الفنان الشاب "سامح كمال" يسعى بكل ثقة للوصول إلى خلاصة تشكيلية تمكنه من التواصل مع الجمهور من جهة، ومع مسار الفن التشكيلي المعاصر ذي الاتجاهات المتعددة.

يقدم لنا الفنان مجموعة من الأعمال التي تعتمد اللون المتدرج من البياض وصولا إلى اللون المحدد مع استخدام خطوط حادة تؤطر الشكل، بما يمنح اللوحة مضمونا لا يقل أهمية عن التقنية، ونتابع مع الفنان "سامح كمال" حيوية الخطوط المنحنية ودفء التداخلات الحميمية بين عناصر العمل.

التناسق والتضاد

تبدأ الحركة عند "سامح" معبرة إلى حد بعيد، يستخدم خلالها لغة اللون والضوء في إظهار أبعاد اللوحة وعمقها، وهذا ما يجعل المتلقي يشعر بحركة الأشكال داخل إطار العمل الفني، فيما تبدأ حياة التعبيرية المتناهية التوغل مع الأشكال.

لدى تأملنا أعماله نجد أن التناسق والتضاد في حركة دائمة بين اللون والغرافيك، وهذا من المميزات الأولى في معالجه الشكل في مفهوم معاصر.

كل هذا النزق والحركة التي يقودها العنفوان رغم موضوع اللوحة الساكن، فغالبا ما نشاهد في لوحته موضوعه المفضل "الطبيعة الصامتة أو الساكنة" فاللون ليست له صفة أو وظيفة خارج النسق الذي يضعه الفنان فيه داخل اللوحة، وكذلك المفردات البصرية التي يتشكل منها العمل الفني كل شيء يمكن أن يحمل المعنى وضده أو يولد الإحساس ونقيضه.

حالات

الفنان المأخوذ بجماليات الطبيعة الخلوية التي تأخذه من الواقع، ثم يسكبها فوق سطح العمل الفني بعد أن يعيد ترتيبها وصياغتها وفق حالاته الشعورية وتجليات نفسه تجاه قضايا الحياة المختلفة مسجلا فيها وعبرها هذه الأحاسيس والمواقف المتسمة بشاعرية شفافة ورؤية نظيفة وحب عارم وصادق للموضوع المعالج، وكل ذلك يعبر عنه "سامح" بلغة فنية فائقة الحساسية والتوافق والانسجام مضمونا وشكلا.

التقنية والاختزال الفني

يقدم الفنان لوحة المنظر الطبيعي بأسلوب تقني لافت يستخدم فيه مادة "الفيرنيش" وبودرة "التالك" و"القلفونة" و"الاسيد" و"الاحماض" وبالتالي فهو يتعامل مع الأشكال على أنها غير ثابتة وبعيدة عن الصياغة الواقعية التقليدية ليركز أكثر على الإيقاع الموسيقي.

ولعلنا لن نكون بعيدين عن الحقيقة إذا قلنا إن "سامح كمال" يريد تقديم الطبيعة بأسلوب واقعي ينم عن إمكانية واستعداد واضحين في التقنية والألوان، وبالتالي تعكس هذه الأعمال الموهبة الحقيقية التي تمتع بها وهو في مقتبل العمر، فاعتماده على الدرجات الهادئة والمنسجمة والرسم القوي والاختزال المعبر، خاصة على صعيد التقنية التي استخدمها ببراعة ورؤية انسجامية فائقة وتحليل جيد.

الملاحظ في هذه الأعمال ميل الفنان المبكر للهادئ المنسجم من أدواته، وتملكه لقدرات جيدة لاعتماده على الرجات القادرة على احتضان التعبير العميق والفهم الصحيح لخواص الحفر والطباعة، وهذه ميزة استمرت معه وتبدت في أغلبية اللوحات التي عالج فيها نفس الموضوع.

أخيراً

هذه المزايا التي اجتمعت في تجربة الفنان وجعلتها تتقدم الصفوف الأولى من تجارب التشكيل في المحافظة، تبدو منطقية مبررة، إذا علمنا أن صاحبها تلمس الدرب مبكرا إلى الفن تدفعه موهبة حقيقية إلى ذلك، سرعان ما ارتسمت في الواقع لوحات عديدة لا تزال تشير وتدل عليها.

ككل التجارب الفنية الحيوية، شهدت هذه التجربة عدة انعطافات أو تحولات قادتها برصانة وهدوء إلى الثراء البصري الذي تملكه اليوم.