بحثاً عن حلول ناجعة تنسجم مع البيئة المحلية، عمل أهالي بلدة "الكفر"، من خلال جمعية "أصدقاء البيئة" على تطبيق مشروع تصنيف النفايات صمّم على مقاس البلدة، كخطوة أولى لمشروع بيئي يطرح استثمار وتدوير النفايات.

الفكرة بخطوتها الأولى ثبتت على أرض الواقع كأول تجربة على مستوى المحافظة بجهود حثيثة، لتكون البداية مع التوعية والعمل الميداني لتصنيف يشمل كافة النفايات التي يمكن أن تنتج عن المنازل، وانتقاء قنوات لتصريفها بطرائق بيئية صحية مدروسة، وفق حديث "نورالدين الشعار" رئيس مجلس إدارة جمعية "أصدقاء البيئة"، الذي تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 14 كانون الأول 2017، عن البداية وطرائق التمويل التي تحققت بالتعاون مع جهات تنموية داعمة، وقال: «مشكلة تراكم النفايات ومخاطرها، وعدم توافر طرائق حديثة للتخلص منها من دون إحداث الضرر بالبيئة، مشكلة حاولنا البحث عن حلول لها للمحافظة على بيئة "الكفر" الجبلية والنقية، وبالحوار والحديث المطول بين المهتمين والأهالي، تم وضع قواعد المشروع بما ينسجم مع البيئة المحلية، وكانت الفكرة بحاجة إلى التمويل لتنطلق الخطوة الأولى بعد مناقشة المبادرة من قبل لجنة الإدارة الذاتية مع "دائرة العلاقات المسكونية والتنمية"، لتتم الموافقة على المبادرة، وتم التمويل من قبل "المنظمة السامية لشؤون اللاجئين"، وعليه خططنا للقاءات في عدد من الأحياء، كان الهدف منها شرح هذه المبادرة والتعاون مع أهالي الأحياء لتنفيذها بطريقة صحيحة، ووفق الرؤية التي نأمل أن تكون ناجحة.

توفر الحاويات لكل نوع من أنواع النفايات أظهر أهمية المبادرة، فلا مواد قابلة للتلف تختلط بالكرتون أو غيرها من القطع البلاستيكية، وفهمنا كأهالي لفكرة التصنيف ضروري لاستثمار كل البقايا بأسلوب مفيد بإعادة تدوير مدروسة، وبالنسبة لي، فقد حضرت من بقايا الكرتون قطع صالحة للتدفئة، حاولت بعد خلطها مع كل النفايات القابلة للاشتعال وضغطها وتشكيلها ضمن قالب محدد لتجفف، وهي اليوم وقود للمدفأة تخفف من استهلاك المحروقات والتخلص من النفايات بطريقة سليمة ومناسبة. العملية لا تستهلك الكثير من الوقت، وقيام شخص واحد بهذه العملية يخفف على الحي كميات كبيرة من النفايات التي تعدّ في الوقت الحالي عبئاً في النقل إلى المكبات، وتشكل أكواماً كبيرة في الوقت الذي نستطيع تحويلها إلى وقود صديق للبيئة

وبتوافر التمويل تم شراء سبعة وخمسين برميلاً معدنياً، وأدوات نظافة (مكانس ومجاريد حديد، ودلاء بلاستيك، وأكياس بلاستيك)، وباشرنا التحضير لعملية قص البراميل؛ أي ثمانون حاوية تم توزيعها على الأماكن المخصصة لها، كما تم توزيع سبعة عشر برميلاً بحجمها الكامل لاستخدامها في عملية تدوير الورق والكرتون لعدد من الأفراد الذين لديهم تجارب في هذا المجال واستعدوا للمساعدة».

نور الدين الشعار رئيس مجلس إدارة جمعية أصدقاء البيئة

المشروع طرح فكرة التصنيف باعتماد توعية المجتمع للتخفيف قدر الإمكان من النفايات بطرائق صديقة للبيئة، كما أضاف "رفيق حمدان" عضو مجلس جمعية "أصدقاء البيئة"، وقال: «تقدمنا إلى "دائرة العلاقات المسكونية والتنمية" بمبادرة الهدف منها زيادة عدد الحاويات المخصصة للنظافة، إضافة إلى موضوع فرز وتدوير المخلفات المنزلية، وذلك من خلال تقسيم هذه النفايات على النحو التالي: بقايا الطعام والخضار وقشور الفواكه التي يتم التعامل معها بتقديمها لمالكي الدواجن والأغنام والماعز في الحي، بقايا الورق والكرتون وقشر البزر وبقايا المتة والشاي وقشر الجوز واللوز، وكل البقايا القابلة للاشتعال توضع ضمن براميل، ويضاف إليها الماء وتحرك حتى نحصل على عجينة وتوضع ضمن قوالب بلاستكية حسب الهدف من الاستخدام وتجفف بالشمس وتصبح جاهزة للاستخدام في الشتاء للتدفئة.

