بالبحث الدائم والاطلاع، يجمع الباحث "حسين الملحم" الكثير من الوثائق التي تحكي أهم الأحداث التي عاشتها محافظة "السويداء"، عبر محيطها السوري والعربي؛ إيماناً منه بأن هذا التراث مصدر مهمّ من مصادر الهوية.

"الملحم" تحدث لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 4 حزيران 2017، عن أهم ما جمعه من وثائق بالقول: «منذ عام 2005، بدأت عملية البحث فيما يزيد على مئة مجلد تختص بما كتب عن تاريخ المنطقة، وما دوّنه الكتاب من حدث تاريخي ومثل شعبي وشعر وأدب، وكل ذلك كدلالة على هوية وتاريخ المحافظة، وأعدّ أهم ما أنجزته كتاب "أوراق من التاريخ"؛ فقد احتوى أهم الوثائق التي صدرت قبل مئة في منطقة "بلاد الشام"، كرسالة الثائر "أدهم خنجر"، لقائد الثورة السورية الكبرى "سلطان باشا الأطرش"، التي كان مضمونها يختزل العادات والتقاليد العربية كمفهوم تاريخي، والتي كانت أحد أهم الأسباب المباشرة للثورة ضد المستعمر الفرنسي، كما احتوى الكتاب رسالة "سلطان الأطرش" للمندوب السامي آنذاك، وهناك وثائق عن الحرب التي خاضها ثوار الجبل في حربهم مع "إبراهيم باشا" في الزمن العثماني، كما تناولت فيه مقررات المؤتمر السوري عام 1920، ودراسة عن الوضع في "جبل العرب" في تلك الفترة بوجه عام من خلال حياة الناس؛ وقد جمع هذا الكتاب الكثير من المعلومات -التي تفرقت في الكثير من الكتب- في كتاب واحد، وهو أهم ما في هذا العمل؛ لأنه صنع ترابطاً تاريخياً بين فترات زمنية متباعدة، جعلت القارئ يقف أمام تجاور زمني صحيح من دون قطع؛ وهذا ما يوجد تواصلاً تاريخياً وحالة استمرار للهوية».

الأستاذ "حسين" شخص متميز بتجدده الفكري والثقافي، فهو دائم البحث والاطلاع، وما يميّزه فعلاً محبته للأدب والشعر العربي؛ وذلك لأنه يؤمن بأصالة هذه الأمة، ويعتزّ بعروبتها، وهو عبر ما قدمه من مجلدات في هذا المجال، أغنى المكتبة التي تقتني هذه الكتب؛ لأنه جمع ما تفرق من جمال اللغة العربية في كتب الشعر، ووضعه في كتاب واحد، كما أنه قدم تاريخ هذه المحافظة بتسلسل زمني جميل في كتاب واحد أيضاً. أعرفه منذ ما يزيد على أربعين عاماً، فهو صديق صادق، ورفيق درب يمتع من رافقه باتساع ثقافته وجمال فكره

وفي السياق نفسه، يتحدث عما وثّقه في مجال المثل الشعبي وما يقدمه من خدمة للهوية، ويقول: «بدأت الاهتمام بالمثل الشعبي من خلال محاولة الاطلاع على ما يتعلق بتراث المحافظة أيضاً من الناحية التاريخية والعادات والتقاليد، حيث بدأت جمع أهم الأمثال منذ عشرة أعوام، وخرجت بكتاب عنوانه: "في الذاكرة"، حيث وثّقت فيه حكاية 100 مثل، وبدأت توثيق المثل وحكايته، وذلك بعد تدقيق؛ لأن المثل ثمرة تجربة شعبية، وهو يحمل الموروث المنقول اللساني، ونجده في أغلب مجالات الحياة، وهو يعبر عن فترة زمنية حقيقية عاشها الناس، وهذا أيضاً توثيق للحدث والهوية، حيث نجد المثل أيام الضعف في زمن الاستعمار، كالمثل الذي يقول: "الأيد اللي ما فيك ليها، بوسها وادعي بكسرها"، ومثل: "حط راسك بين الروس، وقول يا قطاع الروس"، وهناك المثل البيئي الذي يختص ببيئة معينة ويوثق لها أيضاً، كالمثل الخاص بالمحافظة: "بلاك يا أم حارتين"، وهي منطقة تم الخلاف عليها في زمن الثورة بين أسرتين في "الجبل"، وقد تدخل الأمير "عادل أرسلان" لحلّ الخلاف؛ وأطلق هذا المثل، وكل ذلك البحث الذي قمت به لأن المثل الشعبي يمثّل تراثاً للشعوب يختزل فيها حكايات الماضي، وما حدث فيه من مواقف، وهو دليل على حياة وعمل الأجيال التي سبقتنا؛ وهذا توثيق أيضاً».

