعطي ألواناً صريحة، وتحلل الطيف اللوني والمساحات والكتل في العمل الفني، وما زلت أؤمن بهذه المدرسة. وقد استفدت من مدرسة الفنان الفرنسي "بول سيزان"؛ وهذا ما جعلني أتعامل بطريقة أفضل مع مستويات اللوحة، وأعطيها عمقاً يغذيها بالبعد الثالث الذي يحرر الخيال لدى المشاهد للعمل الفني، وتجربتي الفنية تطورت بعد الاجتهاد الشخصي على الأعمال وكثرة الأعمال عبر البعد الثالث والألوان، لأن التكوين أصبح أكثر تماسكاً، وأصبحت النسب في الرسم قريبة من النسبة الذهبية؛ وهي رقم تصاعدي في الإجادة والإبداع الفني».

الفنانة ميساء شيا على يسار الفنانة غدير الحموي

وعن اعتمادها على الخامات الزيتية والإكليريك أكثر من بقية المواد في أعمالها، تؤكد: «تعاملت مع اللون الزيتي والإكليريك لأنه يسرّع أداء العمل، ويوفر الحرية في التعبير عن الفكرة بطريقة أفضل، كما أنني اعتمدت في الألوان الزيتية اللون الحار، وظهر في أعمالي اللون الأزرق أكثر من بقية الألوان؛ لأنه لون نوراني ودرجاته كثيرة، وهذا لا يعني عدم استخدامي للألوان الباردة إذا كان استخدامها يخدم الموضوع المرسوم، لكن الألون الحارة هي الطاغية.

كما أنني استخدمت الخط الأسود لأنه يعطي جمالية للوحة، وهو موجود في أغلب لوحاتي، خاصة أنها من الحجم الكبير، وذلك بكل أدوات الفنان من الريشة إلى السكين إلى استخدام اليد».

لوحة فوضى الحياة

وعن القول إن هناك ثورة لونية في لوحاتها، تقول: «الثورة اللونية في لوحاتي تتجلى باعتمادي الألوان في التعبير، وذلك لأنني أعدّ اللون هو الأقدر على التعبير عن موضوع اللوحة، لأنه يقدم موضوعها بطريقة جيدة؛ لذلك ترى المزيج اللوني في أعمالي صارخاً إلى حدّ بعيد وكبير، وهذا مبدأ من مبادئ الحرية الفنية، وأهم ما فيه أنه يجعل المتلقي مشدوداً أكثر إلى اللوحة والموضوع، مع أنني لا أغفل صناعة بعض الفراغات الخالية من اللون، وذلك لبيان التضاد في العمل، وجعل التميز واضحاً بين وضوح اللون وثورته وغيابه بذات الوقت».

وعن جوهر الفنّ ورسالته بنظرها، تقول: «الفنّ يجب أن يخدم قضية من قضايا المجتمع؛ لأن الفنان يعتمد قضية ويعمل عليها، ورسالته هي حل القضايا العالقة، مثل: قضية الحرية، قضية الانتماء، قضية التردد... إلى آخره. فالفنان يحرك الرأي العام عبر لوحاته، وأنا أرى أن الفنان يجب أن يقدم رسالة عبر مجموع لوحاته، وهذه الرسالة يجب أن تخدم الحق والجمال، وإن كان الثمن هو الخروج عن التقليد، فالفن هو كل محاولة لجلب الحياة والفرح عبر الخط واللون».

لوحة غياب الحكواتي

وفي قراءة للفنانة "ميساء شيا" من مدينة "السويداء" للوحات الفنانة "الحموي"، تقول: «من يرى أعمال "غدير"، يعرف أنه أمام تجربة فنية جديدة، حيث نرى في أعمالها التطرق إلى الطبيعة الصامتة وإضفاء طابع الحركة، فليس لديها سكونية، بل نرى مبدأ الحركة وذبذبة اللون، وتوزيع الإضاءة، واستخدام الألوان الحارة حتى في الظل، كما أن لديها حرارة في التكوينات الهرمية. و"غدير" تتميز بالعمق في أعمالها الفنية، ونرى ذلك في التركيز على مركز الضوء، ووجود تماوج وارتداد باللون في لوحاتها، وهي بالنهاية فنانة متميزة وخاصة بأنها تستطيع زرع الفرح في أعمالها؛ لينعكس ذلك على من يشاهد تلك الأعمال».

يذكر أنّ الفنانة من مواليد مدينة "دمشق"، عام 1987، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة عام 2016، قسم الرسم والتصوير، ولديها معرض في كلية الفنون الجميلة في "السويداء"، وهي عضو في اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين.