دخل الاستاذ رضوان السح (الباحث والشاعر المعروف) محاضرته عن فلسفة الحلاج بشكل مباشر حيث قال: ان فلسفة الحلاج استغرقت الكتابة عنها من قبل المستشرق الفرنسي مانسيون اربع مجلدات ضخمة.

تقوم فلسفة الحلاج على صعيد الوجود او (الانطولوجيا) على مبدأ النور وعلى مبدأ ما يعرف في فلسفة التصوف بالحقيقة المحمدية، ففي كتابه الطواسين (وهو الاثر البشري الفريد) يتحدث عن السراج وهو النبي محمد (ص) يقول بالحقيقة المحمدية التي تعني ان محمدا هو اول المخلوقات ولذلك هو يعادل العقل الاول في فلسفة الفيوضات التي فاضت على الذات الالهية.

فهو يقول: سراج من نور الليل بدى وعاد

وجاوز السرج وساد

أنوار النبوة من نوره برزت

وانواره من نوره ظهرت...

ولكن حين نتدرج مع فلسفة الحلاج نتلمس بما عرف بنظرية (هوهو) أي بمعنى ان محمدا (ص) ليس شيئا آخر انما هو التجلي الثاني للذات الالهية.

حيث يتحدث هنا عن اللاهوت والناسوت فيقول:

سبحان من اظهر ناسوته سر سنا لاهوته الثاقب

ثم بدا لخلقه ظاهرا في صورة الآكل والشارب

حتى لقد عاينه خلقه كلحظة الحاجب بالحاجب...

أي التجلي الالهي بصورة الانسان.

البحث الثاني: المعرفة (الابستمولوجيا) المعرفة هو الذات الالهية.

الفلسفة الكلامية الاسلامية تبدأ بمعرفة الوجود للوصول الى معرفة الذات الالهية والملاحظ عند المتصوفة ان هذا المبدأ قد نسف من اصله فالذات الالهية هي شيء آخر مغاير تماما للوجود ولا يمكن الاستدلال على هذا الذات بشيء من الموجودات لأنه ليس كمثله شيء حتى يستدل بشيء عليه.

والملاحظ ان الفيلسوف الغربي ديكارت قال عكس ذلك تماما حيث يرى اننا ينبغي ان نؤمن حتى نفهم الوجود.

اما عند الحلاج فالمعرفة لا تكون بالعقل أبداً حيث تتعرف الى الذات الالهية بالكشف والالهام وهي اصطلاحها علم التوحيد، حيث يقول: إذا انطقك الله بالتوحيد فانطق وإلا فلا تسأل.

ويقول: ان هناك حجب ثلاثة للذات الالهية (المعرفة):

1- حجاب العالم: لا يجوز لمن يرى غير الله ان يقول عرفت الله.

2- حجاب العقل: يمنع الانسان من الاتحاد بالله فالعقل العاجز لا يدل إلا على عاجز مثله فالله لا يدرك إلا بالعقل والمقصود العقل القديم الصافي.

3- حجاب الشريعة: من التمس الحق بنور الايمان كمن طلب الشمس بنور الكواكب.

ان المعرفة نار، والايمان نور، والمؤمن ينظر بنور الله والمتصوف ينظر بالله.

وفي النهاية عرج الباحث على مقتل الحلاج حيث قال: إنه كان يبحث عمن يقتله ليكون قربانا او خلاصا للآخرين فهو يقول: اقتلوني يا ثقاتي ان في قتلي حياتي.

وقال: ان ملاحظة احد المستشرقين الفرنسيين على العرب انهم قتلوا بعضهم بعضا اكثر مما قتلوا من أعدائهم، يصب في هذا الاتجاه حيث يعتقد ان الحلاج كان يدعو للخلاص.