تعاملت "مياسة غانم" مع موهبتها بمقاسات المتدرب والباحث عن احترافية اللقطة البصرية لتطبعها بالزيتي والمائي على جدار قماش لوحتها.

فبعد سنوات حلمت فيها بارتياد كلية الفنون الجميلة يقف الواقع عاجزاً عن تحقيق الحلم الذي تفاعل بصورة أخرى حاولت مدونة وطن "eSyria" التعريف به وبتجربتها من خلال حوار مع الفنانة بتاريخ 27 أيار 2016، لتحدثنا عن البدايات: «لفت أخي انتباهي إلى أن ما رسمته في طفولتي كان جديراً بالاهتمام، وعليّ المتابعة، لأنني كنت مع الورقة القلم أنسى الواقع وأحاول أن تكون لي تجارب بالرصاص واللون مع أي سكون، وتابعت الدراسة على أمل الانتساب إلى كلية الفنون الجميلة لأحصل على الشهادة الثانوية ثلاث مرات وأتقدم لثلاث مسابقات، لكن الحظ لم يحالفني لأسباب ارتبطت بتلك المرحلة، وفكرة انتقاء الطلبة التي لم تكن من وجهة نظري منصفة.

تجربة الفنانة "مياسة" تستحق المشاهدة والاحترام؛ فهي ترسم وتصور بالأسلوب الواقعي، وتختار مشاهدها من عناصر واقعية، ثم تضفي عليها من حسها وتقنيتها المتينة. وهذه بداية مهمة لكل فنان يطمح بدراسة ورسم المواضيع بتقنية أكاديمية تكون مقدمة للبحث عن أسلوبه الخاص الذي يميزه، وأتوقع أن هناك مستقبلاً واعداً بانتظارها بناء على اطلاعي على تجربتها، فهي تختار مواضيع متعددة تنتقل بين المرأة والمنظر الطبيعي والمشهد المنقول ومناظر الورود ورسم الأشخاص، وهذا إلى حد ما وفي مرحلة ما مفيد، حيث يتلمس قارئ أعمالها تعبيرية واقعية وتقنية تستحق المشاهدة، فوحدة الأسلوب وانتقاء المواضيع سيزيدها ألقاً ويعزز بحثها الدائم عن الجديد والمتميز

لألتحق بعدها بمعهد طبي مخبري وأهتدي في النهاية إلى دراسة الفن في معهد "أدهم إسماعيل" وأحصل على فرصة التدرب ودخول المجال الذي أحببت، ليتابعني الأستاذ "نزار عليوي"، وقد تمكنت بفضل تشجيعه من إنتاج أعمال مميزة أصبحت اليوم من مقتنيات فنانين ومتخصصين في هذا المجال.

من أعمالها

لكن بقيت نتائج عدم الالتحاق بالكلية واضحة على تجربتي لكوني ارتبطت بالعمل الوظيفي، وبات الوقت أضيق من المعتاد، ومع ذلك عملت على أن تتطور موهبتي؛ فمع الرسم أتنفس هواءً جديداً وأحلم خارج أطر القيد اليومي الرتيب».

اختبار المدارس الفنية قادها إلى واقعية كانت الأقرب إلى ملامح أعمالها، لتبحث في إتقان واحترافية اللقطة، ووفق قولها الرؤية البصرية الدقيقة وامتلاك اللقطة خطوة أولى للواقعية: «عملت على تجارب تحمل طابع مدارس فنية مختلفة لمدة مؤقتة؛ لكن الواقعية بقيت الأكثر قرباً إلى روحي، ولأنني اختبرت الرسم شعرت بالحاجة إلى تطوير رؤيتي البصرية، وكان التصوير وسيلتي، حيث التحقت بدورات متخصصة ليس لغاية التصوير كموهبة، بل لقناعتي بأن الرؤية البصرية الدقيقة والواضحة قادرة على إنتاج عمل واقعي يحترم عين الناظر وميسر للقراءة والفهم.

