"أنا ما ببكي"، "يا حور"، "عمر"، "مغرور"، "نجمة"، هي مجموعة الأغاني الحديثة التي لحنها الفنان "عز الدين الأمير" لنفسه وقدمها بألبوم فني جديد له، يحمل من الخصوصية أن كلمات أغانيه تتضمن هدفاً وغاية، هي بالنسبة له بناء حديث في مشواره الفني، بعد أن أصدر المجموعة الأولى، ناثراً ما تبقى منه.

يعيش الفنان وبداخله هاجس لتحقيق رسالته الفنية، ويبقى يسعى لإظهار ما يختلج بنفسه من أفكار، ويجاهد للوصول إلى هدفه المنشود، لعل الفنان "عز الدين الأمير" هو واحد من الفنانين الشباب، الذين يسعون لتقديم الحداثة بروح المعاصرة على حد قول عازف العود "أيسر أبو شاح" لموقع eSwueda: «يعيش الفنان "الأمير" قلقاً من نوع خاص في أعماله الفنية، إذ يبحث عن الكلمة المغناة التي تحمل بعداً ثقافياً وإنسانياً، ومن خلال الحفلات الفنية التي نقيمها معاً، أرى تفاعل الجمهور معه وذلك حين يتأمل كلماته، معبراً عن إعجابه بمحاورته بعد نهاية كل حفلة، تاركاً في عمق المتلقي التفكير بأسئلة متعددة، والأمل أن هناك من يتقن الكلمة المغناة ذات البعد والهدف، في زمن "الهشك بشك" من الأغاني الهابطة والموجة الرديئة من اللحن والأداء والكلمة وبمستوى الأغنية بشكل عام، ما يقدمه "الأمير" في الـ CD الجديد هو عمل عانى معاناةً ليخرج إلى النور، كل أغنية من أغانيه التسع لها موضوعها الثقافي والإنساني، وبعدها الاجتماعي، أما من ناحية فنية فقد اعتمد "الأمير" بألحانه على آلات شرقية مثل "الناي والعود والقانون والإيقاع، والكمان" ثم أدخل الأورغ لاحقاً، مستخدماً المقامات العربية "كالسيكاه والراست" و"البيات" في درجات استهلالية تترك لدى المستمع تأملا وجدانيا خاصا، إذ يسعى إلى تفريد تلك الآلات الشرقية بهدف تكريس محليته وبيئته السورية».

بعد أن استمعت إلى الفنان "الأمير" بكلمات أغانيه ذات المعنى الوجداني كتبت له قائلاً: "عندما تتجلى الإنسانية في القلب يصير العقل إطاراً لصورتها فيعزفها أفكاراً ويحياها أحلاماً، ويرتلها ألحاناً" لأنه مشروع فنان يستحق أن يقف المرء عند كلماته

علاقته مع المتلقي تأتي بعد النغمة والكلمة، ولهذا ربما تأثير الإيقاع الداخلي على المستمع يحرك في أشجانه ما يجعله يصدح بروحه كلمات تحمل التأثير الوجداني، كما عبر بذلك الصحفي "منهال الغضبان" بقوله: «بعد أن استمعت إلى الفنان "الأمير" بكلمات أغانيه ذات المعنى الوجداني كتبت له قائلاً: "عندما تتجلى الإنسانية في القلب يصير العقل إطاراً لصورتها فيعزفها أفكاراً ويحياها أحلاماً، ويرتلها ألحاناً" لأنه مشروع فنان يستحق أن يقف المرء عند كلماته».

أيسر أبو شاح

موقع eSwueda التقى الفنان "عز الدين الأمير" وكان معه الحوار التالي:

  • ما الجديد الذي يحمله الفنان "عز الدين الأمير" في إصداره الأخير؟
  • الفنان عز الدين الأمير

    ** بداية أنا لا أغني بل أنثر ما تبقى مني، وأتمنى أن تنتشر الإنسانية وتتفشى عدواها لتصيب الجميع خصوصاً أصحاب القلوب المتحجرة والأفكار المتقوقعة، إذ يأتي عملي ضمن مشروع فني أسعى إلى تقديمه، بين حين وآخر، عبر أغانٍ جديدة تحمل الهموم الإنسانية والاجتماعية، منها على سبيل المثال أغنيتي "أنا ما ببكي على الميت" فهذه الأغنية تحمل بعداً إنسانياً، لأننا نحاول دائماً إكرام الشخص بعد مماته وليس في حياته، في الأغنية طرحت إشكالية اجتماعية، وتساؤلا لماذا لا يكرم المرء بحياته؟.. ويشعر بمحبة الآخرين له، بدلاً من أن تمارس العادات والتقاليد والحركات الاستعراضية التي من شأنها أن تُظهر للعامة أنه من الناس المحبوبين، لكن ذلك بوفاته؟.. ولذلك حاولت نشر ثقافة في أغنية وهي ثقافة المحبة بين الناس دون تكلف بها.

