حالة من البحث العفوي قادت "أنس البريحي" إلى قراءة خاصة كانت فيها "منال" مصدر جمال خاص لامسه باللون، وانتقل به إلى العلاج بالفن، منحازاً إلى حالة إنسانية بطريقة لاقت استحسان المختصين.

التجربة التي جسّدها خارجة عن تقليد المعتاد والمتكرر في التجارب اللونية والفنية الإنسانية، كوّنت لهذا الفنان الشاب قاعدة أكثر سعة للانطلاق برسالة تؤكد حضور الفن الباحث عن الجمال في الإنسان بأي حال، وسرد حكايات هذه الشخصية أو تلك لمجتمع يسمع بأذن واحدة ويرى بعينين، متناولاً الشكل من دون المضمون وفق رؤية "أنس" التي سردها من خلال مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 11 حزيران 2017، وقال: «ليس تقليدياً سؤال: لماذا "منال"؟ لأنني في كل مرة أحاول الإجابة أعود إلى الإحساس الأولي؛ وهو إحساسي بالجمال العالي الذي شدّني إلى هذه الشخصية؛ وهي من ذوي الاحتياجات الخاصة، التي وجدت في صدقها وعفويتها شيئاً مختلفاً لا يشبه أحداً، فهي من حيث التفاصيل مختلفة، اقتبست منها صوراً جمالية لحركة هادئة عفوية فيها الكثير من الإنسان الحقيقي غير الآبه بالمحيط والمتفاعل معه بدرجات محدودة، لكنه لافت للعيون التي تستغرب الشكل وتراقب الحركات.

بين "لبنان" و"الأردن" ودعوات للعرض في دول أخرى، كانت انطلاقتي الأولى بعد التخرج في محاولة للتخصص في العلاج بالفن، وتعميق البحث بناء على تجربة لامست روحي، وضبطت إيقاعي اللوني على موجة نفسية لمست أبعادها وأثرها في شريحة كبيرة من المهتمين والمتابعين، مع العلم أن "منال" كانت مرحلة أولى، وقد أنجزت مجموعة من الأعمال تناولت مواضيع مختلفة، تعالج مضموناً يبتعد نوعاً ما عن هذه الحالة، وكلها في إطار التجارب التي ستكمل المحور الأول بمعالجات بصرية وفكرية جديدة، لكن لغاية هذا التاريخ لا يزال الموضوع غير محدد؛ لأنني في مرحلة دراسة للخطوة القادمة

ما قمت به في البداية قراءة لونية لحالة الصدق في مرحلة البحث عن موضوع ذاتي يعني لي الكثير، ويلقي الضوء بواسطة الفن على حالات إنسانية؛ إذ كان الحظ أن أرسم "منال" لتتطور العملية مرحلة مرحلة وأجد نفسي متأثراً بالحالة، بما خدم فكرتي في انتقاء لقطات كانت في البداية تصويرية تعبيرية لحركات وسكنات، قد نراها لحالات مشابهة، لكنني بواسطة اللون رغبت بالتعريف بما هو خلف هذه الحركات والحضور الذي لا يعطيه بعضهم العناية اللازمة بالفهم والوعي؛ أي إنني تحولت بعد مدة من العمل مع "منال" إلى رسالة هادئة للمجتمع، وهدف حملته لأعمالي يقود إلى الجمال الموجود بالتفاصيل والروح والعمق، وليس الذي يطفو على السطح».

من أعمال أنس البريحي "منال"

وأضاف: «كان الشيء الأساسي هو الصدق في نقل الحالة والمقاربة للواقع كما هو، فكانت النتيجة جيدة، لكن بعد إنهائي دراسة الماجستير "الدعم النفسي"، اكتشفت أن ما تناولته من شخصية "منال" والمعالجة الفنية تنطبق على ما يسمى Art Therapy؛ أي العلاج بالفن، وبدأت تطوير هذه الحالة، حيث كانت الخطوة الأولى قد أنجزت وأخذت تنتشر من خلال معارض كانت الفكرة وحالة التجسيد الفني لها محور الاهتمام، لينتقل المعرض باسم "منال" إلى عدة محطات، وكان دافعاً جديداً للتبحر أكثر، وتقديم المخزون البصري والذهني الذي يضاف إلى قراءة "منال" كمثال كان قريباً مني، وقاده القدر ليكون مساراً ومحاكاة فكرية لا أدعي أنني أنجزتها، لأنها تحتاج إلى مراحل قادمة أكثر عمقاً وسخاء بالفكرة، لعلها تنتقل بنا إلى رؤية تقارب صدق هذه الأرواح، وعبورها الاجتماعي الصافي الممزوج بالحزن والمحبة خارج حدود المصلحة والمفاهيم المادية التي نحياها كبشر في زمننا المأخوذ بالمادة.

