حلول مبتكرة لصعوبات المنشآت الصناعية قدمها "أنور اشتي" بتطوير أساليب الخراطة، تلبية للاحتياجات الصناعية بخبرة محلية صرفة، ومن خلال ورشة خراطة متواضعة.

حالة عملية أظهرت أهمية الخراطة كعلم وموهبة قادرة على تعديل المشهد الصناعي والحياتي في حال توفرت الرغبة والموهبة لدى الحرفي لتقديم عمل مميز واكتساب الخبرة، وفق حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 17 تشرين الأول 2017، الذي طور خبرته الخاصة بالتجربة والعمل الدائم، وقال: «البحث في الآلات؛ فكها وتركيبها ودراسة طريقة عملها، مهمتي الأولى التي سعيت إلى تطويرها بعد الدراسة خاصة، عندما بدأت أتلمس فنون الخراطة وما يمكن أن تقدمه من خدمات للمجتمع، وقد حاولت الخروج من الفكرة المعتادة، وبدأت أستفيد من التطورات الحاصلة لتكون لدي القدرة على تصنيع قطع بديلة لآلات ضخمة طلب مني إصلاحها، وكانت بالنسبة لي تجارب استفدت منها الكثير، ومنها كانت البداية لعملنا في هذه المرحلة».

البحث في الآلات؛ فكها وتركيبها ودراسة طريقة عملها، مهمتي الأولى التي سعيت إلى تطويرها بعد الدراسة خاصة، عندما بدأت أتلمس فنون الخراطة وما يمكن أن تقدمه من خدمات للمجتمع، وقد حاولت الخروج من الفكرة المعتادة، وبدأت أستفيد من التطورات الحاصلة لتكون لدي القدرة على تصنيع قطع بديلة لآلات ضخمة طلب مني إصلاحها، وكانت بالنسبة لي تجارب استفدت منها الكثير، ومنها كانت البداية لعملنا في هذه المرحلة

تصنيع البدائل كانت خطوة لأفكار جديدة بدأت تولد مع كل تجربة، كما أضاف بالقول: «كان للحصار في ظروف الأزمة آثار كبيرة بالعمل الصناعي، وكانت البداية مع القطاع العام، حيث لجأ إلينا عدد منهم لتصنيع قطع لم يعد بالإمكان توافرها لكونها تصاميم قديمة، ومعاملها توقفت، وأتت مشكلة الحصار لتكون صعوبة جديدة، فقد صنّعت لمعمل الأحذية مثلاً عدداً من القطع التي قمنا بخراطتها وتصميمها وفق الحاجة. وفي كل مرحلة كانت تظهر احتياجات جديدة، حيث صممنا قطعاً فيها اختصاصات متقاطعة بين الإلكترون والميكانيك، وفي هذه الحالات لم نطبق القطع بحالة التماثل، أي نقوم بخراطة قطع بذات التشكيل، بل سعيت إلى دراسة تكوين الآلة لنتمكن من خلق إضافة تساهم في استدامة القطعة مع اعتبار فارق الحالة الزمنية التي صممت لها القطعة في ذلك الزمن والزمن الحالي الذي تعمل به ووفق الاحتياجات، واحترام جهة التصنيع التي تقدم منتجها كخلاصة لبحوث عميقة ومدروسة سبقتنا بمراحل علمية وزمنية، لكونها تمت في بلدان متطورة.

الفني أنور اشتي

الفكرة بالنسبة لي طبقت بسلاسة؛ لأنني تعاملت مع هذا العمل برغبة في البحث وفرصة لتقديم كل ما هو جديد، وهذا ما أخرجني من تكرار التجارب، ففي كل مرة خطوة إلى الأمام، والأفكار التي بدأت بسيطة أخذت تتطور وتتعقد، لنتعامل مع القطاع الخاص بإصلاح آلة cnc لحفر الخشب، وهي آلة وحيدة في المحافظة بطاقة إنتاجية عالية، وإيطالية الصنع، كانت قد توقفت وأصلحت لتعود إلى خط الإنتاج، ومعدات للمجابل ومعامل مسبق الصنع وقص الحجر والرخام، ومعدات المطاعم ومعامل الحلويات، وعدة أعمال صيانة مع شركة الكهرباء. وكنت أغلق ورشتي لأتابع هذا العمل خدمة بلا أجر لقناعتي بأن علينا جميعاً واجب العمل والمساعدة للمحافظة على الخدمات التي نستفيد منها جميعاً».