الفنان نشأت الحلبي

هذه الدورات لم تأخذني كثيراً إلى التصوير الفوتوغرافي، وكان نتاجها مشاركات في معارض مشتركة جعلتني أتفاعل مع مكونات اللقطة ومقاييسها، واستطعت التعايش مع فكرة أن هذه اللقطة هي مشروع عمل واقعي يتكامل مع فكرتي في اتباع المدرسة الواقعية التي هي بالمجمل نتاج عملي الفني الذي كوّن رصيداً جيداً، لكن لغاية اليوم أدخله بخانة التدرب وعشق للواقعية التي تفصح بأبعادها عن روح إنسانية راقية يمكن للفن التعبير عنها بمنظومة لونية خاصة به تنسجم مع رؤيته ومشروعه الفني الخاص.

بين المرأة والتراث تقاطعات حملتها صور حقيقية تنطلق من روح المرأة المرهفة العاشقة للانطلاق والعمل؛ كما أضافت بالقول: «للمرأة بالحالة الاجتماعية والتراثية ظهور صريح في أعمالي، ولروحها القادرة على تجاوز متاعب الحياة والعمل والإنتاج حضور قوي ينبع من معاناة عايشتها مع نساء مجتمعي وقاربت بين رقتها كراقصة باليه حملت من رقة اللحن ما حرك جسدها، وبين وجودها كأم وسيدة قاسمت الرجل الهمّ والعناء، وأحياناً كانت حصتها أكبر، وهنا لا أفصل معاناتي عن معاناة نساء كثر عشقن الحياة، وتلونَ بفعل وجعهن بألوان التميز.

من أعمالها أيضاً

ونقلت صوراً من الحياة القديمة ولقطات طبيعية وتفاصيل عن المرأة بزيها الجميل، وقدمتها من خلال مشاركات في عدد من المعارض في "دمشق" وعلى مستوى المحافظة، وقد كان لي نصيب أن يكون لهذه الأعمال انتشار جيد.

اليوم أعدّ لمشروعي الخاص بمعرض فردي أسّست فكرته الروحية التي ارتبطت بقصة النبي "يوسف" وما ارتسم بداخلي من تفاصيل أرغب بالتعبير عنها، وهذا المشروع ظهرت ملامحه الأولى، وأستعين بأساتذتي لتكون النتيجة بالمستوى الفني الجميل، مع العمل على التجربة الواقعية والعلم بما تلقيه علينا الظروف الحالية من صعوبات تحرمنا من الخروج المستمر إلى الطبيعة والاستفادة من تكويناتها البصرية الرائعة والمختلفة القادرة على تقديم عناوين مدهشة للفنان على مختلف الصعد».

الفنان النحات "نشأت الحلبي" اطلع على تجربة الفنانة "مياسة" مظهراً أهمية التجربة الواقعية في إعداد فنان متمرس يفرض حضوره على الساحة بالاتكاء على حامل التميز، وقال: «تجربة الفنانة "مياسة" تستحق المشاهدة والاحترام؛ فهي ترسم وتصور بالأسلوب الواقعي، وتختار مشاهدها من عناصر واقعية، ثم تضفي عليها من حسها وتقنيتها المتينة.

وهذه بداية مهمة لكل فنان يطمح بدراسة ورسم المواضيع بتقنية أكاديمية تكون مقدمة للبحث عن أسلوبه الخاص الذي يميزه، وأتوقع أن هناك مستقبلاً واعداً بانتظارها بناء على اطلاعي على تجربتها، فهي تختار مواضيع متعددة تنتقل بين المرأة والمنظر الطبيعي والمشهد المنقول ومناظر الورود ورسم الأشخاص، وهذا إلى حد ما وفي مرحلة ما مفيد، حيث يتلمس قارئ أعمالها تعبيرية واقعية وتقنية تستحق المشاهدة، فوحدة الأسلوب وانتقاء المواضيع سيزيدها ألقاً ويعزز بحثها الدائم عن الجديد والمتميز».

الجدير بالذكر، أن الفنانة من مواليد قرية "مفعلة" 1973، خريجة معهد طبي مخبري، وطالبة في قسم اللغة الفرنسية، لها مجموعة من المشاركات في معارض جماعية وعدة معارض لمصلحة مديرية الصحة، حيث تعمل وتحضر لمعرضها الفردي خلال المرحلة القادمة.