الوحدات الهندسية من الدائرة والمربع والمثلث ضمن التشكيل المترابط، هو أهم السمات التي تميز لوحات الفنانة "سوسن أبو فراج"، التي ترى أن البناء المعماري للّوحة يعطي مدلولات من الانعتاق والتحرّر والتفكير بعالم آخر.

مدوّنة وطن "eSyria" التقت الفنانة "أبو فراج"، بتاريخ 8 آب 2016، فتحدثت عن سبب اعتمادها الوحدات الهندسية في طرح الموضوع المرسوم، وتقول: «اعتمدت الأشكال الهندسية في بناء اللوحة، لأن هذه الأشكال تتضمن ظلال أشخاصٍ، وأنا أعدّ ظلّ الشخص أهمّ من الشخص نفسه، فالهمس برأيي أهم من الكلام، ولأن هذا الاعتماد يعطي إيحاء غير معلنٍ لتشكيل حياتنا الحقيقية، وهنا تكمن العلاقة التكاملية بين الأشياء، كما أن هذا يعطي كسراً في أعمالي لنظرية الخطوط المنحنية من خلال القطوع الحادة التي تشكلها الوحدات الهندسية؛ وهذا ما يطرح بقوة إشكالية الحياة والتضاد فيها، فيبرز الجمال بألوان متعددة».

لقد تعاملت مع كل الألوان، لكن اعتمادي على الألوان الزيتية والإكليريك أعطاني مساحة أكبر للتعبير، فنرى أن النهايات في اللوحة مفتوحة، لذلك تمتلك اللوحة موضوعاً قوياً، وتستطيع أن تخرج بصيغة لونية قوية؛ وهذا يقدم قيمة للوحة بعد أن تقوم بعمل "تهشيرات" فنية تعطي قيماً لونية بمختلف الدرجات حتى الوصول إلى مرحلة التبسيط أو التحوير لخلق علاقة بين هذه الألوان، كما أن تداخل الألوان في الزيتي والإكليريك يعطي أكثر من ثلاثة أبعاد

وعن المدارس الفنية التي تعتمدها في لوحاتها، تتابع: «لقد عملت بأسلوب عدة مدارس؛ فترى في بعض لوحاتي المدرسة الانطباعية التي ظهرت في لوحات الطبيعة، حيث ترى الضربات القوية للسكين، والضوء والألوان الأساسية، كما في أسلوب المدرستين التعبيرية والتجريدية؛ فالتعبيري يعطي المخزون الداخلي والفكرة التي يريد الفنان التعبير عنها وتفريغها بطريقة خاصة، والتجريد يقدم حالة من التحرر الكلي من الواقع، حيث يصبح الخط واللون والوحدات الهندسية والمفردات البصرية هي من تشكيل اللوحة؛ فالتجريد يحرر الفنان من الأشياء الواقعية، والانتقال إلى العمل على الحالة النفسية أو المضمونيات؛ وهذا يجعل العمل الفني أكثر رحابة؛ لأن اللون يصبح هو الحالة، والخط هو التحديد، وهذا أساس التكوين باللوحة التجريدية».

الفنانة ميسون علم الدين

وعن اعتمادها الألوان الزيتية والإكليريك في رسم لوحاتها، تقول: «لقد تعاملت مع كل الألوان، لكن اعتمادي على الألوان الزيتية والإكليريك أعطاني مساحة أكبر للتعبير، فنرى أن النهايات في اللوحة مفتوحة، لذلك تمتلك اللوحة موضوعاً قوياً، وتستطيع أن تخرج بصيغة لونية قوية؛ وهذا يقدم قيمة للوحة بعد أن تقوم بعمل "تهشيرات" فنية تعطي قيماً لونية بمختلف الدرجات حتى الوصول إلى مرحلة التبسيط أو التحوير لخلق علاقة بين هذه الألوان، كما أن تداخل الألوان في الزيتي والإكليريك يعطي أكثر من ثلاثة أبعاد».

وعن جمالية اللوحة في أعمالها، تقول: «جمال اللوحة مسألة نسبية؛ لأن هذا مرتبط بالحالة التي تقوم برسمها، وهناك ظروف وشروط في كل عمل فني؛ لأن العمل برأيي لغة بصرية، فاللوحة يجب أن تطرح شروط الجمال من خلال اللون والخط والتكوين؛ لأن هذه الشروط هي التي تحدد بنائية اللوحة، فمقياس الجمال نسبي، ومقياس الجمال في لوحتي هو اللون، فالموضوع لدي يعتمد اللون؛ لأنه يوحي بمفردة كل لوحة، واللون يصل بسرعة أكبر من الخط؛ فهو يعطي القوة للحالة التي نعيشها ونريد التعبير عنها، فالخط ابتكر للتحديد، لكن حقيقة الوجود هي اللون، فاللون هو الحكاية».

