تميزت المدرسة والفنانة "ميساء شيا" بإيمانها بالأفق المفتوح للنجاح، وعدم ركونها لاستقرار الحياة، وبرز ذلك في مسيرتها الحياتية التي انتقلت من نجاحها في التدريس إلى نجاحها في الفن.

فالبداية من إخراج درس التربية الفنية من القاعة إلى جدران وسقوف المدرسة، إلى عملها الفني في معارضها الفردية والجماعية التي تنقلت في المحافظات وخارج "سورية"، وصولاً إلى اختيارها لرسم لوحة فنية هي عنوان لفيلم إيراني وهو: "اللوحة الناقصة".

في عام 2005، قمت بزيارة "بيروت"، وحصلت على رخصة للرسم في شارع المعارض، حيث كنت أرسم الوجوه والطبيعة، ولجودة العمل الفني وخاصة البورتريه وهو رسم لوجوه، تمت رؤية الأعمال في "بيروت" من قبل الفنان اللبناني "بيير داغر"، بطل الفيلم آنذاك وكان الفيلم في طور التحضير، فأعجب بأعمالي، وتم اختياري لرسم لوحة الفيلم الذي كان بعنوان: "اللوحة الناقصة"، وموضوع اللوحة شخصان وهما رجل وامرأة تم رسمهما رسماً مباشراً، حيث تكتمل صورة المرأة وتبقى صورة الرجل غير مكتملة الملامح؛ وهو دليل على نقص اللوحة وبقاء العمل كذكرى

مدونة وطن "eSyria" التقت المدرسة والفنانة "شيا"، في 24 حزيران 2015، فتحدثت عن تجربتها بالقول: «إن أهم ما في تجربتي هو تحقيقي لحالة التآخي بين الفن والحياة، وإيماني الدائم بالبحث عن الأفضل حتى مع وصولي إلى الاحتراف، والنجاح برأيي ليس قفزة بالفراغ؛ بل هو حالة من البناء تساند مداميكها بعضها بعضاً، فنجاحي في عملي كمدرسة للتربية الفنية ساهم كثيراً في نجاحي كفنانة، ولكن ذلك عبر الاجتهاد والاستفادة من التجربة نفسها، ففي عام 2002 حصلت على المرتبة الأولى في المحافظة في مسابقة التدريس، وبدأت عملي في ثانوية "زهر أبو عساف الفنية"، وكان هدفي توظيف الفن في الحياة وليس اختصاره كمادة تدريسية تعلم أصول وقوانين الرسم فحسب، فبدأت أحمل جهاز الكمبيوتر المحمول ومراجعي الفنية وأقراص الموسيقا معي إلى المدرسة حتى يشعر الطلاب بحالة روحية تؤهلهم إلى حالة الإبداع، ولم تنقضِ السنة الأولى حتى نجحت مع طلابي في تحويل المدرسة إلى لوحة فنية عبر اللوحات الجدارية والسقوف العجمية والكورنيش، وحولنا المدرسة في حصة الرسم إلى ورشة عمل فنية، وكانت تكاليف ذلك على حسابي وحساب الطلاب وتضمنت اللوحات أعمالاً من تراث المحافظة من العرس الشعبي إلى صناعة القش والمناظر الطبيعية، وهذا العمل بداية لعملي الفني على تجربتي الخاصة فيما بعد، وأعتبر أن أفضل ما قدمته في مهنة التدريس لطلابي هو الرؤية الصحيحة للفن من خلال جعلهم يتذوقون اللون والحياة، فكنت أقول لهم دائماً الفن على قارعة الطريق وهو بحاجة إلى من يتذوقه، وأنا سعيدة اليوم عندما أرى قسماً كبيراً منهم قد أصبحوا فنانين متميزين مثل: "شادي أبو سعدة، ليليان بلان، علاء قطيش، عدنان عبد الباقي"».

الفنان ربيع بلان

وعن عدم توقفها عند التدريس وخروجها إلى مشروعها الخاص تقول: «إن عملي كمدرسة لم يمنعني من متابعة حلمي ومشروعي الفردي؛ فقد أقمت معرضاً في المركز الثقافي بـ"السويداء" عام 2002، وضم المعرض 70 عملاً من الدراسات الصغيرة والكبيرة والأحبار والفحم والطبيعة، كما ضم لوحة جدارية بطول 14 متراً وارتفاع متر ونصف المتر، وموضوعها انتقال الإنسان من حالة الولادة إلى حالة الوفاة ضمن حركة الحياة، وكل تلك اللوحات كنت أعمل عليها ليلاً وأيام العطل، وهذه اللوحات كان لها ولغيرها من لوحاتي حالة خاصة؛ فكنت أحمل كاميرتي وأتجول في قرى "السويداء"، وألتقط المشاهد الجميلة التي أراها تستحق الاكتشاف، كما في بلدة "سيع" و"قنوات" و"ظهر الجبل"، وسد "حبران"، وقد حاولت إظهار جمالية حجر البازلت والتنوع الطبيعي بالمحافظة، ولكن النقلة النوعية كانت في معرض صوت الصمت عام 2009، في صالة "ألفا" للفنون التشكيلية، وقد جسدت فيه الحالات والمشاعر البشرية عبر ثلاثين عملاً فنياً وكلها من البورتريه؛ وبطلة اللوحات هي الأنثى، بعدها توالت المعارض فأقمت معرضاً اسمه (حالة فراغ) في المركز الثقافي في "بيروت" ضمن معرض الشباب العربي عام 2011، وكان موضوع اللوحات جمالية المرأة إضافة إلى لوحات تحدثت عن المشاعر الإنسانية السامية؛ كالألم والانكسار وقراءتها في الوجوه».

