استطاعت تحدي نفسها وتحدي الظروف من حولها، وأثبتت موهبتها وقدرتها في مهنة صعبة وقاسية اختارها المجتمع من حولها لتكون حكراً على الرجال.

"نجود الشومري" من مواليد قرية "عيون" في محافظة "السويداء" عام 1986؛ نحاتة شابة استطاعت وبزمن قياسي حفر اسمها في قائمة المبدعين، من خلال منحوتات مميزة تميزت بأنوثتها الطاغية وبحسها الفني القوي.

"نجود" موهوبة في مرحلة الدراسة في المعهد كانت أعمالها مميزة ولافتة للنظر، حتى المواضيع التي تطرحها كانت تمتاز بخصوصيتها، عندما جاءت للعمل في المشغل صقلت موهبتها أكثر وتعرفت التقنية التي تستطيع من خلالها التعامل مع المادة الصلبة، وتمكنت من أدواتها إلى جانب المناخ الحر الذي جعلها تبدع في منحوتاتها

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "نجود" بتاريخ 29 كانون الأول 2014، وسجلت معها الحوار التالي:

الفنانة "نجود الشومري"

  • تبحثين عن التفرد والتميز في أعمالك النحتية، ما الجديد الذي قدمته؟
  • ** طرحت بعض الأفكار الجديدة في النحت بأسلوبي، حيث قمت بإدخال المعدن لأعمالي، لكونه مادة أكثر ليونة من الحجر، حيث يتساعد المعدن مع الحجر لإيصال الفكرة التي أريد، كما أن المعدن يمنحك إحساسا بالقسوة، وتطعيمه مع الحجر يعطي قوة للعمل.

    تفاحة آدم

    كما فضلت ترك آثار المعدن (الصدأ) على الحجر دون إضافة مواد أو تعتيق، اعتمدت الأسلوب التعبيري في معظم أعمالي مع بعض الأعمال التركيبية والتجريدية، كما عملت مؤخراً على مادة الخشب، رغم اختلاف خامتها عن الحجر، ولكن لم أشعر بصعوبة في العمل، لأن الخشب مادة حية ورشيقة أكثر من الحجر ونتائجها جميلة جداً.

  • هل تقتصر أعمالك الفنية على النحت، أم هناك لوحات زيتية؟
  • الماعز الجبلية

    ** لكوني أدرس مادة الفن التشكيلي، فأنا لم أنقطع يوماً عن الرسم إن كان بقلم الرصاص أم بالألوان، فلم يسرقني النحت من عالم الألوان، رغم أن النحت والرسم يختلفان كثيراً من حيث المادة والتقنية، وهما عالمان مختلفان، يبقى بينهما القاسم المشترك وهو الفنان ذاته، فهما لغتان تختلفان بالشكل وتتفقان بالمضمون لكونهما ينقلان الرؤية ذاتها للفنان نفسه.

  • في ظل الظروف الحالية والصعوبات الاقتصادية؛ هل تأثر عملك؟
  • ** الفن مسؤولية تجاه نفسي وتجاه الآخرين، فأنا جدية في المتابعة بالنحت رغم الصعوبات التي تواجه الفنانين من ظروف أهمها اقتصادية من ناحية التسويق، وغلاء معدات النحت، ولكن في الفن بالتحديد لا مجال للتراجع فهو مشروع حقيقي، إما أن تؤمن به أو تتوقف، وبالنسبة لي النحت هو مشروع حياتي.

  • تأثرت بوالدك كثيراً وكان له دور كبير في تحفيزك وباستمرار على الإبداع والدخول في مجال الفن، كيف يمكنك وصف هذا التأثر؟
  • ** والدي رحمه الله فنان بالفطرة، كان لديه تجارب نحتية بعمر العشرين عاماً على حجارة بحرية، فقد صنع مجموعة جميلة من المنحوتات كوّنت حافزاً لدي لتعلم النحت لأستطيع نحتها ذات يوم، ولكن مسؤوليات الحياة جعلته ينصرف عن موهبته، وعندما اكتشف موهبتي في الرسم أبدى استعداده لدعمي كي أتابع دراستي في هذا الفن، فقد كنت أشعر بأنه يريد أن أحقق الشيء الذي عجز هو عن تحقيقه.

    لعب الحظ دوره في عدم دخولي كلية الفنون الجميلة، فاخترت الدراسة في معهد الرسم عام 2005م، وأثناء دراستي تعرفت عدداً من الفنانين الذين قاموا بتدريسي في المعهد، واكتشفت أنه لا يوجد فرق كبير بين الكلية والمعهد، فالمهم هو الاجتهاد والعمل، لأننا بمقدار ما نجتهد نجد النتيجة.

    بقي والدي يتابعني أثناء المعهد ووعدني بمشغل خاص بي، وكنت أرسم دائماً لوحات زيتية لطالما أعجبته وفرح بها، واحتفظ بجميع أعمالي من الجبس والصلصال، ومع ذلك كان ينتابني حزن شديد لعدم قدرتي على تقديم شيء حقيقي يرضيني.

