يمثّل الفنان "أيهم خير المحيثاوي" ظاهرة شبابية مميزة بفنه وإبداعه، حيث عمل على مزج مدرستين معاً بتقنية مميزة في عالم الأسطورة والفن الإنساني؛ مجسداً "العنقاء" بنقلته تلك.

حول رؤيته الفنية بين "الواقعية" و"السريالية"، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 آذار 2018، التقت الفنان التشكيلي "أيهم خير المحيثاوي"، الذي بيّن قائلاً: «ما قمت به من مشروع فني يمثل حالة لدي، وهذه اللحظة السعيدة بالنسبة لي أتت من تعبير عن طاقة كامنة، ويقيناً بأن الحياة رحم نعيش فيه علاقاتنا، نولد ونتبلور، نؤثر ونتأثر، مخاض دائم لولادة جديدة، وروح بيننا وداخلنا متجددة، وكما هو تدفق الحياة الدائم، كذلك تتغير شخصية الإنسان مع مراحل حياته وتنوع تجاربه. فيما مضى كنت أعتمد الرسم الواقعي لأعبر عن حالات تستحق الالتقاط، كما هو حال أي رسّام يلتقط الصور بعينيه لينقلها إلى الورق، في داخل كل رسّام بذرة تحوّله إلى فنان ينقل بكل حواسه مجتمعةَ مع إحساسه وخياله ما تراه عينا عقله وقلبه، ببصمته الفردية في رؤية العالم وترجمته إلى آفاق تحرك الفكر والعاطفة، روح الإلهام تخطف ناقلها إلى عالم يكتمل فيه الجوهر بالترجمة، كالحال في كل إبداعات البشر وخلقهم للوحات، وصور فوتوغرافية للحظات مميزة، وكتب وقصص، وأشعار وخواطر، وغيرها من فنون وآداب وعلوم هذا الكوكب، ومع مرور الوقت وازدياد الخبرة أصبحت أفكاري محررة أكثر من الأسلوب المنطقي والوضوح المبالغ فيه».

السريالية هي التي اختارتني، وبعفوية قادني بحثي الفني إلى عالم الأحلام والعجائب، عالم لا ينفصل عن الواقعية؛ إذ إن كل الخيوط مترابطة، وكل الأساليب تقود إلى الفن الذي يشمل باتساعه كل مبهر، لكنه ينطلق من الواقعية ويتحداها بتمرد. تحررت التشكيلات من الجاذبية أولاً، ثم من الأرض المألوفة، وأصبحت تسبح في فلك لا مستحيل فيه، عندها أبصرت "العنقاء"، تناغم تغير أسلوبي وتقنيتي واتجاهي الفكري مع تغيري الشخصي، كأنما أخذني كل الضجيج متصاعداً إلى صمت واحد، صمت الخلق وسكون الطبيعة، إشارات وتشكيلات لكل ما هو حولنا؛ تحرك في المخيلة ألف صورة وصورة في كل الألوان، ومنها رأيت نور الطائر السرمدي "طائر الفينيق"

وتابع تفسير اختياره للسريالية قائلاً: «السريالية هي التي اختارتني، وبعفوية قادني بحثي الفني إلى عالم الأحلام والعجائب، عالم لا ينفصل عن الواقعية؛ إذ إن كل الخيوط مترابطة، وكل الأساليب تقود إلى الفن الذي يشمل باتساعه كل مبهر، لكنه ينطلق من الواقعية ويتحداها بتمرد. تحررت التشكيلات من الجاذبية أولاً، ثم من الأرض المألوفة، وأصبحت تسبح في فلك لا مستحيل فيه، عندها أبصرت "العنقاء"، تناغم تغير أسلوبي وتقنيتي واتجاهي الفكري مع تغيري الشخصي، كأنما أخذني كل الضجيج متصاعداً إلى صمت واحد، صمت الخلق وسكون الطبيعة، إشارات وتشكيلات لكل ما هو حولنا؛ تحرك في المخيلة ألف صورة وصورة في كل الألوان، ومنها رأيت نور الطائر السرمدي "طائر الفينيق"».