  • أنت في مجمل أعمالك تصر على تقديم الحالات الاجتماعية والإنسانية، هل استفدت من تراثك محلي بأعمالك الفنية؟
  • ** أنا من المنطقة الجنوبية في سورية، وهي منطقة تحمل موروثاً اجتماعياً وثقافياً غنياً فيه من الأحداث ما يجعل الفنان يرسم بريشته أشكالاً وألواناً جميلة، ويأخذ من رياحها مقامات تهيئ له اللحن المناسب للكلمة المعبرة، لأنني على ثقة أن تراثنا لو استخدم بشكل علمي لاستطعنا أن نواجه ثقافات الآخرين به وبمضمونه، فالأغنية السورية غزت في الماضي الأوساط الفنية جمعاء من خلال فنانين كان لهم علامات بارزة في تاريخنا المعاصر، حملوا معهم الجملة اللحنية السورية، والكلمة البيئية النابعة من تاريخنا وثقافتنا، ولهذا أسروا قلوب الآخرين دون معاناة، لذلك أنا أؤمن أن الكلمة الشاملة والتي تمس هموم الناس وإنسانيتهم هي المطلوبة اليوم، أما اللحن إن كان تراثياً أم غير تراثي، فالهدف هو الوصول وإيصال المضمون إلى الأفئدة، وهذا ما قدمته في بعض أعمالي.

  • هل تعتمد باختيار أغانيك شعراء معينين؟
  • ** أحاول اختيار الأغاني التي تجول في خاطري وأترجمها ككلمة ولحن، وفي حال وجود شاعر يحمل قاسماً مشتركاً بيننا، أقوم بالتعاون معه، كما حصل مع الشاعر "فرحان الخطيب" بعدة قصائد له، وفي المجموعة الأخيرة كانت له قصيدة "عمر".

  • في إصداراتك السابقة غنيت للجولان وللأرض والمقاومة، هل حملت مجموعتك الجديدة شيئاً من ذلك؟
  • ** طبعاً أنا أغني للإنسانية وهمومها، والمقاومة هي جزء من هذه الهموم، قدمت لها أغنية "يا حور" إلى كل المقاومين، وتهدف الأغنية إلى التمسك بالأرض وعدم التسامح بالحقوق، لأننا دعاة السلام والمحبة ولكننا لسنا دعاة الإذلال والتفريط بالحقوق والواجبات المشروعة، كذلك في أغنية "مغرور" حملت رسالة إلى كل متسلط في هذا العالم لأن الظلام مهما بدا فسيأتي النور، ولي عبرة مؤثرة من قول الشاعر "جهاد الأحمدية" الذي كتب قائلاً: "الحب هو السلطة الوحيدة التي لا يرغب أحد في التمرد عليها".

  • ما القلق الذي تعيشه في مشوارك الفني؟
  • ** أرفرف بروحي كي أصل إلى قلوب الدراويش، لعلي استطيع أن أنشد لحناً يبرق ويرعد في القلوب ليهطل المطر محبة وسلاماً، وقلقي يكمن في قول "الشافعي": "ليس بأخيك من احتجت إلى مداراته، من صدق في أخوة أخيه، قبل علله، وسد خلله، وغفر زلـله"، ولهذا أعيش قلق الكلمة المعبرة واللحن الذي يصل إلى القلوب.

    تجدر الإشارة إلى أن الفنان "عز الدين الأمير" يحمل خطاً ملتزماً بالكلمة المغناة، له مشاركات عديدة في المراكز الثقافية، وحفلات فنية في المناسبات الوطنية والاجتماعية في المحافظات السورية، وCD هو مجموعته الثانية التي قدمها بتسع أغاني جديدة من ألحانه.