برزت كواحدة من شاعرات الزجل القلائل اللواتي استطعن ترك بصمة مهمة في هذا النوع الصعب من الشعر، كلماتها من السهل الممتنع، وأفكار قصائدها وومضاتها الشعرية تضع القارئ أمام حالة من الراحة والصفاء الذهني.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 15 آذار 2017، مع الشاعرة "أمل فرج" المقيمة حالياً في "الولايات المتحدة الأميركية"، فتحدثت عن طفولتها وبداينها مع الشعر قائلة: «أحببت كل أنواع الأدب منذ صغري، وبدأت بالقصة القصيرة، والشعر العمودي، وأول محاولة كتابة لي كانت بعمر 12 عاماً، ثم توجهت بعدها إلى الزجل، ثم اتخذته طريقاً لي. درست مراحل التعليم الثلاث في محافظة "السويداء"، والمرحلة الجامعية في جامعة "دمشق"، حيث اخترت فرع الأدب الإنكليزي، وكان لهذا الفرع دور كبير في صقل موهبتي، وكان رافداً مهماً لها، فقد تأثرت بالأدب الإنكليزي، وأدبائه العظام، كالشاعر "وليم شكسبير".

ليس من الضرورة في الزجل أن يكون معك شخص متبارٍ، يمكنك أن تعبر عن مواضيع عدة غزلية، اجتماعية، وطنية وغيرها بقصيدة منفردة. إضافة إلى أنه يمكنك أن تتبارى مع شعراء آخرين، وفي هذا المجال قمت بمباريات عدة مع الشاعر الصحفي اللبناني "شربل زغيب"، والشاعر "رجا يونس"، والشاعر "يحيى ورور" في فرقة "مرايا". كنت وحيدة بين مجموعة من الشعراء الكبار، لكن ثقتي الكبيرة بموهبتي جعلتني أستمر بصورة متواترة ومتصاعدة، فأنا أرى نفسي جميلة عندما ألمس تفاعل الناس مع شعري، ولا أرى أي إحراج لكوني أنثى وسط مجموعة ذكور؛ أولاً لأنني اختار الأصدقاء من النخبة، وثانياً لأنني أثق بمقدرتي على فرض وجودي وشخصيتي حيثما وجدت

كان للمدرّسين تأثير بشخصيتي، وفضل في تقدمي ونمو موهبتي، فخلال المرحلة الإعدادية، كان الأستاذ "حسين ورور" أول من أخذ بيدي، والأستاذ القاصّ "رياض دويعر" له فضل كبير أيضاً. في ذلك الوقت، كانت تصدر صحيفة "الحبل"، وكانا من الناشطين فيها، لكنني لم أنشر شيئاً من أعمالي سابقاً، والسبب هو الرغبة بامتلاك القناعة بما أقدمه من إنتاج أدبي. وهذا لا يعني رضاي التام عما أقدمه الآن، فما زال أمامي الكثير.

مع الشاعر يحيى ورور

وفي مجال الزجل، كان لشعراء عدة الفضل بالأخذ بيدي، منهم: "يحيى ورور"، و"رجا يونس" من "لبنان"، و"نسيب سليمان". وبعد ذلك تلقيت دعوات من مراكز ثقافية عدة، و"اتحاد الكتاب العرب"، والمنتديات الشعرية، وأول قصيدة نشرت لي كانت في مجلة "الحقيقة" بعنوان: "يا شام"».

يستند الزجّال في طرح شعره على مقومات عديدة، ومن المعروف أنه يتأثر أحياناً بالشاعر المقابل، عن هذا تقول "أمل": «ليس من الضرورة في الزجل أن يكون معك شخص متبارٍ، يمكنك أن تعبر عن مواضيع عدة غزلية، اجتماعية، وطنية وغيرها بقصيدة منفردة. إضافة إلى أنه يمكنك أن تتبارى مع شعراء آخرين، وفي هذا المجال قمت بمباريات عدة مع الشاعر الصحفي اللبناني "شربل زغيب"، والشاعر "رجا يونس"، والشاعر "يحيى ورور" في فرقة "مرايا".

