فنانة شابة طموحة لا تزال تختزن ذاكرة الطفولة في منزل جدها الذي حولته إلى مرسمها الخاص، ليبقى ذلك الماضي بكل ما يحمله من جمال وشقاوة حاضراً أمام عينيها؛ يحفزها دائماً على الإبداع أكثر فأكثر.

"هيفاء عبد الحي" فنانة مثابرة استطاعت بإصرارها إثبات وجودها وحققت نجاحاً جميلاً، التقتها مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 22 تشرين الثاني 2014، لتتحدث عن تجربتها الفنية، فكانت الإضاءات التالية:

كانت لي تجربة مميزة مع الفنانة "هيفاء" حيث حضرنا لمعرض أقمناه معاً في مرسم واحد، ومدة التحضير كانت قليلة نسبياً وحجم العمل كثيفاً والتجربة رائعة جداً.. "هيفاء" الإنسانة غاية في الصدق والجمال، والفنانة فيها لا تختلف أبداً، فهي صاحبة الذوق الرفيع والخيال المبدع الخصب، طاقتها وحيويتها في العمل تمنحان من يرافقها دفعاً معنوياً جميلاً، فعندما تعمل بطاقة واندفاع وحماس لا بد من أن تمنح ولو جزءاً من هذه الطاقات لمن حولها. في أعمال "هيفاء" النحتية الأنثى هي الطاغية، وأعمالها في ليونة وانسيابية، تميل بطبيعتها إلى الواقعية التعبيرية مع وجود بصمتها الخاصة، لم تقدم شيئاً مكرراً، دائماً هناك جديد.. في لوحاتها هناك بحث عن التفرد ومحاولة لاتباع نمط خاص بها وحدها، وأعتقد أنها نجحت، بدليل الأعمال التي قدمتها في المعرض الذي أقمناه معاً

  • نادراً ما يعترف الأشخاص بشقاوة الطفولة، ولكنها بالنسبة لك أحد أسباب التميز، لنتحدث عن تلك المرحلة.
  • الفنانة "هيفاء عبد الحي"

    ** في طفولتي كنت شقية وهذا أمر لا أخاف من التصريح به، فقد كنت جريئة ونشيطة أؤلف القصص وأخترع الألعاب، قصص للأطفال فيها خيال وفيها من قصص الجدات والأمهات الكثير.. ومع تقدمي بالعمر أصبحت أرسم صور القصص التي أكتبها، وهذا ما دفعني للرسم بسن مبكرة فقد كنت في الصف السابع، عندما كانت لوحاتي تحتل المعارض المدرسية.

    لا تزال تلك المدة من حياتي حاضرة بكل تفاصيلها، طفولتي في منزل يعج بالفتيات والشبان كانت غنية ومفعمة بالمرح والجمال، وبيت جدي البازلتي العتيق من أكثر الأماكن التي أعشق، هو اليوم مرسمي والمكان الذي تولد فيه أعمالي.

    عمل نحتي

  • الموهبة أساسية لدى الفنان، لتأتي الدراسة الأكاديمية فيما بعد فتصقلها، ماذا عن دراستك؟
  • ** بعد الثانوية درست في معهد الفنون التطبيقية في قلعة "دمشق"، في المعهد هناك اختصاصات النحت والتصوير الضوئي والخزف، فكنت أبحث عن أقرب شيء للرسم، ولكني وقعت في غرام النحت، فالنحت أقرب للتصوير وكل منحوتة أرسمها في خيالي أو على الورق قبل البدء بها، في بداية العمل كان هناك صعوبة بالغة، استخدمت خامات عدة من خشب وطين وحجر ومواد صناعية "فيبر، وبرونز، وبوليستر"، والحمد لله استطعت النجاح والتفوق وقدمت مشروع تخرج محوره المرأة.

    من أعمالها الفنية

  • واقع الحياة العملية يختلف كلياً عن واقع الدراسة، كيف انطلقت "هيفاء عبد الحي" في حياتها العملية؟ وماذا قدمت؟
  • ** بعد التخرج انتابني شعور بالضياع وعدم الثبات، وكنت أبحث عن الخطوة الأولى بالنحت، أوجدت في منزلي مكاناً خاصاً مستقلاً، فيه طاولة وعدة وكان لدي العديد من المحاولات، إلا أن مشاركتي بعدد من الملتقيات فيما بعد صقلت خبراتي أكثر، حيث شاركت بملتقى "جيم" بمدينة "القرداحة" مع الفنان "مصطفى علي" عام 2004، وكنت مساعدة لفنان من "صربيا" اسمه "جورجي كاباكاج"، كانت تجربة مهمة أفادتني كثيراً وتعلمت منها الكثير، شاركت بعمل خاص بي ولكن الفنان "جورجي" اضطر للمغادرة فقمت بعمل "روتوش" لعمله.