العبوات الفارغة من بلاستيك وزجاج تنتج في المنزل تتم تعبئتها ضمن أكياس، ويتم بيعها للباعة المتجولين الذين يتاجرون بهذه المواد، هنا يبقى لدينا من المخلفات المنزلية الكمية البسيطة والناتجة عن نظافة المنزل، بهذا نكون قد خففنا كميات القمامة عن الآليات والعمال ومقلب القمامة من دون أن يكون المقلب مرتعاً للكلاب الشاردة وبؤرة للحرائق والدخان».

صالح مرشد ومجموعة الإدارة الذاتية

التنفيذ على أرض الواقع تابعه أعضاء الجمعية وشباب تطوعوا للعمل ضمن لجنة الإدارة الذاتية التابعة للجمعية، كما حدثتنا "ديانا الشعار" طالبة فلسفة سنة رابعة، وقالت: «كشباب لدينا اهتمام بالبيئة، وقد تابعنا عمل الجمعية وأنشطة المجتمع الأهلي للوصول إلى حلول مرضية لمشكلة النفايات، ومع توافر الوسائل تابعنا عملية توزيع الحاويات وجاهزيتها لنوزع ثمانين حاوية تم الإشراف على تجهيزها وفق حاجة الأحياء كمرحلة أولى.

وتم عقد اجتماعات في المنازل لشرح أهداف المبادرة وأهمية التصنيف لما فيها من فائدة للبيئة والمحافظة على نظافة البلدة، وتقليل تقطيع الأحراج. وقدمنا شرحاً مفصلاً في المدارس للتلاميذ لتطوير مشاركة الطفل في هذه المبادرة لكونها تعتمد بوجه أساسي على متابعة وفهم الأهالي، ونظمنا للقاء في الجمعية الفلاحية للتواصل مع أكبر شريحة من الأهالي لضمان التعاون والاستماع إلى اقتراحات وأفكار من لديهم اطلاع ومعرفة للمساعدة وإنجاح المبادرة ضمن خطوط عريضة تكفل الاستمرارية، وزيادة عدد الحاويات والاستثمار السليم لها، فالفكرة طموحة، وأتوقع أن هناك فرصاً كبيرة لتطويرها بصورة دائمة».

قطع أعدت للتدفئة من خلطة الكرتون والنفايات القابلة للاشتعال

تفهم واضح من أهالي البلدة، ومنهم من دعم المبادرة في ابتكار طرائق لاستثمار سليم للمخلفات، كما حدثنا "صالح مرشد" (نجار موبيليا) الذي تابع مع أهالي الحي التجربة، وقيّمها بالمفيدة، ويقول: «توفر الحاويات لكل نوع من أنواع النفايات أظهر أهمية المبادرة، فلا مواد قابلة للتلف تختلط بالكرتون أو غيرها من القطع البلاستيكية، وفهمنا كأهالي لفكرة التصنيف ضروري لاستثمار كل البقايا بأسلوب مفيد بإعادة تدوير مدروسة، وبالنسبة لي، فقد حضرت من بقايا الكرتون قطع صالحة للتدفئة، حاولت بعد خلطها مع كل النفايات القابلة للاشتعال وضغطها وتشكيلها ضمن قالب محدد لتجفف، وهي اليوم وقود للمدفأة تخفف من استهلاك المحروقات والتخلص من النفايات بطريقة سليمة ومناسبة.

العملية لا تستهلك الكثير من الوقت، وقيام شخص واحد بهذه العملية يخفف على الحي كميات كبيرة من النفايات التي تعدّ في الوقت الحالي عبئاً في النقل إلى المكبات، وتشكل أكواماً كبيرة في الوقت الذي نستطيع تحويلها إلى وقود صديق للبيئة».

ما يجدر ذكره، أن عدد سكان قرية "الكفر" اليوم يصل مع الوافدين إلى 17 ألف نسمة، وتبعد عن مدينة "السويداء" 10كم، وقد غطت المبادرة عدداً جيداً من أحياء القرية، والعمل مستمر لاستكمال توزيع الحاويات على كافة الأحياء.