اختبر البازلت بقسوته وسواده الجميل ولم يكن نحاتاً ورسم على الأسطح الحجرية المختلفة التي وجدها صالحة لتزيين ولتجميل القاعات، لكنه عندما لون البازلت عبر إلى عالم عملي جديد كان نواة لمشروع كبير لاقى الرواج ليصنع اسماً تقصده الشركات وتستفيد من تصاميمه المبتكرة.

فالحفر على البازلت حالة عايشها وتدرب عليها لسنوات طويلة، لكن فكرة تلوين البازلت كانت طريقة جديدة ونتاج فكرة اشترك فيها مع أحد الأصدقاء المقربين، وبعد تكرار التجربة لاحظ أنها جذبت انتباه كل من يراها ووجدها طريقة مميزة تساعد على تطوير التصاميم الجمالية التي تستخدم في المنازل الراقية والقصور فأخذ يطورها بشكل جعله الأول على مستوى المحافظة في هذا المجال.

لدى "جميل" موهبة متميزة استثمرها بشكل جميل لأنه نشيط ولديه قدرة على التجربة، ولأننا نقضي ساعات طويلة في هذا المرسم فإننا نقدم على الاختبار ونقارن كل تجربة مع سابقتها، وفكرة التلوين كانت إحدى الأفكار المرغوب بها لأنها قدمت للمجتمع فرصة جديدة للتجميل ومع توافر أنواع فريدة من الحجارة كانت الفرصة أكبر لإنتاج أعمال متميزة، اليوم ترى أعماله تزين المنازل الراقية على ساحة المحافظة ليصبح أحد الأسماء المعروفة للجميع بما يمكنه أن يقدم من تصاميم فريدة تضيف لمسة جمالية على المكان، وبات له لونه الخاص

موقع eSuweda زار مرسم "جميل أبو عسلي" للتعرف إلى هذه التقنية الفنية الجديدة من خلال من ينفذها ويسوقها.

باسل زين الدين صاحب المعمارية للرخام

ففي هذا المجال حدثنا السيد "باسل زين الدين" صاحب شركة "المعمارية للرخام" عن تزايد حجم الطلب ونوعية اللوحات المطلوبة حيث قال:

«تابعت أعمال "جميل" على البازلت وشعرت بتميزها، واقتنيت عدداً كبيراً منها عرضته في الشركة، وبعد فترة بسيطة كان السؤال يتزايد من قبل الزبائن الذين أخذوا يطلبون لوحات مشابهة، وعندما عرضنا لوحات البازلت الملونة لاقت الإقبال، لأننا في منطقة يهتم بها الأهالي بتزين المضافات والصالونات وهذا تطلب نوعية محددة من اللوحات الفنية وصور الشخصيات الوطنية والتاريخية، لتلاقي هذه الحرفة الانتشار وقد طلبت الأعمال لدول أجنبية ففي كل عام يقتني المغتربون مجموعة كبيرة من اللوحات التي ينفذها "جميل أبو عسلي" الذي أخذ يطور مشروعه لينتج لوحات فنية فيها جرعة عالية من الجمالية لتكون مناسبة لأذواق الزبائن ورؤيتهم».

لوحة سلطان الأطرش من اللوحات الملونة التي تطلب بشكل كبير

تعامل مع الحجر كموهبة ولم تتوافر لديه فكرة الاحتراف، إلا بعد أن انتشرت أعماله التي خصصت للعرض في الصالونات والمنازل الراقية هكذا حدثنا السيد "جميل أبو عسلي" وقال: «أمتلك معملا لقص الحجر الأسود "البازلت"، وقد خبرت التعامل مع هذا الحجر الساحر لكن لم أتعامل من منطلق الرغبة في النحت، بل هي محاولة بدأتها من خلال نقل بعض الصور الشخصية واللوحات الفنية المشهورة ومن ثم تحولت لأفكار جديدة، منها التلوين لهذا الحجر لإضفاء جمال وتميز على اللوحات الفنية.

