لم تكن الحركة الفنية في المدينة ظاهرة للعيان إلا عند بداية الخمسينيات؛ كما أكد الأستاذ "جمال العباس" في محاضرته، رغم المحاولات البسيطة التي كانت تدخل في خانة الهواية، والفضل يرجع إلى عدد من الأساتذة المصريين والسوريين قبل وأثناء الوحدة.

مدونة وطن "eSyria" التقت "جمال العباس" شيخ الفنانين في "السويداء" بثقافي "شهبا"، بتاريخ 27 تشرين الأول 2014، فتحدث عن ملامح الحركة الفنية في المحافظة قائلاً: «ظلت البدايات في نطاق ضيق، وهذه المحاولات لا تتعدى الرسم الملون أو الرسم القائم على الحسابات والمربعات، مثل أعمال السادة: "صالح السعدي"، "حمد السنيح"، "أجود أبو عسلي"، "سمير الجميل"، "محمد حماد"، "يوسف أبو عسلي"، شكل هؤلاء بداية حلقة غير منتظمة، حتى كانت سنة 1954 إلى سنة 1959، حيث توسعت الحلقة وباتت أكثر انتظاماً من أجيال متقاربة استفادت من مدرسين مصريين متخصصين بالرسم مثل: "سعد الدين الشوراني"، ومدرسين سوريين مثل: "محي الدين طالو"، و"محمود نويلاتي"، والمعلم المنتدب "فريد الجميل"، وراحت تنشط في مراسم المدرسة أسماء كثيرة تابع بعضها طريقه نحو الفن خارجاً نحو الطبيعة ليتحاور معها ويتعرف منابعها، منصهراً فيها وصولاً إلى مفهوم اللوحة وركائز العمل الفني.

كانت الحركات الفنية الأولى تكتسب الكثير من الاحترام والفخر، خاصة أن الفنان كان غير معروف واللغة البصرية بكل مكوناتها ما زالت في بداياتها تحبو، وعند القيام بأي حركة فنية وخاصة المعارض الفنية التي كانت تترافق بالأغاني والسهرات، وحضور العائلات. وكنت أسمع من الرعيل الأول في الحركة الفنية أن مركز الفنون الجميلة كان يقيم مخيمات للموهوبين في القرى، حيث كان الشبان ينامون في المخيم، والفتيات يتم نقلهن إلى البيوت، وها هي "السويداء" اليوم تضم أكبر شريحة فنية على مستوى القطر، والفضل في ذلك يعود إلى عدد قليل من الفنانين الأوائل الذي ناضلوا في سبيل استمرار هذه الحركة الفنية

وبعدها جاء نادي الفنون الجميلة محتضناً وداعماً وعارضاً لأعمالهم، وانشغل آخرون بحياتهم الخاصة، وكان لنادي الفنون الجميلة الذي أسس عام 1959 على يد مجموعة من الشباب المتحمسين لتنامي الشعور بالحاجة الملحة إلى احتضان وتشجيع الطاقات الإبداعية الشابة، ولاقى تأسيسه الدعم الشعبي والرسمي، وانضم إليه مجموعة من الهواة ورسموا اللوحات الزيتية والمائية التي وجدت طريقها إلى المعارض الفردية والجماعية التي نظمها النادي ودعا الجمهور لمتابعتها، وكانت بمنزلة عرس حقيقي من كثافة الحضور، ومن هؤلاء الفنانين: "فؤاد أبو سعدى" الفنان العالمي، و"كمال القنطار"، و"حمد عزي"، و"جمال العشعوش"، وقد أغلق النادي عشية محاضرة له في العام 1970».

بروشور تحية إلى الثورة السورية الكبرى

وأردف: «تابع الفنانون رحلة البحث عن حاضنة حقيقية، فكان العام 1973 سنة تأسيس مركز الفنون التشكيلية بقرار من وزارة الثقافة، واستجابة لعدة دراسات من قبلي ومن قبل زملائي وخاصة الدكتور "عبد الكريم فرج" الذي أشرف على تأمين مكبس الحفر، واستقبل مجموعة كبيرة من الفنانين الهواة الذين تابعوا دراستهم في كلية الفنون الجميلة، وما زال المركز مستمراً في عمله إلى الآن، ومنهم: "عادل أبو الفضل"، "فؤاد نعيم"، "فرحان أبو عسلي"، "يحيى أبو سعدى"، "شفيق اشتي"، "أيمن فضة رضوان"، "عصام كرباج"، "بثينة أبو الفضل"..، وبعضهم بات معروفاً في "سورية" والعالم، حتى كان العام 1979 عندما تم تعيين فرع للنقابة برئاسة "جمال العباس"، ومن الأعضاء "إسماعيل صفايا"، و"نوال الحلبي"، ومن إنجازاته: تنظيم معرض سنوي لفناني المحافظة، إحداث معرض سنوي لفناني القطر بعنوان تحية للثورة السورية الكبرى، وقبول عدد من الفنانين دون شرط الشهادة الجامعية، والآن باتت "السويداء" شعلة الفنون بكافة مجالاتها، وفيها كلية مستقلة تزخر بعدد كبير من المواهب، ولا تخلو قرية من وجود الفنانين بكافة الاختصاصات، منهم من وصلت شهرته إلى بقاع الأرض الأربع».

الفنان "مفيد الجباعي" علق على السرد التاريخي الذي أوجزه "العباس" بالقول: «كانت الحركات الفنية الأولى تكتسب الكثير من الاحترام والفخر، خاصة أن الفنان كان غير معروف واللغة البصرية بكل مكوناتها ما زالت في بداياتها تحبو، وعند القيام بأي حركة فنية وخاصة المعارض الفنية التي كانت تترافق بالأغاني والسهرات، وحضور العائلات. وكنت أسمع من الرعيل الأول في الحركة الفنية أن مركز الفنون الجميلة كان يقيم مخيمات للموهوبين في القرى، حيث كان الشبان ينامون في المخيم، والفتيات يتم نقلهن إلى البيوت، وها هي "السويداء" اليوم تضم أكبر شريحة فنية على مستوى القطر، والفضل في ذلك يعود إلى عدد قليل من الفنانين الأوائل الذي ناضلوا في سبيل استمرار هذه الحركة الفنية».

أول بروشور لمعرض جماعي في السويداء
أول صحيفة سورية تكتب عن الفنانين في الجبل