الرجل الستيني ابن "السويداء"، الباحث في الأدب المقارن خلف حدود "الاتحاد السوفييتي"، أبدع في الكتابة ذات البنية التركيبية المعتمدة على الواقع الإنساني والترجمة ذات البعد الأخلاقي، فكان له العديد من المؤلفات التي أغنى بها المكتبة العربية.

مدونة وطن "eSyria" التقت الكاتب والمترجم "ماجد علاء الدين" بتاريخ 12 آب 2017، الذي قال: «االبدايات كانت بين أشجار الزيتون والمياه العذبة والبيوت الأثرية المنتشرة في كل مكان في محافظة "السويداء"، وخاصة في قرية "داما" الواقعة في منطقة "اللجاة"، فكانت طفولتي فيها فلاحية استقيت منها حب الوطن واحترام الإنسان لمجتمعه وذاته ووطنه. ومن هذا الغنى الطبيعي استوحيت أول قصة قصيرة، وكتبت بعض الأشعار التي لم أنشر منها إلا القليل فيما بعد، كنت حينئذٍ في المرحلة الثانوية التي أنهيتها عام 1968، ثم انتقلت للدراسة في "الاتحاد السوفييتي" فدخلت جامعة "موسكو"، وحصلت على شهادة الماجستير الدولية عام 1975، ورُشحت لمتابعة الدراسة، فنلت شهادة الدكتوراة عام 1979 في الفلسفة، قسم "الأدب العالمي المقارن". وعدت بعدها إلى وطني على الرغم من الدعوات الكثيرة للعمل خارج القطر، وعملت في وزارة الإعلام كمدير للتخطيط، من عام 1980 لغاية عام 1992، وكان ذلك بعيداً عن اختصاصي، فاستقلت من الوظيفة، وأسست دار نشر».

هناك دارسة رائدة للأدب الروسي السوفييتي وعلاقته بالأدب العربي الحديث، وخاصة في "سورية" للدكتور "ماجد علاء الدين"

يتابع الدكتور "علاء الدين" حديثه قائلاً: «في "موسكو" قمت بترجمة العديد من قصص الأطفال في دار "التقدم"، وكان لدي برنامج في الإذاعة والتلفزيون هناك "في أرجاء الاتحاد السوفييتي"، الذي دام أكثر من سنتين. وأيضاً ترجمت رواية "غسان كنفاني" "عائد إلى حيفا" عام 1974 إلى اللغة الروسية، وطبع منها آنذاك بحدود نصف مليون نسخة».

مالك صقور

وفيما يتعلق بالأقصوصة السوفييتية المعاصرة، أوضح قائلاً: «هي دراسة عن القصة القصيرة والاختلاف بينها وبين الرواية، لاقت هذه الدراسة اهتماماً كبيراً من قبل النقاد العرب، وطبع هذا الكتاب سبع مرات، وطلبت أسرة تحرير مجلة "لوتس" نشر هذه الدراسة، التي تزيد على خمسين صفحة على صفحات مجلتها، ولاقت إقبالاً جيداً في الأوساط الأدبية».

وعن الترجمة من وجهة نظره، قال: «الترجمة هي الأمانة في النقل من اللغة الأم والمحافظة على أفكار المؤلف الحقيقية وقدراته اللغوية والإبداعية، والنقل إلى اللغة العربية أو إلى أي لغة أخرى بأسلوب شائق وممتع وحبكة أدبية مفهومة وسلسة ومتينة في آن واحد، فقمت بترجمة العديد من الروايات العالمية المشهورة كرواية "النطع" للكاتب المعروف "جنكيز أيتماتوف"، التي تتحدث عن الصراع بين الخير والشر، وهو صراع أزلي، فالإنسان من جهة يتبع الطبيعة ويستمد خيره منها، ومن جهة أخرى يهدمها ويدمرها. فعالم الطبيعة ينظّم عالم الإنسان؛ لذلك يجب أن تكون العلاقة بين العالمين أكثر انسجاماً وتناغماً، لكن الواقع أن كل شيء عكس ما يجب أن يكون».

غلاف الرواية

وعن رواية "أحلام إيفان" المأساوية، قال: «هي رواية ترصد التحولات الكبيرة منذ قيام الثورة الاشتراكية في "روسيا"، والحرب الأهلية والحرب العالمية الثانية حتى السقوط، كما أنها رواية تضج بالأسئلة، وتحكي قصة الإنسان وتشظيه في عبثية التاريخ».

أما عن الاختلاف والالتقاء بين الأدبين الروسي والعربي، فقال: «من الطبيعي وجود اختلاف بين الأدبين الروسي والعربي؛ وذلك يعود إلى الاختلاف في البيئة والمعضلات الاجتماعية والمشكلات الاقتصادية والسياسية، والعديد من المشكلات الأخرى، إلا أنهما يلتقيان بالكثير من الصفات الإيجابية والإنسانية، وحب الأرض والوطن والدفاع عنهما؛ وهذا انعكس في لقائهما التاريخي في نضالهما ضد قوى البغي والجهل والعدوان.

قمت خلال سنتين بترجمة موسوعة شاملة عن "مئة مفكر عظيم"؛ وهي في ثلاثة أجزاء، ويزيد عدد صفحاتها على 1200 صفحة عن اللغة الروسية إلى اللغة العربية، وأقوم الآن بوضع اللمسات الأخيرة عليها لنشرها قريباً».

وفي حديث مع الأديب والناقد "مالك صقور" الذي جمعته الدراسة مع زميله "ماجد علاء الدين" في جامعة "موسكو" الدولية، قال: «لا شك أن الترجمة من وإلى لغات العالم تلعب دوراً ذا أهمية كبيرة عبر التاريخ من ناحية نقل المعارف والثقافة والأدب، وقد استطاع د. "ماجد" أن يقوم بهذا العمل من خلال أعماله، فقد عاش سابقاً في "الاتحاد السوفييتي" لعشر سنوات ويعرف تاريخ هذا البلد جيداً وثقافته ويختار ما يلائم ثقافة بلادنا وما يتقبله مجتمعنا، فهو أيضاً انتقائي في اختيار العناوين، حيث يقوم باختيار العناوين التي تهم القارئ السوري والعربي، ويهتم بأن يستفيد القارئ من التجربة سواء بالأدب أو السياسة أو الحياة الاجتماعية».

المؤلف والناقد الأدبي الأميركي الدكتور "بيتر جران"، الذي يعدّ من أبرز المؤرخين الأميركيين في التاريخ الاجتماعي والنقد الأدبي المقارن، كتب مايلي: «هناك دارسة رائدة للأدب الروسي السوفييتي وعلاقته بالأدب العربي الحديث، وخاصة في "سورية" للدكتور "ماجد علاء الدين"».

الجدير بالذكر، أن الدكتور "ماجد علاء الدين" يعدّ من أهم المترجمين العرب، وتم تكريمه في تونس، حيث حصل على جائزة أفضل مترجم روسي عربي في المجال الأدبي، وله ما يقارب 40 كتاباً بين ترجمة وتأليف، وهو من مواليد محافظة "السويداء"، عام 1951.