    وفي 2006 قامت إدارة المعهد بترشيحي للمشاركة في ملتقى "سحر" في "جبلة"، حيث قدمت عملاً نحتياً بطول مترين، وهو تكوين ثلاثي تعبيري على شكل موسيقي. وفي الملتقى النحتي الأول في محافظة "السويداء" في "سيع"، شاركت وقدمت عملاً بطول 225سم، وهو تكوين ثنائي لرجل وامرأة، وهو موجود حالياً في حديقة الفيحاء، التعامل مع البازلت يحتاج لصبر وروية وهو أسهل من الخشب.

    المحطة المتميزة في حياتي هي معرفتي بالنحات "فؤاد أبو عساف"، حيث التقيته في أحد النوادي الصيفية وكنت أدرس مادة الرسم، شاهد إحدى منحوتاتي على حجر البازلت بطول 60سم، وقد وصفها بالرائعة على حد قوله، استفدت كثيراً من ملاحظاته في المجال الفني والتقني للنحت.

  • هل اقتصرت مشاركاتك على الملتقيات النحتية؟ وماذا عن المعارض؟
  • ** في عام 2006 بدأت التحضير لمعرض فردي واستغرق التحضير عامين، عملت على خامتي الطين والخشب، وكان المعرض في صالة ألفا عام 2008، قدمت حفراً ونحتاً نافراً ونحتاً على الخشب ونحتاً على الحجر وبأحجام متعددة، قدمت 36 عملاً، وأعدت المعرض نفسه بعد عام.

    التعامل مع البازلت يحتاج إلى صبر وروية، علماً أنه أسهل من الخشب، وفي عام 2009 قدمت المعروضات نفسها في صالة "المدى"، افتتح المعرض بعرض فني، وكان وقع أعمالي جميلاً، والجمهور منوعاً.

    وشاركت بمعرض صالة "جورج كامل" بيوم المرأة العالمي، وشاركت مع الفنانة "مجد مكارم" بمعرض ثنائي في المركز الثقافي العربي في "السويداء"، وللمرة الأولى قدمت رسماً ونحتاً، وقد شاركت في معرض مشترك في "دمشق"، واستمر لمدة شهر أو أكثر، أول معرض مشترك شاركت فيه أقيم في المركز الثقافي بالسويداء مع الفنان "وليد رضوان" عام 2004م، شارك فيه عدد من فناني "السويداء"، وكانت المعروضات من الخشب فقط. جميع مشاركاتي أضافت لي الكثير، فأنا أرغب بالعمل على التكوينات الإنسانية، وإلى اليوم لم أكتف.

    الفنانة "مجد مكارم" تحدثت عن الفنانة "هيفاء" بقولها: «كانت لي تجربة مميزة مع الفنانة "هيفاء" حيث حضرنا لمعرض أقمناه معاً في مرسم واحد، ومدة التحضير كانت قليلة نسبياً وحجم العمل كثيفاً والتجربة رائعة جداً.. "هيفاء" الإنسانة غاية في الصدق والجمال، والفنانة فيها لا تختلف أبداً، فهي صاحبة الذوق الرفيع والخيال المبدع الخصب، طاقتها وحيويتها في العمل تمنحان من يرافقها دفعاً معنوياً جميلاً، فعندما تعمل بطاقة واندفاع وحماس لا بد من أن تمنح ولو جزءاً من هذه الطاقات لمن حولها.

    في أعمال "هيفاء" النحتية الأنثى هي الطاغية، وأعمالها في ليونة وانسيابية، تميل بطبيعتها إلى الواقعية التعبيرية مع وجود بصمتها الخاصة، لم تقدم شيئاً مكرراً، دائماً هناك جديد.. في لوحاتها هناك بحث عن التفرد ومحاولة لاتباع نمط خاص بها وحدها، وأعتقد أنها نجحت، بدليل الأعمال التي قدمتها في المعرض الذي أقمناه معاً».