التطور الأخير كان إنتاج آلات ضخمة لمنشآت مختلفة؛ لأنه تمكّن من تصميمها وتنفيذها لتتحول إلى نواة أولى لعدد من المنشآت الصناعية، وقال: «مع تكرار التجربة باتت لدي القدرة على تصميم وتنفيذ معدات وفق طلب الصناعي، لأصمم قطعاً للمطابع الحريرية ومعدات على شكل محركات لمنشآت التبريد والصناعات المعدنية، إلى جانب تصميم آلات لمنشآت الصناعات الغذائية، كمعاصر العنب والتفاح، ومعامل مسبق الصنع، ومعامل المنظفات، إلى جانب قطع للآليات الثقيلة وسلسلة طويلة من الآلات، لننجز في المرحلة الأخيرة خلاطات ضخمة لمعامل المنظفات ومعدات لتصنيع الوقود من الكرتون وغيرها من البدائل، وتجارب لقطع نادرة وتخصصية للغاية، وهذا بالنسبة لي خلق حالة من القناعة والثقة بأن عمل الخراطة يملك مفاتيح وحلولاً لكل المشكلات.

المهندس وائل عزام الحرفي كمال الحلبي

وأخيراً استطعنا تطوير الحالة التقليدية، فبدل أن نطلب القطع من "دمشق"، أقوم اليوم بتصميم قطع آلات مختلفة وأرسلها إلى طالبيها من "دمشق"؛ وهذا عزز ثقة المستفيدين من عملي على هذا المستوى الذي أدخر فيه خبرتي لقناعتي بأن الحياة دائرة متفاعلة؛ ما أعطيه من علم وعمل، سيعود إليّ بأسلوب آخر ومن شخص آخر، وأبقى على خطى العمل الذي أتمنى أن أصل من خلاله إلى التعامل وتطبيق ماكينات cnc كجيل متطور من المحركات المبرمجة».

إيجاد حلول فنية وتطبيقها مهمة برع بها الحرفي "أنور"، كما قال "وائل عزام" مهندس الميكانيك في مديرية صحة "السويداء"، وأضاف: «جسد "أنور اشتي" حالة احترافية ظهرت خلال الأزمة، واشتغلنا معاً على كثير من القطع والتجهيزات لغاية إيجاد الحلول، وبالفعل كان متمكناً من العمل ليجد الحل بتصميم قطع تحتاج إلى الكثير من التفكير والجهد. ومما تعرضنا له مثلاً مشكلة آلة "شيلر" تكييف ثمنها أربعون مليون ليرة سورية متوقفة بسبب قطعة لا تتجاوز عشرة سنتيمترات، وكان من الصعب أو المستحيل الحصول عليها من المصدر الخارجي لغلاء السعر وصعوبة الاستيراد، وقد عرضناها عليه وحللناها واكتشفنا أنها سرّ من الأسرار من حيث المواد المكونة منها والطبيعة الممغنطة، وطبيعة المواد ونقاوتها، ليجد الحل بعد أسبوع، حيث تمكّن من تطبيقها، ولم تكلف أكثر من 30 ألف ليرة سورية، وشعرت بأنه مستعد أن يوقف مخرطته ليقدم لنا هذه الخدمة، وقد كان هذا الحال في أكثر من تجربة؛ لأنه اقتنع بأهمية الدعم للقطاعات التي تقدم خدماتها للمواطن.

بكرة محرك كهرائي بقوة 100 حصان

ومن تعاملي الدائم معه لاحظت التقدم الذي وصل إليه من مهارة، وبات يعرف أساليب وطرائق الشركات، ولا يتدخل بتخصص غيره ليشكل قطعه بصيغة جديدة لا يقلد فيها الشركة المنتجة، ويضع بصمته الخاصة كي لا يكون العمل فيه امتهان لخبرة الشركة المنتجة؛ وهذا بحد ذاته عمل ينم عن مهنية عالية واحترام للعمل».

بين الخراطة والحدادة حالة تشاركية شرحها الحرفي "كمال الحلبي" المتخصص في مجال الحدادة، وقال: «حالة من التعاون والثقة المتبادلة دفعتنا إلى خلق تشاركية بين الخراطة والحدادة؛ لكونه يعمل بعقلية الفريق والتعاون لإنجاز عمل يحقق غاية صناعية، لننجز أنواعاً مختلفة من معدات المعامل التي احتاجت إلى الخبرة في مجال الخراطة والحدادة معاً، فهو اليوم يضع التصميم للآلة، وأكمل معه التصميم بأعمال الحدادة، وقد أنجزنا مجموعة من المعدات، كالخلاطات الضخمة للمعامل، وأحواض المزج، وأنواع مختلفة من الفرامات والقطاعات الكبيرة. وتصاميم مختلفة قدم من خلالها خلاصة خبرته بالخراطة مستعيناً بالإنترنت ليرسم المحرك ويجسده بوقت قد يكون قياسياً، وهذا ما هيأ للصناعيين فرصة الحصول على المعدات المطلوبة محلياً، وعدم اللجوء إلى الخارج، وهي عملية ميزته كحرفي لو توفرت له الظروف لأنتج أنواعاً مختلفة من المعدات التي يحتاج إليها السوق وتدعم العمل الصناعي».

ما يجدر ذكره، أن "أنور اشتي" من مواليد "السويداء" عام 1968، خريج المعهد الصناعي عام 1989.