الأستاذ زياد المحيثاوي

ويذهب "الملحم" إلى أبعد من ذلك في توثيقه للهوية، فنجد لديه الكثير من المؤلفات التي احتوت أهم قصائد الشعراء العرب من العصر الجاهلي إلى الحديث، وعن هذا يقول: «مذ كنت طالباً في المرحلة الابتدائية، كنت وبناءً على طلب أحد المعلمين وهو الأستاذ "حمد جنود"، أحتفظ بكراس صغير أدون عليه كل ما يعجبني أو يمليه عليه من يعلموننا في تلك المرحلة، سواء كان خاصاً بالأدب أو التراث أو التاريخ، وقد أصبح عمر هذا الكلام أكثر من ستين عاماً، وأحتفظ بهذا الكراس لهذا التاريخ، وبعد أن أصبحت معلماً تابعت القراءة، حيث كنت أقرأ عشر ساعات يومياً في بعض الأحيان، والقصيدة التي دوّنت منها بيتاً بحثت في دواوين شاعرها، وبعد التقاعد من خدمتي التعليمية، بدأت جمع ما أعجبني من قصائد لعدة شعراء، وخرجت بكتابين: الأول بعنوان: "عيون الشعر"، وفيه اخترت قصائد لمئة شاعر وشاعرة، إضافة إلى كتابة نبذة عن حياة هؤلاء الشعراء ونموذج شعرهم، والشعراء من العصر الجاهلي والحديث، والكتاب مبوب حسب القدم في التاريخ. والكتاب الثاني بعنوان: "أحلى الشعر"، وهو منوعات لعدة شعراء عرب، إضافة إلى بعض القصص التي قيل فيها الشعر، كقصة "زرقاء اليمامة" وقصة الشاعر "سليك بين سلكه"، من كتاب "نشوة الطرب جاهلية العرب" "لابن سعيد الأندلسي"، وقصة "فتح الأندلس"، و"الزباء". ومن الشعراء: "نزار قباني"، و"أحمد مطر"، و"مظفر النواب"، وكل القصائد مبوبة مع ذكر قصة القصيدة وتاريخها، وهذا ما أعدّه أيضاً زيادة في حالة التوثيق في مجال معين».

أما عن حياته الشخصية، فيقول: «أنا من مواليد بلدة "المزرعة"، عام 1945، درست في ابتدائيتها، ثم درست المرحلة الإعدادية في إعدادية الشهيد "عدنان المدني"، وتابعت الدراسة في ثانوية "شكيب أرسلان" ومعهد المعلمين في "السويداء"، وبدأت حياتي كمدرّس عام 1967، حيث قمت بالتعليم في مدرسة "تل اللوز" في "ريف حلب" بمنطقة "السفيرة"، ثم عدت إلى التدريس في محافظة "السويداء" في مدرسة "ولغا"، وبعد نهاية خدمة العلم عام 1974، عدت إلى التدريس في بلدتي، فدرّست في إعدادية بلدة "المزرعة"، ثم أصبحت مديراً لمدرسة الشهيد "منير الزاقوت" الابتدائية، لأصبح بعدها أمين سرّ في إعدادية "المزرعة" حتى التقاعد عام 2004».

بعض مؤلفات الملحم

بدوره الأستاذ "زياد المحيثاوي" المهتم بالتراث من أهالي بلدة "المزرعة"، تحدث عن "الملحم" بالقول: «الأستاذ "حسين" شخص متميز بتجدده الفكري والثقافي، فهو دائم البحث والاطلاع، وما يميّزه فعلاً محبته للأدب والشعر العربي؛ وذلك لأنه يؤمن بأصالة هذه الأمة، ويعتزّ بعروبتها، وهو عبر ما قدمه من مجلدات في هذا المجال، أغنى المكتبة التي تقتني هذه الكتب؛ لأنه جمع ما تفرق من جمال اللغة العربية في كتب الشعر، ووضعه في كتاب واحد، كما أنه قدم تاريخ هذه المحافظة بتسلسل زمني جميل في كتاب واحد أيضاً. أعرفه منذ ما يزيد على أربعين عاماً، فهو صديق صادق، ورفيق درب يمتع من رافقه باتساع ثقافته وجمال فكره».

يذكر أنّ "الملحم" لديه تسعة أعمال، وهي: "محطات"، و"أوراق من التاريخ"، و"صفحات ملونة"، و"عيون الشعر"، و"أحلى الشعر"، و"تراث عربي"، و"الكشكول"، و"في الذاكرة"، و"قناديل مضيئة".