بأسلوب فني خاص شكّلت "ديمة جمال عبيد" خريجة كلية الفنون الجميلة، لوحات فنية متميزة، اعتمدت نشر التراث الاجتماعي، وإيجاد علاقة إنسانية قائمة على الثقافة الجمعية لمنطقتها.

حول أعمالها تحدث لمدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 4 تموز 2014، المهندس الفنان "شاكر العيسمي"، فقال: «المهندسة "ديمة عبيد" من المبدعات اللواتي عملن على خلق علاقة إنسانية قائمة على ثقافة جمعية بهدف نشر التراث الاجتماعي بطريقة فنية إبداعية، وتبث في التالف من الأقمشة حياة متجددة وأشكالاً فنية برمزية خاصة تحمل الحاضر والماضي، ولهذا تعمل على ربط الألوان بالأحداث، وتطرح إشكالية ثقافية تحاول تقديم الأفضل، مجسدة في أعمالها فلسفة خاصة لعالم الجمال بطريقة ربما تصبح سيدة ومتفردة به».

المهندسة "ديمة عبيد" من المبدعات اللواتي عملن على خلق علاقة إنسانية قائمة على ثقافة جمعية بهدف نشر التراث الاجتماعي بطريقة فنية إبداعية، وتبث في التالف من الأقمشة حياة متجددة وأشكالاً فنية برمزية خاصة تحمل الحاضر والماضي، ولهذا تعمل على ربط الألوان بالأحداث، وتطرح إشكالية ثقافية تحاول تقديم الأفضل، مجسدة في أعمالها فلسفة خاصة لعالم الجمال بطريقة ربما تصبح سيدة ومتفردة به

والتقينا الفنانة التشكيلية "ديمة جمال عبيد"، في الحوار الآتي:

المهندس شاكر العيسمي

  • كيف تختارين أعمالك؟ وما الهدف من وراء ذلك الاختيار؟
  • ** الجسد والعقل والروح مسائل ثلاث، تتعاضد في التنسيق لإيجاد جمال العالم من حولنا، وهي فطرة الإنسان الأولى، فإذا ما دخلنا في مجال التصميم لعنصر ولمكون من المكونات الفنية نلاحظ أن كلمة تصميم تدل على الفعل في عصرنا الحديث، وما أقدمه من أعمال تهدف للوصول إلى أسس موضوعية يقوم عليها التصميم في الفن التشكيلي، حيث إن مختلف فروع الفنون تشترك في أسس ثابتة تتعلق بالتوافق والتوازن والإيقاع والوحدة والتناسب من حيث العلاقة بين المادة والخط واللون والضوء، ما يعد أساساً لوضع التصميم، أما بالنسبة لي كفنانة ومصممة ديكور فمن واجبي مراعاة هذه الأسس في التطبيقات الخاصة بالأشكال المسطحة ذات البعدين، أو المجسمة ذات الأبعاد الثلاثة، وأعمالي الفنية ذات البعدين هي مشاركتي ضمن مشروع خلايا النحل لإعادة تدوير الأقمشة المستعملة؛ فهو مشروع واقعي له هدف اجتماعي بحت يقوم على صناعة محلية لمفارش التخت، كما يقوم على أساس تركيب الخلايا، التي هي عبارة عن مربعات من الأقمشة المستعملة ذات القياس الموحد، المتتالية بجانب بعضها بعضاً باستخدام الإبرة والخيط، حيث تمكنا بهذا المشروع وبهذه الأعمال من إنعاش عقول الناس من جديد وإحياء تراث الأجداد القدماء الذي أخذ يختفي، وهذه الخلايا تمثل المجتمع بكافة أطيافه، وتثبت هذه الشرائح على أرضية واحدة، تمثل الأرض القادرة على استيعاب كافة شرائح المجتمع.

    الفنانة التشكيلية المهندسة ديمة عبيد

  • ما المشاركة الأولى لك في هذا المجال؟ وما الألوان التي تم اختيارها؟
  • ** كانت مشاركتي الأولى بهذا المشروع بمفرش تخت مقاس 150×190سم ضمن قواعد محددة متفق عليها مع المسؤولة عن المشروع، وضمن خطة عمل ثابتة، بدأت مغامرتي مع اختيار الألوان والأقمشة المستعملة المناسبة والتنسيق والتوازن والإيقاع للوصول إلى الهدف الذي أريده، فلكل لون من الألوان معنى، والانسجام بين الألوان دليل على أن المجتمع في الحياة العامة لا يمكن أن ينسلخ بعضه عن بعض، فكل طبقة من طبقاته تكمل الأخرى، أما بالنسبة للألون فاستخدمت الألوان الحارة "الأحمر والبرتقالي والأصفر" التي تعطي الإحساس بالدفء والحيوية والبهجة والمرح، إضافة إلى الألوان الباردة "الأزرق، والنيلي، والأخضر، والبنفسجي" التي تتفق مع ألوان السماء والماء والثلج، مبعث البرودة. ولهذه الألوان ضمن هذا العمل دور كبير في الإحساس بالعمق، فالألوان الساخنة تتصف بالإشعاع والانتشار لذلك تظهر للمشاهد أقرب وأكثر تقدماً من الألوان الباردة التي تتصف بالانكماش والتقلص.

