ترسم "أمل أبو فياض" لوحاتها الملأى بالإيحاءات التي تعدّ الطبيعة والإنسان أهم مرتكزات العمل الفني، بطريقة يكون فيها الترابط بين الفكرة والتكوين واللون سيد العمل؛ وذلك إيماناً منها بأن اللوحة كلما كانت منسجمة العناصر، كانت أقرب إلى المتلقي.

مدونة وطن "eSyria" التقت الفنانة "أمل أبو فياض"، بتاريخ 24 كانون الثاني 2018، فتحدثت عن سبب اعتمادها الترابط بين الفكرة واللون والتكوين في أعمالها الفنية، بالقول: «أعدّ التكوين واللون والفكرة أساس بناء اللوحة الفنية، فالعمل الفني كلما كان متوازناً، كان متكاملاً؛ وهذا ما يجعله أكثر استفزازاً للمتلقي، وهنا يجب أن يكون العمل مدروساً من كل الجوانب ليبدو قوياً بكافة عناصره، وتختفي فيه علامات الضعف، وهنا يحصد العمل غايته في الجمال الذي يحقق له كل الغايات المتبقية، وكلما كان العمل متوازناً حقق التأثير المطلوب عند المشاهدة، لذلك ترى في لوحاتي أن العمل يبدأ بالفكرة التي تعدّ نقطة البدء ببناء اللوحة، ثم يأتي التكوين واللون ليؤكد الفكرة. وأعمل على الخطوط في خدمة هذا الاتجاه من حيث الميول والاستقامة، وهذا يظهر في كل أعمالي الفنية سواء التي رسمت فيها الحالات الإنسانية أو الطبيعة أو الوجوه».

الفن حالة من التعبير العام، حتى لو كان ضمن التجربة الفردية، لذلك هو رسالة بكل مكوناته، وهذه الرسالة يجب أن تكون إنسانية أولاً، ثم ذات دلالة على الهوية والبيئة التي ينتمي إليها الفنان، وأنا في أعمالي الفنية أحاول أن أجسد ذلك، من خلال تجسيدي للحدث الذي يخص بيئتي ووطني، ومن يرى أعمالي يقرأ الطبيعة والمرأة السورية قبل أي شيء آخر؛ وهذا ليس تحيزاً، ولم يمنعني من رسم ما هو إنساني أصلاً

وعن سبب غلبة المدرسة التعبيرية على أعمالها، تتابع: «لأن المدرسة التعبيرية هي مدرسة الابتعاد عن الواقعية، وهي المدرسة التي تعتمد الإيحاء، ويستطيع الفنان من خلالها إيصال الرسالة الفنية بشكل أبلغ فنياً، مع أنني أعدّ كل المدارس مجال بحث للفنان، لكن عملي الفني انحصر بالمدرسة التعبيرية لأنها مدرسة مباشرة. وهي لا تعتمد رموزاً وتفاصيل، فالأسلوب التعبيري هو حالة تجاوز للشكل من خلال لمسات اللون من دون التوقف كثيراً عند التفاصيل، وهذا الأسلوب يخدم الفنان بالبعد عن الشكليات والاعتماد على المضمون، وخاصة أن المضمون هو القيمة الجمالية الحقيقية للفن.

الفنان ناصر عبيد

مع أن الفن في القرن الحادي والعشرين لم يعتمد مدرسة معينة، لكن هناك مقاربات تقول إن الفن فيه أقرب إلى المفهوم التعبيري، والحالة التعبيرية هي السائدة في العمل؛ لأنها تأخذ بشكله ومضمونه، وأنا في هذا الأسلوب أشعر بجمالية خاصة في لوحاتي من خلال استخدام نظافة اللون ووضوحه، لذلك ترى في أعمالي طغياناً للألوان الواضحة والصريحة، وكل ذلك بكل التقنيات التي يستخدمها الفنان من الريشة والسكين والإصبع واليد».

