تعدّ الزراعات الشتوية نموذجاً جديداً للعمل في بلدة "المزرعة"، التي تتميز أرضها بانبساطها وجودتها، وغنى تربتها الطينية بالمعادن؛ وهو ما يجعلها صالحة لزراعة أغلب أنواع الخضراوات الشتوية التي أصبحت تشغل مساحات واسعة مع توفر المستلزمات اللازمة لذلك من مستثمرين ومتطلبات إنتاج.

مدونة وطن "eSyria" زارت أحد مشاريع الزراعات الشتوية، والتقت المزارع "عدنان الخطيب"، بتاريخ 14 تشرين الثاني 2017، فتحدث عن بداية مشروعه بالقول: «الزراعة الشتوية ليست جديدة علينا، لكن الجديد هو تطور هذه الزراعة وتحسن إنتاجها بسبب توفر مستلزمات جديدة لم تكن موجودة سابقاً؛ ففي السابق كنا نزرع الخضراوات الشتوية، لكن هذه الزراعة كانت للاكتفاء الذاتي فقط، وبعد أن سمحت الدولة بحفر الآبار للمستثمرين الذين يملكون مساحة لا تقل عن عشرين دونماً من الأرض الزراعية، وبعد دخول المستثمرين الذين يملكون المال، بدأت هذه الزراعة تصبح مدروسة أكثر؛ وهو ما جعلها اليوم رافداً اقتصادياً يعتمد عليه الفلاح.

تقوم الجمعية بدعم هذه المشاريع من خلال توفير المازوت الذي تحتاج إليه الجرارات التي تقوم بعملية الفلاحة، والذي تحتاج إليه المولدات لسحب مياه الآبار، كما أن الجمعية تحاول إيجاد صلة وصل بين أسواق الخضار والفلاحين، وذلك لتخفيض دور السماسرة في عملية التسويق، ويساعدنا في ذلك وجود أكثر من سوق للخضراوات في البلدة؛ وهذا ما خفف عبء النقل عن الفلاحين أيضاً

لدي عشرون دونماً من الأرض، أستثمرها اليوم من خلال مد شبكة التنقيط ووضع السماد اللازم، إضافة إلى الفلاحة والرش بالمبيدات الحشرية عن طريق الاستعانة بخبرة المهندسين الزراعيين؛ وهذا غيّر وضع الأرض جذرياً، حيث تضاعف لدينا الإنتاج أكثر من السابق، وأزرع اليوم من المحاصيل الشتوية: "الملفوف، والزهرة، والفول، والبازيلاء"، وقد أصبح كل دونم من الأرض يعطيني ما يقارب أربعة أطنان من المحصول المزروع، وهذا ما أوجد لدي فائضاً من الإنتاج، حيث بدأت التصدير إلى السوق المحلية، ودخلنا سوق المنافسة نظراً لجودة الخضراوات المنتجة أيضاً؛ وهذا ما جعل مهنة الزراعة منتجة يمكن الاعتماد عليها في الحياة بوجه عام، بعد أن كانت بالنسبة لنا عملاً مساعداً وثانوياً في عهد الزراعة البعلية».

المهندس أكرم حاتم

بدوره المهندس الزراعي "أكرم حاتم"، أحد المشرفين على هذه المشاريع تحدث عن أنواع هذه الزراعات، وزيادة نسبة الأرضي المزروعة وما قدمته للسوق المحلية بالقول: «الزراعة الشتوية في بلدة "المزرعة"، تطورت كثيراً في السنوات الأخيرة، والخضراوات المزروعة هي الملفوف والزهرة والخس والسبانخ والفول والبازيلاء والبقدونس والبصل والثوم، وقد أصبحت هذه الزراعة تشغل مساحة 500 دونم في البلدة في العامين الأخيرين، وذلك بسبب وجود الآبار والمستثمرين ومتطلبات الإنتاج، مع زيادة عدد الصيدليات الزراعية في البلدة وتوفر المبيدات والأسمدة أيضاً، وتوفر الخدمات اللازمة لهذه الزراعات من شبكات ري، كما أن هناك شيئاً جديداً؛ وهو بدء اعتماد الفلاحين على خبرة المهندسين الزراعيين عن طريق الإشراف على مشاريعهم، وكانت هذه الزراعة في البداية ضعيفة نتيجة عدم خبرة الفلاحين بالزراعة المروية، لكن بعد الاستعانة بالعنصر الفني وقدوم المستثمرين الذين وفروا المال والقيام بمشاركة الفلاحين بأراضيهم، بدأت هذه الزراعة تتحسن وخاصة مع توفر الشروط اللازمة لذلك، من جودة التربة، والمياه تحت السطحية المناسبة للاستثمار الزراعي المكثف؛ وهذا ما زاد في نسبة المساحات المزروعة، وهذه المساحات تتم زراعتها بأكثر من موسم متتالٍ خلال العام نفسه. وقد وصلنا اليوم إلى معدل إنتاج في البلدة يزيد على 1500 طن من الخضراوات؛ وهذا يزيد بكثير عن حاجة البلدة، ويجعل هذه المنتجات تدخل سوق المنافسة الوطنية، كما أن هذه الزراعة تساهم في توفير فرص عمل، وزيادة دخول الفلاحين، وانخفاض سعر الخضراوات للمستهلك الذي بدأ يحصل عليها في كثير من الأحيان من المشاريع بسعر الجملة، كما ساهمت بزيادة المردود المادي للأرض مقارنة بالزراعة البعلية المحكومة بمعدل الأمطار والظروف الجوية».

"حاتم المحيثاوي" رئيس الجمعية الفلاحية في البلدة، تحدث عما تقدمه الجمعية لهذه المشاريع بهدف دعمها بالقول: «تقوم الجمعية بدعم هذه المشاريع من خلال توفير المازوت الذي تحتاج إليه الجرارات التي تقوم بعملية الفلاحة، والذي تحتاج إليه المولدات لسحب مياه الآبار، كما أن الجمعية تحاول إيجاد صلة وصل بين أسواق الخضار والفلاحين، وذلك لتخفيض دور السماسرة في عملية التسويق، ويساعدنا في ذلك وجود أكثر من سوق للخضراوات في البلدة؛ وهذا ما خفف عبء النقل عن الفلاحين أيضاً».

حاتم المحيثاوي

يذكر أن مساحة الأرضي الزراعية في بلدة "المزرعة" هي 9530 دونماً، وأن مساحة الأرض التي باتت تزرع زراعة مروية اليوم أصبحت تزيد على 1200 دونم، منها 500 دونم للمحاصيل الشتوية، والباقي للمحاصيل الصيفية، وأن عدد المساحات المزروعة أيضاً بالأشجار المثمرة هي 1368 دونماً، منها 415 دونماً مروياً.

أحد مشاريع الملفوف