تعدّ "الهولية" أو ما يسمى "الحبل المودع" من الفنون الشعبية والدبكات المميزة في "جبل العرب"، ولها ألحان وأشعار وأوزان خاصة بها وإيقاعات متنوعة، وهي تنمّ عن علاقة أسرية مميزة.

حول تعريف "الهولية" ومعناها وأوزانها، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 3 أيلول 2016، التقت الباحث التراثي "محمد جابر" صاحب كتاب "من الشعر العامي في جبل العرب"، الذي بيّن قائلاً: «"الهولية" نمط غنائي، زخرفي خفيف مزّين بهالة من أشكال ومعانٍ وألفاظ وألحان، ورقص جماعي دائري. وهي من الزجل المحرف إلى أبعد الحدود، ومعناها "التهاويل" زينة النقوش والحلي، واحدها "تهويل". ورجل "هولول" خفيف، و"الهولة" التزيين، و"هولت" المرأة تزينت، و"الهالة" دارة القمر. ومن المعروف في "الهولية" أن المغنّين والراقصين يتخذون شكل دائرة تدور بعكس عقارب الساعة أثناء غنائها جماعياً، بخطوتين باتجاه اليمين، وخطوة باتجاه الشمال، إذاً هي أغنية مزينة بهالة من الكلمات الخفيفة والرقص الرشيق في دائرة مزخرفة بإيقاع يتسم بالمدّ والجزر خلال تموجات متتالية.

تتفرع "الهولية" إلى "حبل المودع"، وهي دائرة كاملة من رجال ونساء تكون منظمة بترتيب (رجل، امرأة) على طول محيط الدائرة، ثانياً "العرجة" مؤلفة من دائرة كاملة من الرجال فقط، ثالثاً "الغز أو الزرعية" مؤلفة من صفين صغيرين متقابلين، يكون الرقص فيها متقارباً ومتباعداً بتموجات يحكمها المدّ والجزر، وعادةً يكون واحد من الرجال وواحدة من النساء. رابعاً "العسكرية" مؤلفة من اثنين في الأمام، واثنين في الخلف يدورون بعكس عقارب الساعة في مدّ وجزر أيضاً، وقد تكون من رجال أو نساء فقط، أو من اثنين من الرجال، واثنتين من النساء

أما وزنها، فهو على مجزوء المنسرح (مستفعلن مفعولن)، وعلى مجزوء الرجز (مستفعلن مستفعلن)، وعلى مجزوء المتدارك (فعلن فعلن فعلن)، أو (فاعلن فعلن)؛ أي على تفعيلين، وقد تأتي (فعلن) شاذة على فعل أو فعٌ؛ وهو خروج عن القاعدة، وكثيراً ما نجد خروج تفعيلاتها عن الأصول».

الباحث محمد جابر

وعن بنائها، تابع الباحث "محمد جابر" بالقول: «لا قاعدة ولا قانون يضبط الهولية في الشكل أو الوزن؛ فقد تكون ثنائية، أو ثلاثية، أو رباعية. وإذا كانت رباعية، فقد نجد القوافي الثلاث الأولى متفقة في حرف الروي، بينما تكون الرابعة مخالفة، وقد تكون الثالثة، ثم تختلف القوافي. ومن حيث المضمون، فقلّما نجد مقطوعة بمعانٍ مترابطة تمثل وحدة متكاملة، وأغلب الأحيان تكون مجهولة القائل، بل إن أكثرها من التراث، وربما يكون بعضها لأكثر من قائل، حيث يجد الناس مقطعاً فيضيفون إليه؛ لذا نرى أن الكثير منها أقرب ما يكون إلى "الطقطوقة"، أو ما يمكن تسميته الفن الملحق بالشعر العامي. وما يميز "الهولية" التكرار، وإعادة الشطر أو المصراع، أو المفردة أثناء الغناء، وكثيراً ما ينتقل القائل من مقطع إلى آخر ليبدأ من حيث انتهى؛ فنراه يعيد الجملة أو المفردة الأخيرة ويبدأ بها من جديد، إضافة إلى وجود كلمات وقوافٍ زائدة ومكررة».

وأشار الباحث "جابر" إلى أن لـ"الهولية" أكثر من لحن وإيقاع، قائلاً: «تتفرع "الهولية" إلى "حبل المودع"، وهي دائرة كاملة من رجال ونساء تكون منظمة بترتيب (رجل، امرأة) على طول محيط الدائرة، ثانياً "العرجة" مؤلفة من دائرة كاملة من الرجال فقط، ثالثاً "الغز أو الزرعية" مؤلفة من صفين صغيرين متقابلين، يكون الرقص فيها متقارباً ومتباعداً بتموجات يحكمها المدّ والجزر، وعادةً يكون واحد من الرجال وواحدة من النساء. رابعاً "العسكرية" مؤلفة من اثنين في الأمام، واثنين في الخلف يدورون بعكس عقارب الساعة في مدّ وجزر أيضاً، وقد تكون من رجال أو نساء فقط، أو من اثنين من الرجال، واثنتين من النساء».

من أنماط دبكة الهولية

الشاعرة "ربيعة غانم" مسؤولة التراث في مديرية الثقافة بـ"السويداء"، بيّنت قائلة: «تدخل "الهولية" ضمن الفن الزجلي الشبابي التزييني الراقص، متعدد الألحان والإيقاعات، بأنفاس صاعدة نازلة وروحية، ولها خصوصية في استساغة مذاقها المميز من دون ضابط أو قاعدة، خفيف رشيق، ممتع وجميل، منها على سبيل المثال:

"لاكتب ورق وارسل لك... يا اللي مفارق خلك

الشاعرة ربيعة غانم

بي ديــرتك بـعد وجـــفا... بي ديرتي أحسن لك

بي ديــرتي بترتاحــي... يــا بـو عيون ملاحي

عقلي شرد وراحــي... مـن شـوفتي أمــس لك"

هذه "الهولية" التي يرددها أهالي "جبل العرب" منذ مئات السنين، وهي مجهولة القائل، ولكنها لا تزال إلى يومنا حاضرة في المناسبات والأفراح».