دخل معترك الفن بعيداً عن الأهل وتشجيعهم، وغامر برسم وجه أحد دكاترة كلية الحقوق متحدياً زملاءه، فكانت الشرارة التي أعادت الروح لريشته، وانتقل إلى "شهبا" ليثبت قدميه في طريق طويل، وللبحث الدائم عن الذات.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان الشاب "مؤيد عقلة" في منزله بمدينة "شهبا"، يوم الجمعة الواقع في 24 تشرين الأول 2014، وكان اللقاء التالي:

يتمتع بشخصية عنيدة لا يحدها حدود، وقد فرض نفسه وموهبته بوضوح، وهو يحمل هاجساً بعيداً في اتجاه الفن التشكيلي والانتقال إلى الاحتراف الكامل، والملاحظ لكل أعماله الأخيرة يكتشف نظافة اللون وقربه من قلب وعقل المتلقي، والرؤية الكامنة في الخط وأبعاده. "مؤيد عقلة" شخصية جميلة وإضافة فنية جديرة بالبحث والرؤية

  • كيف بدأت هوايتك مع الرسم؟
  • مع الفنان فرزان شرف.

    ** ولدت في مدينة "دمشق" في منطقة "الدحاديل" عام 1985 ليلة رأس السنة، وكبرت في ريف "درعا" قرية "محجة"، وأتممت دراستي الثانوية والجامعية في "دمشق" حيث درست الحقوق وتخرجت عام 2009، وكانت بدايتي مع الرسم منذ الصغر، ولكني كنت أصطدم دائماً بموقف أهلي الذين وقفوا بوجه رغبتي لابتعادهم عن الأجواء الفنية، وخوفهم على مستقبلي، ولكن ذلك لم يمنعني من متابعة شغفي ومحبتي للرسم بل زادني إصراراً لإثبات نفسي في هذا المجال.

  • من الذي قاد خطواتك الأولى نحو الفن التشكيلي؟
  • بورتريه لوجه أمه.

    لا أحد؛ فقد اعتمدت على نفسي وعلى الرغبة الذاتية في بحثي عن الشكل بقلم الرصاص والورقة العادية، ولم أصادف أو أجد أحداً يمكن أن أعتمد عليه ليصحح أخطائي، ففي المدرسة على اختلاف مراحلها باتت مادة الرسم ثانوية وغير مجدية بالنسبة للكثيرين، ويعدها بعضهم عالة على المواد العلمية التي تحدد المستقبل، ولذلك تكون هذه المادة الضحية الحقيقية في أي يوم لمادة أخرى، أو لمدرس يحتاج الوقت حتى ينهي المنهاج.. بقيت كذلك حتى انتقلت إلى مدينة "شهبا" التي احتضنت فني، ونقلتني إلى مستوى آخر، ووضعتني حيث أريد.

  • ما هي قصتك مع رسم الوجوه، وكيف بدأت؟
  • آخر أعماله بالزيتي.

    ** إنها قصة طويلة، فقد كنت مولعاً برسم السيارات منذ الصغر، وأضع للسائق الوجه الذي أريد بتفاصيل طفولية، وفي إحدى المحاضرات كانت إحدى زميلاتي ترسم على دفترها عيناً بشرية كبيرة، وحين نظرت إليها أثارت لدي غيرة كبيرة لا أعرف مصدرها، وزادت لدي الحماس للبحث عن طريقة جديدة في رسم العين والتفاصيل المتعلقة بالوجه، وبعد عدة تجارب رحت أضيف أنفاً إلى العين، ومن ثم أضيف شفاهاً إلى الأنف.. وهكذا حتى جاء يوم تحداني فيه أحد الزملاء برسم وجه الدكتور المحاضر، فرسمته على الرغم من المغامرة الكبيرة التي تنطوي عليها في حال كانت الصورة سيئة، وكانت النتيجة ممتازة باعتراف الدكتور نفسه، فقد رسمت كل التفاصيل المتعلقة بوجهه، وكان سعيداً وراضياً عن صورته، واحتفظ بالرسم لنفسه، وكانت تلك اللحظة بدايتي الحقيقية مع الرسم ومع لوحات "البورتريه".

    * كيف استثمرت ذلك اليوم؟

    ** انطلقت في رسم أقاربي وأصدقائي وبعض الصور التي تلفت نظري في المجلات والصحف مستخدماً قلم الرصاص تارة، والحبر الناشف تارة أخرى، وكانت المفاجأة إعجاب أهلي وأقاربي بما أقوم به، وتغيرت الصورة جذرياً عن السابق، ولكن النقص في التوجيه كان يلاحقني حتى تعرفت الفنانين "حميد نوفل" و"فرزان شرف".

  • أين تجد نفسك مستقبلاً في الرسم أم في السلك القضائي؟
  • ** أعتبر دراستي للقانون أساساً لكني إنسان بقطع النظر عن ممارستها كمهنة أم لا، وأجد نفسي أقرب إلى الفن، وهذا الطريق بدأت تتوضح معالمه أكثر نحو الاحتراف الدائم للفن التشكيلي.

  • ما الذي أضافته إليك معرفتك بالفنانين "حميد نوفل" و"فرزان شرف"؟
  • ** دخلت مرحلة الألوان الزيتية منذ تعرفت إليهما، فقد تعرفت الفنان "حميد نوفل" بالمصادفة، ودعاني إلى مرسمه حيث طرحت أفكاري عن الرسم، وقد شاهد أعمالي الكبيرة، ومنذ ذلك اليوم انتقلت إلى مرحلة جديدة في البحث والتنقيب والرسم بالألوان الزيتية، وكانت توجيهات الفنان "فرزان شرف" عاملاً حاسماً نحو الطريق الذي أرسمه لنفسي في احتراف الفن.

  • كيف كانت ردة فعل الناس على معرضك الأول؟
  • ** هي بداية الطريق نحو الاحتراف، والحقيقة إن المكان له خصوصية في قلوب المهتمين بالفن التشكيلي، ويعد مرسم الفنان "حميد نوفل" في مدينة "شهبا" حتى وقت قريب المرسم الوحيد في المدينة، وأنا الفنان الثالث الذي يقيم معرضه فيه، ومهما كانت آراء الناس من مشجع وملاحظ أعتبر هذه التجربة خطوتي الأولى في الطريق الطويل، والآن أفكر ملياً بخطوتي الثانية ومعرضي الثاني في أحد المراكز الثقافية العربية في "السويداء" أو "دمشق" لزيادة الانتشار، ومعرفة آراء شريحة آخرى من المهتمين.

    الفنان التشكيلي المعروف "فرزان شرف" تحدث عن تجربة الشاب الفنان "مؤيد عقلة"، ورؤيته لما يقدمه بالقول: «يتمتع بشخصية عنيدة لا يحدها حدود، وقد فرض نفسه وموهبته بوضوح، وهو يحمل هاجساً بعيداً في اتجاه الفن التشكيلي والانتقال إلى الاحتراف الكامل، والملاحظ لكل أعماله الأخيرة يكتشف نظافة اللون وقربه من قلب وعقل المتلقي، والرؤية الكامنة في الخط وأبعاده. "مؤيد عقلة" شخصية جميلة وإضافة فنية جديرة بالبحث والرؤية».