لم تقتنع أن انكسار الغصن موت للشجرة، وأثبتت "نوال المحيثاوي" أن الحياة قادرة على التجدد وإعادة البناء بالعمل، لتنال شهادة الحقوق وتحقق وجودها في هذه المهنة المعقدة.

تحاصر المرأة بواقع اجتماعي يحاول الجميع تمريره لروحها لتكون نهاية الحلم بالزواج أو الإنجاب، في الوقت الذي تتقدم فيه نساء متجاوزات الصعاب ليكملن مسيرة الكفاح والعمل على الرغم من صعوبة الرحلة. هذا ما اقتبسناه من مراحل حدثتنا عنها المحامية "نوال المحيثاوي"، التي خاضت مشروعها العلمي بمشقة نقدمها من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 أيلول 2017، وقالت: «من خلال تجربتي التي أحاول أن أتذكر بعض تفاصيلها، أحمل الكثير من الامتنان لوالديّ؛ لأنهما في مرحلة كانت مفصلية في حياتي اقترحا فكرة العودة إلى مقاعد الدراسة، وهنا توقفت لأفكر كيف لي وأنا لم أكد ألملم جراحي بعد تجربة زواج فاشلة كانت نتيجتها ثلاثة أطفال أصغرهم انتقل معي إلى منزل والدي، ولم يكمل الشهرين من العمر، وكان عمري حينئذٍ خمسة وعشرين عاماً.

بعد انقطاع ما يقارب سبع سنوات، تمكنت من نيل الشهادة الثانوية بمعدل جيد مكنني من انتقاء الفرع الذي أرغب، وكانت كلية الحقوق وجهتي، فأفكاري تقودني إلى دراسة الحقوق لتضيف إليّ فرصة جديدة للتعامل مع قضايا المرأة والمجتمع وامتلاك المعرفة؛ وهذا ما كان. لكن صعوبات النجاح والحصول على التخرج كانت كبيرة، وأكثر مما توقعت

وعندما حصلت على نسخة الكتب لأعيد تقديم الشهادة الثانوية التي كنت قد حصلت عليها بعد زواجي بعمر الثامنة عشرة بأيام، قررت أن يكون ما مضى بعيداً عن ذاكرتي، لأتفرغ لدراستي ولبداية طريق علمت من اليوم الأول أنه مرهق وصعب، لكن قررت خوض التجربة على الرغم من كل ما أحاط بي من أحاديث وظروف اجتماعية تلوم الزوجة على الانفصال وطلب الطلاق، لكن بقيت قناعتي بموقفي، وتابعت في الوقت الذي كانت كل الضغوط تكبر، فبمساعدة الأهل والعمل كمدرّسة بالوكالة كان جزء من الحل للحالة المادية التي لم تكن مستقرة، لكنني تحملتها خاصة مع تأمين احتياجات طفلي وتكاليف مختلفة».

المحامية نوال المحيثاوي

النجاح ونيل الشهادة الثانوية قدم لها فرصة ثمينة لدراسة فرع مميز، لعلها تتمكن من متابعة قضايا المرأة وأوجاع اجتماعية بفعل الحالة القانونية التي عانت منها الكثير كما قالت، وأضافت: «بعد انقطاع ما يقارب سبع سنوات، تمكنت من نيل الشهادة الثانوية بمعدل جيد مكنني من انتقاء الفرع الذي أرغب، وكانت كلية الحقوق وجهتي، فأفكاري تقودني إلى دراسة الحقوق لتضيف إليّ فرصة جديدة للتعامل مع قضايا المرأة والمجتمع وامتلاك المعرفة؛ وهذا ما كان. لكن صعوبات النجاح والحصول على التخرج كانت كبيرة، وأكثر مما توقعت».

الانطلاق إلى الحياة العملية مغامرة أعدت لها، وتكللت بالنجاح، وقالت: «انطلقت للتدرب في مكتب المحامي الراحل "نبيل أبو عمر"، ونلت ثقته، واجتهدت لأنهي تدريبي في الوقت المناسب، في مرحلة كان فيها عدد كل الخريجات في المحافظة بين محامية ومتدربة لا يتجاوز 75 محامية، وكان العنوان في الموضوع الجرمي، ونلت شهادة التدريب بنجاح، لأدخل المجال العملي، الذي استهلك خمس سنوات من العمل والمتابعة لأدخل وأؤسس مكتبي الخاص، وأترافع اليوم بكمّ كبير من الدعاوى كوّنت مستقبلي الذي وإن بدأ متأخراً، لكنه لم يفشل، لأتابع واجبي تجاه أولادي وأهلي، وأعيش حياة مستقرة كما تمنيت.

كوثر كمال

لكن مشروع العمل مستمر والبحث عن المعرفة خاصة بقضايا المرأة والتعرف أكثر إلى وضعها القانوني الصعب، لكونها لا تنال من حقوقها الكثير، ولتكون لي مطالعتي الخاصة ومجموعة كبيرة من الذكريات التي أوثقها ضمن مشروع خاص ومستقبلي لقصص ومشكلات تتعرض لها النساء ترقى من وجهة نظري إلى الجريمة بين واقع اجتماعي ظالم، وقانون يحمل الكثير من الهفوات تفقد المرأة حقوقها، ليكمل بحثي الخاص لعلنا نحقق بجهود كل المهتمين تطويراً يذكر على هذا المستوى».

كافحت لتجعل لها موطئ قدم في الحياة، فكسبت الحياة وفق حديث "كوثر كمال" رئيسة جمعية "العطاء الخيرية"، وقالت: «بحكم التعامل الدائم مع المحامية "نوال"، أعرف جيداً أنها كافحت سنوات من أجل ابنها ودراستها، وصممت على تحقيق النجاح لتحقق اليوم شهرة في عملها كمحامية لها حضور، توكل وتنجح في الفوز بثقة وعزم لم يختلف مع مرور السنوات، وبالنسبة لي، فهي مثال للتجربة النسائية أتابعها كمثل قادر على دعم المرأة والإضاءة على قدراتها التي لا تجعلها تتوقف عند حدث شخصي مهما كانت صعوبته، وهي اليوم تقدم لنا دعماً حقيقياً في الاستشارات القانونية، لتكون مرجعاً لنا ولجهات متعددة على المستوى القانوني، لكونها امتلكت الخبرة مع العلم، مع أنها لم تباشر العمل بعمر مبكر، لكن حيويتها ونشاطها ورغبتها بالبحث والدراسة تختلف وتتفوق، وتعزز ذلك بجمع دائم يكمل مشروعنا ومطالبتنا بتطوير قانون الأحوال الشخصية وقوانين على تماس مباشر بالمرأة».

الجدير بالذكر، أن المحامية "نوال المحيثاوي" من مواليد مدينة "السويداء" عام 1956، خريجة جامعة "دمشق"، عام 1997.