    من معروضات م. ديمة عبيد

  • هل عملت على غير المفارش بالأقمشة المستعملة؟ وما الدلالات التي قدمتها؟
  • ** نعم، ضمن فعالية هذا المعرض قمت بصنع ألعاب من الأقمشة المستعملة، قدمت مجموعة من الخراف، رمزت من خلالها إلى تضحية سيدنا "إبراهيم" بابنه إسحق، وإلى الحمل وهو رمز للسيد المسيح عليه السلام الذي ضحى من أجل البشرية، ومع ذلك كله فإن الحمل خارج الفنون والديانات هو دائماً رمز للوداعة، أما بالنسبة للعمل كتكوين فهو عبارة عن كرة بيضاء بداخلها كرة سوداء، حيث لا يوجد في الحياة مساحة بيضاء إلا ويتخللها نقطة سوداء والعكس صحيح.

    المكون الآخر الذي قدمته ضمن هذا المعرض دمى من الأقمشة المستعملة ذات الحجم المتوسط نسبياً وذات شكل موحد بروح مختلفة، وذات ابتسامة موحدة بنظرة مختلفة، هي كركترات أدخلت البهجة إلى كل شخص ينظر إليها باللا شعور؛ إذ كان اختياري لهذا الشكل بعد ظهور حالة الحب بالعودة إلى البراءة من عيون الأطفال، حتى تمكنت من الوصول إلى شكل دمية بدلالة كل شخص يبحث عن اسمه بين الدمى، والمرح بعيون الناس كباراً أو صغاراً.

  • الملاحظ أنك تميلين نحو الصناعة اليدوية، هل ذلك عن رغبة خاصة بك أم ضمن دراستك الأكاديمية؟
  • ** الصناعة اليدوية هي عبارة عن رغبة خاصة بي ولا علاقة لها بدراستي الأكاديمية، ولكن لدراستي الأكاديمية دور كبير في جعل أعمالي اليدوية مدروسة دراسة محكمة ومتقنة، إضافة إلى الهواية ودورها أساسي في إنجاز هذه الأعمال.

  • ما الفارق بين الصناعات التراثية برأيك ومعارض الفنانين المهرة من ذوي الاختصاص؟
  • ** الصناعات التراثية القديمة هي صناعات مزروعة داخل كل شخص منا ربما نتيجة الصورة المنطبعة في ذاكرتنا عن أجدادنا، فقد كانت المرأة تعتمد على الصناعات اليدوية المحلية التي تجعلها تعيش حياة سعيدة وبكل بساطة، هذه الأمور بدأ الزمن يلتهمها والتكنولوجيا تدمرها، فلم يعد للصناعات التراثية اليدوية أهمية عند الأكثرية؛ فالغني لم يعد يأبه لمثل هذه الأعمال، والفقير لم يعد يقدّر ما يملك فأخذ يتلف كل شيء من صنع يده حتى يصل إلى درجة الغنى الزائف الذي أخذ يدمره رويداً رويداً، أما بالنسبة للفنانين ذوي الاختصاص فالفنان يدرس العلاقة بين المادة والخط واللون والضوء، وربما الأعمال التراثية القديمة تحقق هذه الأسس بالفطرة وضمن برنامج داخلي عفوي، بينما الأعمال الفنية تكون ضمن مسيرة حياة كاملة متبعة مدرسة فنية محددة معتمدة على أسس ثابتة ومعروفة.

  • لماذ تختارين الألوان الزاهية؟
  • ** بداخل كل شخص حالات من الخوف والتوتر والاكتئاب والحزن المخيم على عقول الناس، ومحاربة هذه الحالات تكون انطلاقاً شخصياً، وكإنسانة وجدت بصيص الأمل والإشراقة والتحدي لمثل هذه الظروف باستخدام الألوان الزاهية لتبعث على البهجة والفرح والسرور.

  • ما انعكاس ألوان الطبيعة على ألوان الأقمشة المستعملة؟ وكيف تعملين على تحقيق التوافق بينها؟
  • ** لألوان الأقمشة المستعملة علاقة مهمة، ولرمزية الألوان أساس فيزيولوجي معين، قمت بتنسيق ووضع الألوان ضمن هارموني مدروس يأخذ الشخص نحو الهدوء تارة ونحو الحماس تارة أخرى، وعلى هذا النحو فإن المجتمع المُعبّر عنه بهذا المفرش هو عبارة عن مجموعة من الطبقات كل طبقة تمثل بلون محدد.

    يذكر أن المهندسة "ديمة عبيد" هي من مواليد "السويداء" 1991، خريجة فنون جميلة قسم العمارة الداخلية شعبة التصميم الداخلي 2014.