على مدار أكثر من ستة أشهر واظبت أربع سيدات، عمر ثلاث منهن تجاوز الخمسين عاماً، على تعلم فنون الحفر والطباعة، لم يكن فقط عمر السيدات هو اللافت، وإنما حماسهن للتعلّم والتدريب في مهنة تحتاج لكثير من الجهد والتركيز.

ربما أكثر ما أسعد الفنان "شادي أبو حلا" أثناء تدريبه للمشاركات الأربع أنّهن كن طالبات علم بحق، وحسب ما يذكر لمدوّنة وطن فإنّ: «فنون الحفر والطباعة من الفنون الدقيقة التي تتطلب موهبةً وجهداً كبيرين لإنتاج عمل فني مميز، السيدات الأربع في كل المراحل عملن بشغف واهتمام كبيرين، وما كنا نطبقه خلال التدريب أعادت السيدات تطبيقه بشكل خاص، وهذا ما أدى لإنتاج كم كبير من الأعمال الفنية الراقية».

الأعمال عبّرت عن الخبرة وكانت بمستوى عالٍ جداً، وأنا أشجع هذه التجربة وقد افتقدنا حضور المشاركة "ريم صالحة" التي تغيبت بسبب السفر

"هدى زيتونة"، وهي أكبر المتدربات سناً إذ إنها من مواليد عام 1958 وتقاعدت مؤخراً من العمل التجاري، تذكر في حديثها لمدوّنة وطن أنّ التدريب طوّر مهاراتها وحبها للأعمال اليدوية، التي كانت تمارس عدة أنواع منها كالرسم، لكنها في هذه التجربة وضعت قدمها على بداية طريق جديد لتنفيذ تقنيات الحفر وفق أصول أكاديمية مدروسة، وتضيف: «ما جنيته من خلال الدورة كان دعم الموهبة بالعلم، وتعلم أصول كولاج القماش و"الموتيف" وهي طباعة أختام ورسم و"المنوتيب" الطباعية على الزجاج، إلى جانب تطبيق تقانات متعددة وغيرها من الأنواع التي استمتعنا بتعلمها بفضل اهتمام كبير من الفنان "شادي أبو حلا" الذي أعطانا بمحبة وود، وقدّم جهداً كبيراً خلال فترة الدورة».

المشاركات كارميلندا رسلان، هدى زيتونة، هيفاء عبد الحي

في المعرض الذي أقامته المشاركات الأربع، قدمت "هدى زيتونة" 13 عملاً تعدّها إنتاجاً لهواية تعيشها بولع وشغف كبيرين مثلها مثل المشاركة "كارميلندا رسلان" من مواليد 1964، عملت في مجال تدوير الأقمشة والتطريز والأعمال اليدوية ورغبت باكتساب خبرات فنية جديدة، وحسب ما تذكر فإن: «المعرض نتاج الدورة التي انتسبت لها بدافع تعلم الطرق العلمية ومهارات تقنيات الحفر التي شعرت أنها تكمل عملي في مجال الأعمال اليدوية في التدوير الذي عملت به لسنوات طويلة وما أزال».

"كارميلندا"، التي طبقت كولاج القماش وشاركت بأكثر من 14 عملاً وضعت فيها نتاج خبرتها، تقرُّ بدور المدرب الذي قدّر شغف السيدات بالفن ودرّبهم على تقنيات فنية معقدة بأسلوب شيّق، وبالنسبة لها المعرض حافز لكل السيدات اللواتي لم تتح لهن الظروف للعمل والتعلم وعدم اليأس.

من أعمال المشاركات

أما الفنانة "هيفاء عبد الحي" فقد أحبت المشاركة في الورشة لتستفيد من تجربة زميلها الفنان "شادي" وتجارب طلابه في فن الحفر لتطوير مهاراتها الخاصة، فالتجربة مع الطالبات والأستاذ مميزة ببساطتها والجو الإيجابي وعمق معلوماتها، والدروس ممتعة وفيها الكثير من التجربة والشغف بالعمل، لأن الطالبات متحمسات جداً للتعرف على الحفر ومثابرات في الإنجاز، والمدرب كان جدّياً وكريماً في منح المعلومات، ولا سيّما مع خبرته الطويلة في التدريس.

وقد استقطب معرض السيدات الأربع حضوراً جيداً من الفنانين منهم الفنان "عصام أبو الحسن" الذي عبّر عن أهمية تجربة السيدات للتعلم بهذا العمر، وما قُدِم من أعمال دليل على نجاح المجموعة في تطبيق تقنيات فنية دقيقة، وأشار إلى أنّ «الأعمال عبّرت عن الخبرة وكانت بمستوى عالٍ جداً، وأنا أشجع هذه التجربة وقد افتقدنا حضور المشاركة "ريم صالحة" التي تغيبت بسبب السفر».

من أعمال المشاركة ريم صالحة التي غابت عن المعرض

يذكر أنّ المعرض تضمن أربعين عملاً بتقنيات مختلفة، وافتتح يوم الأربعاء في الرابع والعشرين من شهر آذار الحالي الخامسة مساء في صالة المركز الثقافي.