لوحات الدلالة والتقنية

وعن الفرق بين السريالية والواقعية، تابع بالقول: «السريالية كلمة مشتقة من الفرنسية، تعني حرفياً "فوق الواقع"، آليّة أو تلقائية نفسية خالصة، من خلالها يمكن التعبير عن واقع اشتغال الفكر إما شفوياً أو كتابياً، أو بأي طريقة أخرى، فالأمر يتعلق حقيقة بقواعد إملائية للفكر، مركبة بعيدة كل البعد عن أي تحكم خارجي أو مراقبة تمارس من طرف العقل وخارجة عن نطاق أي انشغال جمالي أو أخلاقي، وقد اعتمد السرياليون في رسوماتهم الأشياء الواقعية واستخدموها كرموز للتعبير عن أحلامهم والارتقاء بالأشكال الطبيعية إلى ما فوق الواقع المرئي. واهتمت "السريالية" بالمضمون وليس بالشكل، والفنان السريالي يكاد أن يكون نصف نائم ويسمح ليده وفرشاته أن تصور إحساساته العضلية وخواطره المتتابعة من دون عائق، وفي هذه الحالة تكون اللوحة أكثر صدقاً.

أما الواقعية، فتعنى بتصوير الأشياء والعلاقات بصورة واضحة كما هي عليه في العالم الحقيقي الواقعي، وبتصوير الجوهر الداخلي للأشياء، وليس الجنوح إلى الفانتازيا أو الرومانسية، وقد تخلت الواقعية عن ضرورة انعكاس مشاعر الكاتب وموقفه الخاص فيما يكتب، فالعالم يجب أن يصور من دون أي محاولات للتفسير، أو انحياز إلى موقف دون آخر، كلما أمكن ذلك. الفن بكل أنواعه ممتع وخلّاق، ويحرّك بداخلي كل طموح للذهاب إلى أوسع وأبرع ما يمكنني أن أقدّم، يمكن أن يقف الإنسان أمام لوحة لتخطفه بكل ما فيه إلى عالم آخر، أو تنقل إليه جانباً من الرؤية لم يره من قبل، هذا هو الإنسان عندما يبدع ويقارب بريشته الجمال الموجود في كل شيء، وهذا الجمال دافعي الدائم».

الفنان أيهم المحيثاوي وهو يرسم

وعن القدرة الفنية بالربط بين الواقعية والسريالية، بيّن الفنان التشكيلي "بسام مقلد" قائلاً: «ما عمل عليه الفنان "أيهم المحيثاوي" يعدّ نقلة نوعية في دراسة البنية التشريحية للفن الواقعي وربطه بالسريالية القائمة على الأحلام والتخيل، والقارئ لأعماله الفنية ولوحاته واستخدامه للألوان يجد طريقة تحمل أبعاداً مهمة في الطاقة والبحث عن الذات بإيقاع ورتم يختص به نفسه. ولعل ما فعله في اختياره للعنقاء حالة ربط تقني بين الواقعية والسريالية رؤية جديدة؛ ذلك لأن الطاقة الكامنة في داخله لها جماليات خاصة في التعبير والوصف، ورسم الخيال والطموح والتخيل الإنساني بأسلوب فني يستحق عليه أن يكون فناناً مميزاً بعمله، خاصة أنه انتقل إلى السريالية بعد أن تشبع بالواقعية، وهذا الحد من العمل يصعب على الفنان الانتقال بسهولة من دون التخيل، لكنه عاش الفن الواقعي وعاش الفن التخيلي، وربط بينهما».

يذكر أن الفنان "أيهم المحيثاوي" من مواليد "السويداء" عام 1995.

من لوحاته