تحمل كل منطقة خصوصية إبداعية في بنية الجملة الموسيقية، وينطبق ذلك على أغانيها ونماذج وأنماط فنونها، ولـ"جبل العرب" خصوصية في طبيعة موسيقاه.

حول خصوصية الجملة الموسيقية في "جبل العرب"، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 30 أيار 2017، التقت الباحث الموسيقي "ناصر يقظان"، وبيّن قائلاً: «يمثّل "جبل العرب" حالة فنية وغنائية بأنماطه المتعددة، فقد استطاع أهله أن يطوروا على سبيل المثال "الجوفية" أو ما يسمى"الهوسة" بألحان جديدة، هذه الألحان تحمل في مضمونها البنيوي خصوصية "جبل العرب"، حيث وفدت "الجوفية" بلحن وحيد له ميزة خاصة وفق المكان وطبيعته الصحراوية، بينما طبيعة الجبل وعوامل الطبيعة جعلت من ألحانها ذات ميزة، كأن نستمع إلى جملة موسيقية فنية للـ"جوفية" مختلفة عن لحنها الأصلي تتناسب مع المعنى الدلالي للكلمة الشعرية، وهي تؤثر في نفس المتلقي كثيراً، من تجسيد العلاقة بين المستمع والألحان والنغمات. والدارس فنياً للأغاني التراثية، يجد أن طبيعة الجملة الفنية تحمل نغمات، وتستخدم مقامات، كـ"البيات" على سبيل المثال، أو "راست"، أكثر من المقامات الأخرى، لكن الأهم أن "جبل العرب" موجود في الهوية الشخصية للجملة الموسيقية، فحين تستمع إلى أغانٍ تراثية أو شعبية قديمة، تشعر بخصوصية المكان فيها، وهذا ما تم تطويره في الألحان المتداولة بأسلوب ملحوظ، خاصة بعد الغزو الثقافي الفني للموسيقا الشرقية، لكن استمرار الجملة الموسيقية في "الجبل" له أبعاد تراثية نابعة من إبداع أهله. وهناك "الحداء" أو قصيدة الفن، وأنماط عديدة أخرى».

تعدّ الموسيقا والغناء الجزء الأهم في التراث، ويدخل في تركيبه التقادم، حيث يستمر التراث الموسيقي والغناء الشعبي لعشرات ومئات السنين؛ لأنه يحمل عناصر استمراريته في داخله وبنيته، ولعل الأبرز ارتباطه المباشر بحياة الناس، كما لا تتعدى الألحان في أغلب الأحيان جملة أو جملتين أو ثلاث جمل موسيقية، يجري تردديها، وتتميز كأغلب الموسيقا الشرقية بأنها شجية ومتنوعة، لكن تعدد المقامات الموسيقية الشرقية والتفريعات عنها حالة من أطوار أبدعها المغنون بطريقة أدائهم؛ وهو ما منحها الخصوصية والتفرد، ويعود ذلك إلى وجود ربع العلامة الموسيقية في المقامات الموسيقية التي تمنح الألحان الشجو والدفء. أمّا الإيقاعات الموسيقية، فتلعب البيئة دوراً كبيراً فيها، فتختلف في المناطق الجبلية عن السهول والبادية؛ وهذا أكسب الخصوصية للجملة الموسيقية في "جبل العرب" عن غيره من المناطق المجاورة، على الرغم من تشابه الألحان، والالتقاء في الطبيعة

وعن امتداد الجملة الموسيقية وتنوع خصوصيتها، تابع الباحث الموسيقي "ناصر يقظان" بالقول: «حين يعزف الموسيقيون على آلات تراثية موسيقية ضمن فرقة أو منفردين، فإن تلك الآلات كالرباب مثلاً أو العود، تعكس أنغامها صبغة خاصة في التعبير والوصف من خلال الألحان التي كانت متداولة شفاهياً عبر مئات السنين. وهذه الألحان حين دخل إليها التطور العلمي وجد أنها محلية نابعة من بيئة خاصة بها، تحمل هويتها، ولهذا فإن الجملة الفنية أو الموسيقية للأغنية الجبلية في "جبل العرب" ذات بنية تركيبية غير معقدة، بل من نوع سهل ممتنع يحمل هوية خاصة، وهناك مثال واضح في تاريخ الغناء العربي، وهو أن القسم الأكبر من أغاني الراحل "فهد بلان" هي أغانٍ تراثية محلية معظم جملها الموسيقية نابعة من موسيقا "جبل العرب"، وكذلك نهل الموسيقار "فريد الأطرش" ألحاناً من "جبل العرب"، كما في "أوبريت شرق وغرب" عندما يغني "فريد" ويقول: "حاسمعك من ألحاني"، ثم يتلوها الموّال الشامي، ثم تأتي كلمات الأغنية واللحن من "جبل العرب"، وهي: "قدي جعودك يا مليحة وافي". وكذلك الفنان "داوود رضوان" بأغانيه، مثل: "ثالث غزلان، وهي لبيبة"، وغيرهما».

الباحث الموسيقي ناصر يقظان

وفي رأي آخر، قال الموسيقي "جهاد نرش": «تعدّ الموسيقا والغناء الجزء الأهم في التراث، ويدخل في تركيبه التقادم، حيث يستمر التراث الموسيقي والغناء الشعبي لعشرات ومئات السنين؛ لأنه يحمل عناصر استمراريته في داخله وبنيته، ولعل الأبرز ارتباطه المباشر بحياة الناس، كما لا تتعدى الألحان في أغلب الأحيان جملة أو جملتين أو ثلاث جمل موسيقية، يجري تردديها، وتتميز كأغلب الموسيقا الشرقية بأنها شجية ومتنوعة، لكن تعدد المقامات الموسيقية الشرقية والتفريعات عنها حالة من أطوار أبدعها المغنون بطريقة أدائهم؛ وهو ما منحها الخصوصية والتفرد، ويعود ذلك إلى وجود ربع العلامة الموسيقية في المقامات الموسيقية التي تمنح الألحان الشجو والدفء. أمّا الإيقاعات الموسيقية، فتلعب البيئة دوراً كبيراً فيها، فتختلف في المناطق الجبلية عن السهول والبادية؛ وهذا أكسب الخصوصية للجملة الموسيقية في "جبل العرب" عن غيره من المناطق المجاورة، على الرغم من تشابه الألحان، والالتقاء في الطبيعة».

من عازفي الآلات التراثية
الموسيقي جهاد نرش