أما عن اختيارها لرسم لوحة للفيلم الإيراني الذي كان عنوانه اللوحة الناقصة، فتتابع: «في عام 2005، قمت بزيارة "بيروت"، وحصلت على رخصة للرسم في شارع المعارض، حيث كنت أرسم الوجوه والطبيعة، ولجودة العمل الفني وخاصة البورتريه وهو رسم لوجوه، تمت رؤية الأعمال في "بيروت" من قبل الفنان اللبناني "بيير داغر"، بطل الفيلم آنذاك وكان الفيلم في طور التحضير، فأعجب بأعمالي، وتم اختياري لرسم لوحة الفيلم الذي كان بعنوان: "اللوحة الناقصة"، وموضوع اللوحة شخصان وهما رجل وامرأة تم رسمهما رسماً مباشراً، حيث تكتمل صورة المرأة وتبقى صورة الرجل غير مكتملة الملامح؛ وهو دليل على نقص اللوحة وبقاء العمل كذكرى».

لوحة الأم

وعن بداية عمرها الفني تقول: «منذ الصغر كنت أجمع التراب وأخلطه بالماء حتى يصبح صلصالاً وأصنع منه أشكال وجوه أشخاص أو أشكال حيوانات، وتطورت هذه الحالة في المدرسة وكان لمدرستي "سعاد نصر"، الفضل الكبير عبر تشجيعي ومتابعتي وتقديمها قسماً خاصاً لي في معارض الأطفال حينها، وتابعت هذه الموهبة نضجها في المرحلة الثانوية؛ حيث بدأت أجيد استخدام الألوان، وكنت أنقل رسم بطاقات الأفراح، ليكون التتويج في قبولي في فحص كلية الفنون مباشرة في عام 1997، وتميزت فيما بعد بميولي إلى المدرسة التعبيرية ذات الألوان الانطباعية؛ وهي ألوان الفنان "ماتيس" و"غوغان" التي تستخدم في توظيف الفكرة مباشرة، وأنا أعمل بكل أدوات الرسام من الريشة إلى السكين إلى اليد، إلى كل ما يخدم العمل الفني، وأؤمن بطاقة اللون ودوره بالتأثير في حياة الإنسان».

وفي قراءة للفنان "ربيع بلان" عن تجربة المدرّسة والفنانة "شيا" يقول: «الفنانة "ميساء"، مدرّسة ومربية متميزة، وهي شخصية تتحلى بجمال الأخلاق، ودوام الطموح، واستطاعت أن تحقق الكثير من النجاح الذي اعتمد بالأساس على مثابرتها في العمل وعدم استكانتها للراحة أو الصعوبات في الحياة، وهي تنتمي إلى المدرسة الواقعية الانطباعية، وخاصة على مستوى التقنية ومستوى جيولوجيا اللوحة، والموضوعات التي ترسمها أغلبها تنتمي إلى البيئة والطبيعة السورية، وأسلوبها في العمل يتميز بالإيحاءات واستخدام طاقة اللون، وقد ساهمت كثيراً كفنانة في تهذيب اللون الحار والبارد لتصبح اللوحة أكثر دفئاً، كما أنها تعتمد أيضاً على الخط المبسط الذي تشكل من خلاله روحاً تعجب المبصر للعمل، وبالتالي من يرى لوحاتها يعرف أنه ينظر إليها بقصد الاستمتاع أكثر من النقد».

جانب من أحد معارضها

يذكر أن الفنانة "شيا" من مواليد مدينة "السويداء" عام 1979، وهي خريجة كلية الفنون الجميلة، قسم التصوير في جامعة "دمشق" عام 2001، وهي مدرسة لمادة التربية الفنية وقد درست في عدة مدارس منها: ثانوية "زهر أبو عساف"، و"معهد الفنون"، ولها عشرات المعارض الجماعية وثلاثة معارض فردية؛ منها ما أقامته في المحافظة، ومنها في "دمشق" و"بيروت"، ولها مقتنيات فنية في كثير من دول العالم، عبر رسمها لصور وجوه لمحبي هذا الفن، وهي متزوجة ولديها طفلان هما: "جوليان" و"دانيال".