للأنثى في أعمال التشكيلية "مجد مكارم" حكاية، تجسد من خلالها الحزن والفرح بصيغ الرمزية والتعبيرية، وتعطي للوحتها رونقاً خاصاً عبر أسلوب لوني خاص.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 21 شباط 2016، الفنانة "مجد مكارم" في مرسمها بحي "الوحدة"، وحاورتها حول عودتها إلى الفن بعد هذا الانقطاع الطويل، حيث قالت: «العمل الفني يحتاج إلى تفرغ، وطوال السنوات الماضية لم أستطع إيجاد هذا الوقت الخاص بي وسط مسؤوليات بيتي وأسرتي، كنت أستغل أوقات الفراغ في القراءة والمطالعة، وهذا ما كوّن مخزوناً كبيراً بداخلي؛ كان له أثر كبير في عودتي إلى الفن».

لكل لون مقام، وكل لون يرتبط بعلامة موسيقية وبجزء من جسدنا وهالتنا المحيطة، فكل حالة تفرض لوناً معيناً بعمقه وجرأته وهدوئه، المهم في الأمر أن يصل إحساسي مكتملاً إلى المتلقي من خلال العمل

وأضافت: «أحسست بأن شيئاً داخلياً ينتظر الخروج، وهاجساً يدفعني إلى التعبير عما بداخلي من خلال اللون أكثر من النحت؛ علماً أنه اختصاصي في الجامعة، اكتملت الرؤية من خلال قراءاتي وأحببت أن أعبر عنها بأعمالي الخاصة».

من أعمالها الفنية

حملت أعمال الفنانة "مكارم" رسالة المحبة والانعتاق نحو الحرية، حدثتنا عنها: «حاولت التركيز على مفهوم المحبة، المحبة الروحية الصافية هي التي توحدنا مع روح الخالق، ونستطيع من خلالها التحرر من قيودنا والتطلع نحو الحرية، وبالمحبة تكون السعادة ويكون التحرر من الانعتاق الحقيقي، الحياة أبسط بكثير من أن يكون فيها حقد وكراهية».

وتابعت: «رسالة المحبة عبرت عنها من خلالي أنا، أو من خلال المرأة في أعمالي، فكانت هي الطاغية على معظم الأعمال، فأنا أشعر بأن التعبير الذي ينبع من داخلي هو الأصدق والأقوى، في بعض الأعمال لجأت إلى الطبيعة لأن الإنسان لا يستطيع الانفصال عن محيطه، لكن حضور الأنثى كان الأقوى؛ فهي الأقدر على إيصال صوتي وأفكاري بصدق لأنها مرآتي».

عمل جديد

للألوان حكاية جميلة في أعمال "مجد مكارم" فهي وسيلة للتعبير أيضاً، حيث قالت: «لكل لون مقام، وكل لون يرتبط بعلامة موسيقية وبجزء من جسدنا وهالتنا المحيطة، فكل حالة تفرض لوناً معيناً بعمقه وجرأته وهدوئه، المهم في الأمر أن يصل إحساسي مكتملاً إلى المتلقي من خلال العمل».

وعن العلاقة التي تربطها باللوحة، تابعت: «أحب دائماً أن أكون أصدق وأكثر عمقاً مع لوحتي، وأكثر محبة لها، وأحب أن تكون العلاقة بيني وبينها علاقة عشق، تتميز بعمق صوتها الذي يصل إلى الآخرين، وأطمح بأن يصل صوتي الداخلي بعفوية إلى المتلقي».

التعبيرية هي السمة الأبرز لأعمالها، ويعرف عنها بأنها مثابرة وقد استطاعت بزمن قياسي إنجاز العديد من الأعمال، حيث حدثتنا عن هذا الجانب بالقول: «إنجاز الأعمال يكون حسب الحالة الشعورية، ففي الكثير من الأحيان تجتاحني حالة انفعالية شديدة للعمل، فأسعى إلى استثمارها بالكامل، فتراني أسرع في إنجاز العمل خوفاً من فوات الحالة، وفي أحيان أخرى يكون الهدوء هو المسيطر، فتراني أمعن النظر طويلاً في العمل وأضيف إليه، فلكل انفعال طريقة أداء تفرض نفسها».

الفنان والناقد التشكيلي "أديب مخزوم" تحدث عن أعمال الفنانة "مجد مكارم" بالقول: «تقدم التشكيلية "مجد مكارم" العناصر النسائية ومشاهد الطبيعة، بتقنية التلوين الزيتي والأكرليك، وتقترب من الصياغة الواقعية أحياناً، وبالمقابل تتجه في أحيان أخرى نحو إيجاد تأثيرات بصرية تعبيرية مشهدية، تقدم من خلالها حركة الأجساد النسائية بصياغة اختزالية، وهذه الطريقة تضفي على اللوحة نوعاً من الغنائية اللونية والإيقاع البصري الشاعري، وتحول اللوحة إلى اختصارات، حيث تغيب التفاصيل ويتحول الوجه مثلاً إلى مساحات لونية عفوية وتلقائية ومباشرة».

ويضيف: «اطلعت على مجموعة من أعمالها التي نجد فيها حركة راقصة للعناصر النسائية، تقدم خلاصة وثمرة بحثها التشكيلي والتقني، بعيداً عن الصياغة التصويرية الواقعية، وتهتم دائماً في خلق حركة خيال شاعري وغنائي للون العفوي، ضمن صياغة فنية وتقنية مرتبطة بالاتجاه التعبيري الحديث والمعاصر، إلا أن هذا لا يمنعها من إيجاد إيقاعات تشكيلية مختلفة، وفي لوحات أخرى، تقترب من الواقعية أو تبتعد عنها حسب درجة الانفعال، وحسب الموضوع الذي تعالجه، مع طغيان المناخ اللوني على أجواء اللوحة الواحدة، الشيء الذي يبقي لوحاتها في إطار الصياغة العقلانية المركزة، على الرغم من كل ما يمكن أن يقال عن انفعاليتها في بعض لوحاتها، ولا سيما التي تعالج فيها المرأة منفردة أو مجتمعة مع امرأة أخرى، في حركة راقصة ترفع فيها يدها إلى الأعلى، ومع هذا الاقتراب من الهاجس التعبيري اللوني، الذي يختصر الشكل إلى أقصى حد، ويظهر حركة العناصر النسائية الطائرة أو السابحة، فهي تبقى مرتبطة بالواقع».

يشار إلى أن الفنانة "مجد مكارم"، من مواليد "السويداء"، تحمل إجازة في الفنون الجميلة من جامعة "دمشق" اختصاص نحت عام 1996، ودبلوم تأهيل تربوي من الجامعة الافتراضية السورية عام 2008، ومشاركة في العديد من المعارض الجماعية لاتحاد الفنانين التشكيليين في "دمشق" و"السويداء"، وفي معرض جماليات عربية في بيروت عام 2015، وفي معرض "دبي" في مهرجان الفن التشكيلي العربي عام 2015، وفي معرض جماعي في المركز الثقافي العربي في "السويداء" عام 2014، وأقامت معرضين فرديين في "السويداء" عامي 1998 و2014.