بالحبر والزيتي، وعلى الخشب والبازلت يحفر الفنان "عدنان أبو منصور" بفيض من الحيوية رؤاه التي تتحدث عن تجربة تجاوزت حدود التميز والنجاح منطلقاً لاختبارات لونية ذات آفاق واسعة.

طعم أعماله بنتاج تجارب طويلة مارس من خلالها العمل الفني في دول الخليج بقطاعي الإعلان والإعلام، كما تحدث في حوار أجرته مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 تشرين الأول 2014:

بالنسبة لأعمال التصوير تقنياته مميزة استخدم الحبر والصبغات بخبرة ودقة وبأسلوب خاص ومميز. الزيارة لمرسمه كانت مثمرة ومؤثرة أطلعتني على أعماله وكان عندي فضول لأرى أعماله من جديد؛ فالأعمال تشد المتلقي ليشاهدها مرة أخرى، وهذا أمر مهم بالعمل الفني، حيث لا تمر هذه التكوينات دون أن تظهر بصمة فنية جميلة تستحق الاهتمام، وقد اشتغل على مادة الخشب والتشكيلات النحتية، وكانت منسابة بالعمل بسهولة تشعر المتلقي كأن الفنان قام بنحتها من الطين، فيها إحساس عالٍ وتقنية ونظافة للسطوح ساهمت برفع مستوى العمل، وقد استخدم مواد أخرى مثل الألوان الزيتية وتقنيات مختلفة يطول الحديث عنها لكونها تمثل تجارب كثيفة وطرائق تعبيرية راقية

  • موهبة طورتها بالعمل في مجالات متعددة تلتقي على عشق الفن، حدثنا عن ذلك؟
  • الفنان عدنان أبو منصور يعرض منحوتاته الحجرية

    ** ميول فنية رافقتني منذ الطفولة وأثرت بشخصيتي بوضوح؛ جعلت لكل عمل وجهه الفني الذي أهتم به وأتطلع لإتقانه، باحثاً عن الجمال في الطبيعة مقتنصاً اللقطة بذهني لأجسدها على القماش أو على البازلت، أو جذور الأشجار مجسداً لحالات إنسانية، ولدي تجارب قديمة في هذا المجال قبل الدراسة في مركز الفنون التشكيلية في "السويداء"، لتكون لدي فرصة للتعلم أكثر والتعرف بتفاصيل ومعلومات كنت أحتاجها وانسجمت مع رغبتي واهتمامي بالفن كمشروع لم أفكر يوماً بالابتعاد عنه، ليكون شاغلي وهمي الأول إلى جانب العمل الذي كان إلى حد ما مرتبطاً بالفن.

  • سنوات طويلة مارست من خلالها عملاً فنياً في الخارج، كيف ساهم ذلك في تطوير تجربتك؟
  • من أعماله على الخشب

    ** مارست العمل في جريدة "الخليج" الإماراتية؛ حيث عملت في مجال التصميم والإخراج، وكان عملي ليلاً لتكون أمامي فرصة للعمل خلال النهار والتعرف بثقافة البلد والاطلاع على تجاربها الفنية كمرحلة أولى، ومن بعدها اختبرت العمل في عدة مجالات مثل الإعلان والديكور؛ وهو ما ساعدني أكثر على متابعة العمل الفني، وكانت فرصة التثقيف متوافرة كما كانت فرصة التطبيق العملي متوافرة، وكنت في مرات عدة أنشر تصاميم لشعارات ولوحات رافقت قصصاً أدبية تنشر في هذه الجريدة، كل ذلك مرن ذاكرتي على الاحتفاظ بالفكرة وتجسيدها بعمل أو أكثر، لأنني أقتنع بقدرة الفن على الخطاب ونقل الأحاسيس والتعبير عنها بعدة وسائل، تدور في معظمها في فلك الحالة الإنسانية وتقلباتها التي تثقل الروح وتبقى منتظرة لنافذة يتوهج منها نور الشمس، هذه النافذة بتعبيري هي الفن الذي يقدم خدماته لعين المتلقي بلا مقابل، لينقلها من حالة الوجع إلى منطق التعبير والإفصاح عما يثقل الروح.