وهذه التجربة ساعدني على تطويرها صديقي الفنان "أجود أبو عسلي" حيث اقترح علي تلوين بعض اللوحات لكن السؤال كيف نلون؟ وبأي مادة؟ استهلك بعض الوقت للإجابة، لنعود لمجموعة من الألوان تلك التي تستخدم في صبغة الحجارة التي تخصص للأرضيات والجداريات الحجرية، ولنبدأ بالطلاء للمناطق المراد تلوينها ونتركها لعدة ساعات ومن ثم نطليها ببعض المواد المثبتة للون وكانت هذه الخطوة الأولى، التي أعطت للأعمال مسحة جديدة، وقد عرضنا العمل على المحيطين بنا وحظيت بالإعجاب، ولم أكن لأتفاجأ بحجم الطلب لأنني عندما بدأت ألون هذه اللوحات لونتها بالطريقة التي تناسب للعرض بما ينسجم مع طبيعة المجتمع وعشقه للجمال.

إحدى لوحات الغرانينت الملونة التي توازي البازلت بالجمال

وقد حاولت تطوير المعدات بما يساعدني على الانجاز السريع فقد استعنت ببعض المعدات اليدوية منها رؤوس الماس التي تستخدم للقص، وصممتها بالحجم الذي يناسب لحفر شفيف على البازلت، وطورت آلة لقص الخشب وعدلتها لتستخدم لحفر الحجر، حيث بات بالإمكان العمل على أسطح الغرانيت والرخام إلى جانب البازلت وتلوينها بنفس الطريقة وهذا ما ساهم في تطوير العمل وزيادة الطلب».

الخطوة القادمة للمشروع عبر عنها السيد "جميل" بقوله: «هذه الحرفة فتحت أمامي باباً عريضاً للعمل الذي كنت ومازلت أعشقه والذي حقق لي مورداً مالياً جيداً ولغاية هذا التاريخ أعمل من خلال مرسمي الذي يتوسط "السويداء" القديمة، وأعددت لمشروع تطوير العمل لأنتقي من لديهم الموهبة من الشباب لمساعدتي في انجاز الطلبيات، لأن الطلب بات أكبر من الحجم الذي أتمكن من تنفيذه، إلى جانب تعليم بعض الراغبين بتعلم المهنة، لدي خطط متنوعة لاستثمار المكان وخلق ورشة كبيرة منظمة تكمل المشروع، وقد باشرت بالفعل بذلك لعدة غايات الأولى استثمار هذا الحجر الأسود الذي يعتبر ميزة لجبل العرب والمحافظة عليه والثانية التعبير عن الموهبة ليحتضنها البازلت أو الرخام أو حتى الغرانيت لتكون عنوانا لعمل فني جمالي يقتنى في منازل أهالي الجبل».

عن الحرفية العالية والطريقة الفريدة بالرسم والتلوين تحدث الفنان "أجود أبو عسلي" الذي يعتبر شريك "جميل" ليس بالبيع واستثمار المشروع بل في مجال تطوير العمل بحكم الصداقة التي يلتقيان عليها وقال: «لدى "جميل" موهبة متميزة استثمرها بشكل جميل لأنه نشيط ولديه قدرة على التجربة، ولأننا نقضي ساعات طويلة في هذا المرسم فإننا نقدم على الاختبار ونقارن كل تجربة مع سابقتها، وفكرة التلوين كانت إحدى الأفكار المرغوب بها لأنها قدمت للمجتمع فرصة جديدة للتجميل ومع توافر أنواع فريدة من الحجارة كانت الفرصة أكبر لإنتاج أعمال متميزة، اليوم ترى أعماله تزين المنازل الراقية على ساحة المحافظة ليصبح أحد الأسماء المعروفة للجميع بما يمكنه أن يقدم من تصاميم فريدة تضيف لمسة جمالية على المكان، وبات له لونه الخاص».

الجدير بالذكر أن تلوين البازلت لم يكن الطريقة الوحيدة التي طورها "جميل أبو عسلي" لأنه عمل على فكرة التزيين والعمل الجمالي للمنازل ليقدم إضافات للعمل ترافق لوحاته كتزيين الأرضيات وتقديم نماذج حديثة، ويكفي أن تكون من زوار مرسمه الواقع في وسط الأحياء القديمة في "السويداء" لتتعرف لأفكار فنية جديدة.