  • أنت من طلاب الفنان "فؤاد أبو عساف"، وحالياً تعملين في مشغله مع مجموعة من النحاتين، لنتحدث عن طبيعة العمل.
  • ** تعرفت أثناء دراستي في المعهد إلى الفنان "فؤاد أبو عساف" الذي درسني في السنة الثانية، وبعد التخرج التقيته مصادفة ودعاني للعمل لديه في مشغله الخاص لعدم وجود مكان خاص بالعمل لدي، وكانت أول تجربة لي في "ملتقى سيع الدولي"، وفي الحقيقة هذه التجربة كانت نقلة نوعية في حياتي، وشاركت كمساعد نحات لعدم تمكني الكامل من أدوات العمل الخطرة نوعاً ما، وكان ذلك في الملتقى الأول عام 2008م في "سيع"، وعملت تحت إشراف الأستاذ "فؤاد".

    وبدأت العمل في المشغل أسبوعياً، ثم أصبح دوامي يومياً من عام 2009 إلى اليوم، من خلال العمل اكتسبت ثقة كبيرة بأدواتي وإمكانياتي وبدأت الإنجاز بمفردي واقتراح المواضيع التي سأقوم بنحتها.

    في البداية كنت أخشى المادة الصلبة وكنت بمنتهى الحذر لكون الأدوات المستخدمة خطرة، ولكن خلال مدة قصيرة تمكنت من العمل بسهولة وبساطة وأحببت العمل على خامة البازلت.

    للأستاذ "فؤاد" فضل كبير لا أستطيع إنكاره، فقد كان أخاً ووالداً لكل من عمل في مشغله من زملاء وأصدقاء وطلاب، يقدم لنا المواد وكافة الأدوات، إضافة إلى الحجر، ويقوم بالإشراف فقط على عملنا، وإلى اليوم هو يقدم باستمرار الأدوات والمواد، ويساعدنا على تسويق منحوتاتنا ويعاملنا كأصدقاء وزملاء مهنة، وأنا استفدت كثيراً من خبرته وتعلمت منه الصبر والمواظبة على العمل باستمرار، فهو إنسان مجتهد وبأصعب الظروف نراه يعمل. ولكوني الفتاة الوحيدة التي أعمل مع مجموعة من الشباب كان ذلك تحدياً لضرورة العمل على نوع المنحوتة قبل الكم في سبيل البحث عن التميز.

  • حصلت على جوائز متعددة؛ لنتحدث عنها وعن مشاركاتك في الملتقيات والمعارض.
  • ** حصلت على جائزة معرض الشباب السابع في عام 2012؛ وهي الجائزة الأولى عن عمل بعنوان: (تفاحة آدم)، وكانت جائزة من المرحوم الدكتور "حيدر يازجي" نقيب الفنانين سابقاً، كما حصلت على جائزة أولى في مهرجان أبناء الجولان في محافظة "السويداء" عن عمل نحتي بعنوان: "الماعز الجبلية"؛ يمثل بيئة "الجولان".

    بيع عدد من أعمالي داخل وخارج البلد، وشاركت في عدد من المعارض منها معارض الاتحاد، وقد انتسبت لاتحاد الفنانين التشكيليين عام 2009، وشاركت بعمل مشترك بعنوان: "الصخرة الأقوى"؛ وكان أول عمل كبير بطول 3 أمتار، وهو الآن موجود في ساحة "تشرين" في محافظة "السويداء"، وشاركت في معرض الربيع السنوي الذي تقيمه الوزارة في "دمشق" واقتنوا لي عملي، ولأول مرة أشارك ثلاثة فنانين لهم تجارب مميزة في النحت، كما شاركت في معرض كلية الفنون، وشاركت بمعارض الشرطة والجيش واقتنوا لي عملي في عام 2010.

    كما شاركت بملتقى النحت الدولي الثالث في "تل جنجلة" في 2010، الذي استضاف نحاتين عرباً وأجانب، بعمل بطول مترين و40سم، وهو الآن موجود في مدينة المعارض بـ"دمشق"، إضافة إلى المعرض المشترك للنحاتات في المركز الثقافي العربي في "السويداء" عام 2011، هذا إضافة إلى مشاركاتي في المعارض الجماعية في المحافظة، وفي معرض الربيع السنوي.

    الفنان "فؤاد أبو عساف" تحدث عن "نجود" بقوله: «"نجود" موهوبة في مرحلة الدراسة في المعهد كانت أعمالها مميزة ولافتة للنظر، حتى المواضيع التي تطرحها كانت تمتاز بخصوصيتها، عندما جاءت للعمل في المشغل صقلت موهبتها أكثر وتعرفت التقنية التي تستطيع من خلالها التعامل مع المادة الصلبة، وتمكنت من أدواتها إلى جانب المناخ الحر الذي جعلها تبدع في منحوتاتها».