لوحة يوميات مدينة

وعن علاقتها باللوحة، تتابع: «علاقتي باللوحة علاقة ندية، والحوار عندي هو الأساس، فمن الممكن أن أبدأ لوحتي بفكرة، وبعد حوار معها قد أنتهي بفكرة أخرى، وهنا نرى العلاقة التي يجب أن يبني عليها الفنان فكرته، وهذا لا يأتي عن عبث، بل هو بحاجة إلى تراكم الخبرات وزيادة المخزون الفني، فالعلاقة مع اللوحة برأيي تبادلية، وأحياناً تكاملية؛ وهذا ما تناولته في أغلب لوحتي، من عملي في اللوحات التي جسدت فيها "موديل" المرأة العالمي، إلى عملي على لوحات الطبيعة والحارات الدمشقية، والوجوه الإنسانية التي كانت تعنيني كثيراً؛ لأن الوجه في الفن هو الأكثر وضوحاً، فنرى أن الوجوه هي الأكثر تعبيراً عن قصص أصحابها، فنرى مثلاً بعض الناس يمتلكون وجوهاً شمعية، وهي وجوه خالية الملامح، بينما هناك وجوه تعبر عن عمق يقصّ لك حكاية مجتمع، وأنا لدي عدد كبير من اللوحات، وقد وصل عددها إلى ألف لوحة، وقد استخدمت فيها أغلب أدوات الفنان من الفرشاة والسكين إلى المسمار واليد».

عن جوهر رسالة الفن، تقول: «الفن كالأدب والشعر، فهو شيء يراد منه صقل وتهذيب المجتمع؛ لأن الفن يمثل الترفع عن الأشياء المادية، كما أنه يساهم في زرع قيمة الجمال داخل الإنسان، وهذا الجمال هو الخير، فالشخص الخيّر يحسّ بالجمال ويقرؤه؛ وهذا يمثل حالة توازن في الحياة الإنسانية، فالفن برأيي رسالة توثق هوية وانتماء الإنسانية، وخاصة أن أغلب الناس يعيشون حالة فصام حول ما هم عليه، وما يجب أن يكونوا عليه، فالفن بالنهاية هو من يغير ويؤثر في الارتقاء الإنساني، ولكن الفن أيضاً بحاجة إلى نضوج فكري ونفسي، وتوازن عاطفي».

الفنانة "ميسون علم الدين" من مدينة "السويداء"، تحدثت عن الفنانة بالقول: «أعمال الفنانة "سوسن" لها طابع خاص وبصمة خاصة، فنرى في لوحاتها أكثر من حالة، وهي تعمل في لوحاتها على الإنسان الذي يعدّ العنصر الأساسي للحضارة والبناء، وهي تستخدم في لوحاتها أكثر من حالة، كما أنها تعتمد اللون لأنها تعدّه العنصر الأساسي الذي يعبر عن القيمة الإنسانية، لذلك كان اللون في لوحاتها هو الحياة، وهذا يجعلنا نرى اللون لديها بمفهوم فلسفي، ويلاحظ في أعمالها الخطوط الهندسية التي تحاكي الموضوع المرسوم ببراعة؛ وهذا ما يدلك كمشاهد على معانٍ أقرب إلى الحوار الأزلي مع الفن، وفي أعمالها نرى قوة اللون والزوايا الحادة، وهذا ما يخرج من رحم القماش مواضيع فنية قوية، وأنا قد عرفتها كصديقة لا تكلّ ولا تملّ من العمل، وعرفتها كزميلة لا تملّ من البحث في الأفق الذي لا ينتهي عن فكرة جديدة لم تطرح سابقاً، كما أنها فنانة صادقة بالتعامل، وتملك ذوقاً فنياً رفيعاً، وتحترم تفاصيل حياتها مع الآخرين».

يذكر أن، الفنانة "سوسن أبو فراج"، من مواليد 1962، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة، قسم الاتصالات البصرية عام 1984، جامعة "دمشق"، وحاصلة على دبلوم في كلية الفنون، كما أنها خريجة كلية الفلسفة، جامعة "دمشق"، عام 1997، وهي متزوجة ولديها ولدان: "شذى، وعمر"، ولديها معرضان فرديان والكثير من المعارض المشتركة الثنائية والثلاثية.