استطاع مجموعة من شباب "السويداء" إبداع ونشر القصة القصيرة جداً برؤيتهم الواقعية، وكوّنوا مجموعة إبداعية لهذا الجنس الأدبي برؤية شبابية خالصة، وانتشروا ضمن العالم الافتراضي والمراكز الثقافية، حيث باتوا سباقين بهذا النوع من الأدب.

حول فن القصة القصيرة برؤية شبابية، مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 تموز 2018، التقت الناقد الدكتور "فندي الدعبل"، الذي أوضح قائلاً: «جاء تكوين الرؤية الشبابية في "السويداء" لفن القصة القصيرة جداً من منطلق أن مفهوم هذا الأدب والجنس الأدبي الإبداعي، وإن كان معروفاً منذ تسعينات القرن الماضي، إلا أن انتشاره وتمدده اقتصر على المهتمين بالأدب فقط، وبعد ظهور وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة منذ عقد من الزمن تقريباً، أسهمت مساهمة فاعلة وملموسة بعملية التنوير الفكري والعلمي، فلم تعد القصة القصيرة جداً حبيسة أو أسيرة بعض المهتمين أو النقاد، وأصبح حضورها أمراً واقعاً، وقد ظهر في "سورية" عدد من الملتقيات والنوادي التي أسهمت بالتعرف إلى هذا الجنس الأدبي. أما بالنسبة للقصة القصيرة جداً في "السويداء"، فإنها مدينة بظهور تأسيسها للأديب الكاتب "زياد القنطار"، الذي استثمر الفضاء الأزرق لإنشائه، ولاقى استحساناً وقبولاً لدى شريحة كبيرة من الكتاب والمهتمين بهذا اللون الأدبي الطارئ عليهم، حيث تداعى إلى الانضمام بالكتابة بهذا الجنس الأدبي عدد غير قليل من الشباب المهتمين، وبات هذا الجنس يعمل به ويجاري إلى حد ما إخوته من الأجناس الأدبية الأخرى. وفي المقاربة للملامح الشخصية في "ق.ق.ج"، فهي لا تختلف عن الشخصية في السرديات الأخرى من العناصر الممكن استثمارها في بنائها، بل في طريقة استثمار تلك العناصر وتوجيهها وخضوعها لمبضع الاختزال ودقة الاختيار التي تحافظ على كون هذه الشخصية مرنة وموجهة سهمياً نحو خدمة حكايتها، إضافة إلى كونها مقنعة وقادرة على حمل وظيفتها الحكائية، عبر التخلص من أدران التقريرية والنمطية، حيث اعتمد هؤلاء الشباب الحبكة وأشكال الحكاية، فهي قادرة على استثمار جميع طاقات السرد الحكائي، وعلى تنويع أشكال تقديم الحكاية، والإفادة من طرائق العرض المختلفة، شريطة أن تحافظ على خصوصياتها، وتأخذ بالحسبان دائماً، تأثير التكثيف بكيفية استثمار تلك الأشكال والطرائق. ويعدّ ما قام به هؤلاء الشباب نقطة تحول في هذا الجنس غير المطروق بين الأجناس الأدبية في "السويداء"، بل استطاعوا أن يحملوا الريادة بذلك».

تمثل المفارقة في كتابة "ق.ق.ج" التأكيد على أمرين اثنين؛ أولهما: أن عدم اعتماد السرد على المفارقة يحولها إلى حالة سردية غير جديرة بالانتماء إلى هذا النوع السردي. والثاني: أن المفارقة التي تعتمد الطرفة غير الموظفة تجعلها نكتة سمجة، خاصة أن أسس القصة القصيرة جداً معمارياً على البداية والعقدة والجسد والنهاية. بيد أن أهم عنصر في هذا الفن الأدبي الجديد هو النهاية أو القفلة التي تربك المتلقي بإيجازها وإضمارها وتكثيفها، وتخيب أفق انتظاره بجملها الصادمة، وتشتبك معه بعباراتها المستفزة. ولا تقتصر الخاتمة أو القفلة على العبارة أو الجملة الأخيرة من القصة، بل قد تكون عبارة عن نقط حذف، أو علامة ترقيم، أو مقطع، أو فقرة، أو متوالية، أو مجموعة من الجمل المتراكبة أو المستقلة، وهي ليست اختصاراً لرواية أو قصة، بل هي كيانٌ قائمٌ بحدّ ذاته يمتاز بالحكائيّة المبنية على الحذف والتكثيف والإزاحة اللفظية والإضمار ليكوّن الكاتب شراكةً مع المتلقي في حريّة التأويل

وعن صناعة القصة القصيرة جداً كحالة تجنيس أدبي، بيّن "سمير فليحان" أحد الكتاب الشباب، قائلاً: «تمثل المفارقة في كتابة "ق.ق.ج" التأكيد على أمرين اثنين؛ أولهما: أن عدم اعتماد السرد على المفارقة يحولها إلى حالة سردية غير جديرة بالانتماء إلى هذا النوع السردي. والثاني: أن المفارقة التي تعتمد الطرفة غير الموظفة تجعلها نكتة سمجة، خاصة أن أسس القصة القصيرة جداً معمارياً على البداية والعقدة والجسد والنهاية. بيد أن أهم عنصر في هذا الفن الأدبي الجديد هو النهاية أو القفلة التي تربك المتلقي بإيجازها وإضمارها وتكثيفها، وتخيب أفق انتظاره بجملها الصادمة، وتشتبك معه بعباراتها المستفزة. ولا تقتصر الخاتمة أو القفلة على العبارة أو الجملة الأخيرة من القصة، بل قد تكون عبارة عن نقط حذف، أو علامة ترقيم، أو مقطع، أو فقرة، أو متوالية، أو مجموعة من الجمل المتراكبة أو المستقلة، وهي ليست اختصاراً لرواية أو قصة، بل هي كيانٌ قائمٌ بحدّ ذاته يمتاز بالحكائيّة المبنية على الحذف والتكثيف والإزاحة اللفظية والإضمار ليكوّن الكاتب شراكةً مع المتلقي في حريّة التأويل».

الدكتور فندي الدعبل

وتابع "سمير فليحان": «هذا الجنس الأدبي نال استحساناً وقبولاً عند جيل الشباب مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، الذي يعتمد المنشورات القصيرة "البوست" لكن دون تجنيس أدبي واضح، ومن خلال هذا الجنس الأدبي يمكن أن نطور هذه المنشورات لتأخذ خطاً أدبياً راقياً ودقيقاً ومجنساً، وأستطيع القول إننا نجحنا في إنقاذ هذا الجنس الأدبي قبل أن يصاب بتخمة الكتاب والنشر من دون ضوابط تعطيه القيمة الأدبية، كما حصل في الشعر والخاطرة وغيرها، حيث بدأت كفكرة مشتركة بيني وبين الأستاذ "زياد القنطار"، وقمنا بنشاط في العديد من الروابط والملتقيات، وبعد أن درسنا أن "السويداء" فقيرة بالكتاب في هذا الجنس الأدبي، بدأنا تأسيس صفحة على "الفيسبوك"، وقررنا أن يكون الملتقى ورشة عمل، من خلال استقطاب أقلام شابة، والعمل عليها، استطاع عدد من الكتاب كتابة نصوص مميزة، وحين تم نشرها إلكترونياً دفع ذلك مشاركة عدد من الكتاب من "سورية" والوطن العربي. الأمر الجدير ذكره، أن عمر هذه المجموعة الشبابية ستة أشهر، وباتت تمثل حالة في أدب القصة القصيرة جداً».

الكاتب سمير فليحان
جانب من اللقاءات