اشتهر منذ الصغر بخجله الشديد، وجاهدت والدته لتخرجه من حالته فدفعته نحو المسرح، وعندما غاب بطل عمل مسرحي حل مكانه؛ وبات بين ليلة وضحاها نجماً لامعاً بفضل شخصيته وسرعة بديهته وحركاته المبتكرة على المسرح.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنان الشاب "معتصم أبو زيدان" يوم الإثنين الواقع في 1 أيلول 2014، ليحدثنا عن طفولته وسط العائلة؛ يقول: «تعلمت في مدارس "شهبا"، وفي الروضة قلدت زملائي بشكل عفوي، واكتشف الجميع موهبتي في التقليد، حيث كانت العائلة تجتمع كل ليلة خميس بصحبة الجيران والأقارب، ولكن الخجل كان يسيطر عليّ بشكل كلي، وكانت والدتي هي منقذي في كل لحظة، فألجأ إلى حضنها للاختباء من المجهول، كانت تلك هوايتي التي احتفظت بها في أعماقي منذ زمن طويل، حتى اكتشفت المسرح مصادفة بفضل زميلي وصديقي "وليم الراشد" الذي دفعني دفعاً للتمثيل، وهو السبب في إخفاء خجلي ومحاولة التخلص منه، إلا أن الولد الصغير في داخلي ما زال ملهمي وشريكي في الحياة».

في أي عمل نقوم فيه على المسرح يكون "معتصم" العلامة الفارقة فيه، فهو الشخص الوحيد الذي يخرج عن النص المكتوب، ولكن بحرفية عالية دون أي خدش للأساس، وقد بات مشهوراً في الوسط الفني بحسه الكوميدي العالي، وقدرته على إسعاد الناس حتى لو كان النص تراجيدياً

تعود معرفته بالفنان الشاب "وليم الراشد" إلى صيف 2011، بعد أن دعاه الأخير للانضمام إلى فرقته المسرحية في مدينة "شهبا"، وبدافع الخجل دخل المسرح، ويتابع: «عاد "وليم" من مدينة "صلخد" بعد أن قدم دوراً في مسرحية لم تنل رضا الجمهور الذي اعتبره سبب الفشل، فقرر تشكيل فرقة مسرحية وعرض الفكرة عليّ مباشرة، وكان هناك شاب متمرس في العمل المسرحي ويتمرن على دور البطولة في مسرحية كوميدية ناقدة من تأليف "وليم" نفسه، وقد غاب عن البروفات في وقت حرج، فدفعني الأخير للحلول مكانه، كانت لحظات عصيبة لكنني تغلبت عليها، وعند العرض دهشت من ردة فعل الجمهور تجاهي الذي كان يضحك من كل قلبه، ومع استمرار العرض لأربع ليال كنت أخرج بشكل غير محسوس عن النص، وهكذا بات المسرح جزءاً أساسياً في حياتي، فبعد عروض افتقرت إلى النص الجيد، وإلى العمل الحرفي تعرفت المخرج المسرحي الكبير "رفعت الهادي" الذي احتضن موهبتي وتعب بشكل لا يوصف من أجل صقل هوايتي، فأنا أعترف أنني شخص ملول وكسول بعض الشيء، ولست ضليعاً في اللغة العربية، فكان العمل معي من الصفر، وهو ما تتوج حصولي على المركز الأول في المسابقة الفرعية المسرحية التي يقيمها "اتحاد شبيبة الثورة"».

مع الراشد وبحر جعفر.

بعد عروض كثيرة وخبرة لا بأس بها، دخل مرحلة جديدة في محاولة طرق التمثيل الأكاديمي في المعهد العالي، وتحضر بشكل مكثف لإثبات موهبته أمام اللجنة الفاحصة، ولكنه لم يحضر الامتحان، فتأجلت الفرصة، ويؤكد: «كان الأستاذ "رفعت الهادي" يراهن على موهبتي في النجاح، ومع الأيام الطويلة للتدريب والتمرين، ودروس مكثفة في اللغة العربية، وحفظ العديد من "المونولوجات" للامتحان، منعني والدي من الذهاب إلى العاصمة في يوم الامتحان، هكذا بكل بساطة ذهب تعبي سدى بسبب خوف والدي عليّ، وأنتظر هذه السنة بفارغ الصبر لأثبت قدرتي على دخول محراب المعهد، وأتابع عملي في المسرح على الرغم من كل الظروف الصعبة التي تواجه العاملين في هذا الفن الراقي».

نال جائزة أفضل ممثل في مهرجان الروابط الشبيبية الأول خلال شهر آب الماضي، عن دوره في مسرحية "إلى متى" التي كتبها الشاب "عهد نصر"، وأخرجها صديقه "وليم الراشد"؛ ممثلين رابطة "شهبا" مع مجموعة كبيرة من الشبان الهواة، حيث يقول مدربه الأستاذ "رفعت الهادي" عند حصوله على الجائزة: «تكمن أهمية "معتصم أبو زيدان" في التلقائية الجميلة التي يتكلم بها وكأنه خلق ليكون محترف مسرح، ويتمتع بروح مرحة يسكنها الخجل، وهو بتلقائيته وهذه الروح والوجه البريء يكسب ود الجمهور ويخلق أجواء كوميدية رائعة، ولذلك تجد الفرصة كبيرة أمامه للوصول إلى حيث يشاء في المسرح والدراما على أن يكمل تعليمه بشكل أكاديمي».

من مسرحية "إلى متى" وجائزة أفضل ممثل.

أما صديقه "وليم الراشد" فقد قال: «في أي عمل نقوم فيه على المسرح يكون "معتصم" العلامة الفارقة فيه، فهو الشخص الوحيد الذي يخرج عن النص المكتوب، ولكن بحرفية عالية دون أي خدش للأساس، وقد بات مشهوراً في الوسط الفني بحسه الكوميدي العالي، وقدرته على إسعاد الناس حتى لو كان النص تراجيدياً».

يذكر أن "أبو زيدان" من مواليد قرية "العجيلات" في العام 1994، وهو فردٌ في أسرة كبيرة؛ تتكون من أب وأم وأربعة شباب وثلاث شابات، نال الشهادة الثانوية، ورفض دراسة أي فرع في الجامعة بانتظار قبوله في المعهد العالي للفنون المسرحية.

بطل مسرحية "بكرى أحلى".