وعن تجربتها الفنية، تقول: «التجربة دائماً في البدايات تكون أقل ثقافة ومعرفة، لذلك ترى هذه التجربة تتطور مع الزمن، ففي البداية تكون الخبرة غير كافية، وخاصة في طريقة استخدام اللون والتقنية، ومع الاستمرار تطورت التجربة، فأصبحت الأعمال أكثر جمالاً وكمالاً من ناحية الفكرة واللون، وهذا ما أعدّه حالة تطور؛ لذلك ترى في لوحاتي الأخيرة في المعرض السنوي لفناني "السويداء"، تجربة أكثر وضوحاً، كذلك في معرض "حواء"، الذي أقيم في صالة "الآرت فورم"، والذي تحدثت فيه أعمالي عن الطبيعة والأنثى، فالتجربة كلما تطورت، أصبحت تفضي بإحساس أكثر بالحياة، ولديّ اليوم 100 عمل فني بكل المقاسات الصغيرة والكبيرة، وقد تناولت فيها المرأة والأسطورة والطبيعة، وكانت الرسالة في كل أعمالي رسالة الجمال والمحبة».

لوحة محاكاة

وعن أسلوبها في العمل، تتابع: «هناك هوية في أعمالي الفنية، تتجلى في المواضيع المختارة، وعناصر اللوحة وتكوينها، فالعمل يعتمد فكرة، لكن يجب أن تكون هذه الفكرة متجددة لدى الفنان دائماً؛ فهي التي تجعل علاقة الفنان مع اللوحة علاقة ترابط وانسجام، والفكرة بحاجة إلى رؤية ناضجة لكي يصبح الموضوع المرسوم صاحب دلالات لما يريد الفنان التعبير عنه، سواء أكان الموضوع من الطبيعة أو البيئة أو الحياة بوجه عام، وأحياناً أرفض الفكرة التي تقيد عمل الفنان ولا تعطيه الحرية التي يجب أن تكون أساس اللوحة».

وعن جوهر الفن ورسالته في أعمالها، تضيف: «الفن حالة من التعبير العام، حتى لو كان ضمن التجربة الفردية، لذلك هو رسالة بكل مكوناته، وهذه الرسالة يجب أن تكون إنسانية أولاً، ثم ذات دلالة على الهوية والبيئة التي ينتمي إليها الفنان، وأنا في أعمالي الفنية أحاول أن أجسد ذلك، من خلال تجسيدي للحدث الذي يخص بيئتي ووطني، ومن يرى أعمالي يقرأ الطبيعة والمرأة السورية قبل أي شيء آخر؛ وهذا ليس تحيزاً، ولم يمنعني من رسم ما هو إنساني أصلاً».

لوحة فوضى

وفي قراءة للفنان "ناصر عبيد" من مدينة "السويداء" في أعمال الفنانة "أبو فياض"، يقول: «تمتلك رموز لوحتها ومفرداتها الخاصة من خلال دمج تقنية الكولاج والتصوير الزيتي لتبدع لوحة لها رونقها الخاص، وتتميز لوحاتها بتكوين وأشكال متماوجة ومتداخلة مستقرة ومتوازنة لونياً، كما أنها تتميز بقدرتها على توصيل أفكارها وتعابيرها بلغة الفنان الذي يعلم ماهية اللون والتكوين والخط. وهي تختار مواضيعها من عناصر مختلفة، فنرى المساحة التصويرية منسجمة مع اختيارها لدرجات الألوان وتوزيعها على مساحة اللوحة، إضافة إلى حسّها التعبيري في الألوان الحارة والباردة؛ وهذا ما يجعل أعمالها متكاملة النسيج ومنسجمة التكوين».

يذكر أن الفنانة "أمل أبو فياض" من مواليد مدينة "السويداء"، عام 1990، وهي تحمل إجازة من كلية الآداب، قسم التربية منذ عام 2011، ومدرّسة مادة الإرشاد النفسي، وطالبة في السنة الرابعة في كلية الفنون الجميلة في "السويداء"، قسم الإعلان والاتصالات البصرية، ولديها عشرات المعارض الجماعية والمشتركة، ومعرضان فرديان.