ولأن كل أعمالي عن "منال" عبارة عن وصف لحالة فرح ترسمها بطبيعتها الخاصة، وللمصادفة كانت ألوان لباسها فرحة ومكملة لفكرة الأعمال، لأنني لم أتدخل أو أحاول تغيير أي شيء، فجاءت مكملة لرسالة تشبهني؛ رسالة محبة وفرح».

الفنان علاء شرابي

جالت أعماله عدة دول، وهو متابع في بحثه البصري القادم لأفكار تتلاقى مع هذه الفكرة وفق حديثه، وقال: «بين "لبنان" و"الأردن" ودعوات للعرض في دول أخرى، كانت انطلاقتي الأولى بعد التخرج في محاولة للتخصص في العلاج بالفن، وتعميق البحث بناء على تجربة لامست روحي، وضبطت إيقاعي اللوني على موجة نفسية لمست أبعادها وأثرها في شريحة كبيرة من المهتمين والمتابعين، مع العلم أن "منال" كانت مرحلة أولى، وقد أنجزت مجموعة من الأعمال تناولت مواضيع مختلفة، تعالج مضموناً يبتعد نوعاً ما عن هذه الحالة، وكلها في إطار التجارب التي ستكمل المحور الأول بمعالجات بصرية وفكرية جديدة، لكن لغاية هذا التاريخ لا يزال الموضوع غير محدد؛ لأنني في مرحلة دراسة للخطوة القادمة».

تابع تجربته بوصفها تتلاقى مع تجارب متطورة تناولت قيمة إنسانية عالية؛ وفق ما تحدث به الفنان "علاء شرابي"، وقال: «بحث "أنس" جديّ لدرجة أنه أفرد له مساحات من وقته وإنتاجه الفني الذي حرص أن يكون بمستوى فني من وجهة نظري يدرج ضمن أبحاث التخصص، فالبحث له أهمية كبيرة من الناحيتين البصرية والفكرية، لأن تاريخ الفن ارتبط بالقيمة، وعندما يكون هناك ربط بين الناحية العاطفية والإنسانية كهذه الحالة، والسكون المرافق لها وربطه مع بحث بصري بمساعدة أدوات التصوير التقليدية، فقد توصل إلى نتيجة بسيطة ذات قيمة مرتفعة.

من أعماله في معرضه الأخير

والبداية هنا مفتوحة على مسارات كبيرة وواسعة نظراً إلى أهميته، وهناك إمكانية لتطوير الفكرة من حيث الشكل أو الدخول في تفاصيل معقدة أو التبسيط والرمزية؛ وهذا يعتمد على رغبته، وقد اختار التخصص الذي طبّقه الغرب، وأنتج أبحاثاً بصرية جديرة بالبحث والمتابعة، وأتوقع له النجاح وفق متابعتي لاجتهاده واهتمامه الدائم».

الجدير بالذكر، أن "أنس إياد البريحي" من مواليد عام 1991، خريج كلية الفنون الجميلة الثانية، فرع "السويداء" عام 2014، حائز على درجة الماجستير من الجامعة اللبنانية في الدعم النفسي الاجتماعي والحوار (العلاج بالفن)، مشاركاته: في المركز الثقافي بـ"السويداء" عام 2014، و"لبنان" عام 2015، ومعرض الشباب الأول "أكون" في "البحرين" 2015-2016 غاليري "البارح"، وفي "لبنان" عام 2016 شارك في معرض "الصيف" غاليري "آرت سبايس حمرا". المعارض الفردية: معرض "منال" غاليري "آرت سبايس"، "حمرا لبنان"، "بيروت"، ومعرض "منال" غاليري "وادي فينان"، "الأردن"، "عمان".