الناقد الأدبي والشاعر جهاد الأحمدية

كنت وحيدة بين مجموعة من الشعراء الكبار، لكن ثقتي الكبيرة بموهبتي جعلتني أستمر بصورة متواترة ومتصاعدة، فأنا أرى نفسي جميلة عندما ألمس تفاعل الناس مع شعري، ولا أرى أي إحراج لكوني أنثى وسط مجموعة ذكور؛ أولاً لأنني اختار الأصدقاء من النخبة، وثانياً لأنني أثق بمقدرتي على فرض وجودي وشخصيتي حيثما وجدت».

وعن الشعر، قالت: «الشعر لا يُعلّم؛ لأنه موهبة تخلق مع الشخص، لكن هذه الموهبة بحاجة إلى صقل حتى تختمر، وعلى الإنسان تعلم أساسياتها وقواعدها، فالموهبة وحدها لا تكفي لتكون شاعراً، وتعلم قواعد الشعر والعروض وحدها لا تكفي، الموهبة والإحساس إضافة إلى تعلم القواعد؛ هي سرّ صناعة الشاعر.

لا أظنّ أنني وصلت إلى مرحلة الاحتراف بعد، إنما هناك حالات نفسية تعتريني، فأعبر عنها بالشعر، كهذه القصيدة:

"شو بخاف لو بكرا إجا تشرين... واصفرت وراقي وصرت إكبر

ورود الصبا اللي عملت بساتين... تـذبل عــلى الشـــباك المــعتر

وإنتا بعمر الــورد والياســـمين... بتبقــى عــطر معجوق بالعنبر

وتترك إلي قلامي وحرف مسكين... يبكو عــسطر بدفتر مـختير

ون جيت لتطفي وجـع السـنين... بيوعى ربيعي عا غصن أخضر

برجع أنا والوعـــد متفقين... نركض سوا عـا درفة الأحـــزان

نخزق الورقة ونحرق الدفتر"».

عنها قال الشاعر والناقد الأدبي "جهاد الأحمدية": «"أمل فرج" شاعرةُ تنسلُ ريشتَها من قصبِ الإحساسِ الصادق، وتغمِّسُها بحبر الشفافية المدهشة، والصورةِ اللافتة. تأخذنا من قلقِ لحظاتِنا إلى عوالمها الساحرة المشاغبة، وترشُّ على تعبِ أرواحِنا عذوبةَ حروفِها، وتهدهدُ لنا بعبيرِ صورِها العابقة بالندى، فنغفو على حلمٍ من أريج البنفسج، ونصحو على صوت فيروزها المنتشي بالصباح. نقرأ بين سطورها عمراً حافلاً بالحياة، زاخراً بالمحبة والصدق. نتذوقُ في قصائدها حلاوةَ الإحساس وبراءته، على ما تخبِّئُه في حناياها من مرارة التجربة وعلقمِ المعاناة.

حين ننصتُ إليها وهي تبوحُ بعصافير لهفتها، تلفُّنا الدهشةُ بشالات عطرها، وتلفتُنا نغمةٌ من رنين الكؤوس التي فاح منها عبير الأماني، فننتشي بالجنون الجميل الذي غافل البحر، واستعذب الجلجلة».

يذكر أنّ الشاعرة "أمل فرج" من مواليد "السويداء"، وقدمت الكثير من الأمسيات الشعرية والمناظرات، ونشرت وسائل الإعلام الكثير من قصائدها التي اتسمت بالبعد الإنساني.

ومن قصائدها الجميلة اختارت لنا "شوق وحنين":

"عم فيق من نهدات موجوعة... سكت مشاعر شوق مسموعة

خبي حنيني عن عيون الناس... صحي الحلم من قبل ما أوعى

وبنّج عصب بالذاكرة حساس... تـا عيشك خـيالات مقشــوعة

وصبك خمر يتحرقص على الكاس... ناطر بريق عيون مرفوعة

وأطبع على حفافو الحلا أنفاس... وشيلك عروس شفاف بس أوعى

تعمل لغيري بها الصلى قداس... شوفك شي مرة ناصب مواعيد

وسكران حدك بنت دلوعة".