  • رصيد من الأعمال النحتية تفيض بالحياة على أنواع من أخشاب محلية، كيف تجد هذه التجربة؟
  • تجاربه اللونية مع الخل والحبر وصبغات طبيعية

    ** التعامل مع الخشب حالة من المتعة طويلة المدى؛ حيث يكون لكل نوع تفاصيل وملمس ولون يحرضني على تجسيد حالة معينة، وكانت التكوينات التي قدمتها نوعاً من "أنسنة" الزخرفة ليكون لهذا الخشب حضور وفق وجوه وأشكال كائنات طيور جميلة وملامح لعدة أشكال تناغمت مع لون الخشب المحبب والقريب إلى العين، ولم يكن التطبيق على الخشب ضمن الخطوط الواقعية، بل كانت فكرة التعبير طاغية على الموضوع، وهذا ما أجده مناسباً لطرح أفكار غنية وعميقة قد لا نتمكن من تقديمها وفق الطقس الواقعي.

    هذه الأعمال نتاج ساعات طويلة كنت أقضيها صامتاً متأملاً لانتقاء القطعة الخشبية، واختيار التصميم الذي أرغب بتشكيله، ومن بعدها أتابع تحضير القطعة للعمل، وقد تستغرق وقتاً لكنها تجربة ارتفعت لدي لدرجة متقدمة، وعملت عليها لمرحلة طويلة أثمرت مجموعة متنوعة وغنية أعدها لمعرض محلي.

  • مجموعة الأعمال المتنوعة طعمتها بتجارب استخدام مواد طبيعية في مجال اللون والتشكيل، هل تعدّها مرحلة جديدة؟
  • ** هي مراحل متداخلة قطعتها في الاختبار، وكانت في الأغلب وليدة الاحتكاك الدائم مع الفكرة الفنية، هنا لا بديل من التماس المباشر مع الموضوع والطرائق المتعارف عليها في مجال اللون والمواد المستخدمة، وقد كانت لي محاولات في التعامل مع الحبر كلون أساسي ومواد طبيعية، مثل الخل والنبيذ إلى جانب الحبر الذي يمثل جزءاً من تجربتي العملية التي ارتبطت بها بفعل العلاقة القريبة مع الصحف والمتعة بهذا العمل.

    ليجد المتابع لأعمالي أعمالاً بالخل على الورق الأبيض وغيرها، مزجت فيها الخل مع النبيذ أو مع الحبر لتقدم لي تنوعاً لونياً متدرجاً، ومراحل اختبارات كانت البداية لأفكار غنية ومشاريع وضعت خطوطها الأولى.

    الفنانة "هيفاء عبد الحي" اطلعت على أعماله التي تزين مرسمه وتختصر تجارب طويلة، وتحدثت عن التقنية العالية التي تميزها بالقول: «بالنسبة لأعمال التصوير تقنياته مميزة استخدم الحبر والصبغات بخبرة ودقة وبأسلوب خاص ومميز. الزيارة لمرسمه كانت مثمرة ومؤثرة أطلعتني على أعماله وكان عندي فضول لأرى أعماله من جديد؛ فالأعمال تشد المتلقي ليشاهدها مرة أخرى، وهذا أمر مهم بالعمل الفني، حيث لا تمر هذه التكوينات دون أن تظهر بصمة فنية جميلة تستحق الاهتمام، وقد اشتغل على مادة الخشب والتشكيلات النحتية، وكانت منسابة بالعمل بسهولة تشعر المتلقي كأن الفنان قام بنحتها من الطين، فيها إحساس عالٍ وتقنية ونظافة للسطوح ساهمت برفع مستوى العمل، وقد استخدم مواد أخرى مثل الألوان الزيتية وتقنيات مختلفة يطول الحديث عنها لكونها تمثل تجارب كثيفة وطرائق تعبيرية راقية».

    الجدير بالذكر أن الفنان "عدنان أبو منصور" عاد حديثاً إلى مدينته "السويداء" بعد ما يقارب العقدين من العمل في الخارج، وله عدة مشاركات فنية في معارض جماعية مشتركة، ويستعد اليوم لمعرض فني فردي يقدمه هذا العام.