خلق نواة صناعية محلية لتصميم التقنيات الكهربائية؛ مشروع اكتمل على أيدي مبادرين شباب، تمكنوا من أخذ حصة من الأسواق، وتأسيس عجلة تصميمية متطورة غطت احتياجات السوق المحلي.

لتجاوز فكرة الاكتفاء بما تعرضه الأسواق، انطلق المهندس المتخصص في مجال الكهرباء "كنان أبو محمود" و"عمر نعيم" المتخصص في الإلكترونيات من متجر متواضع، يضم أنواعاً من المحولات الكهربائية والشواحن وبعض المعدات الصناعية، تفاعلا مع حالة العرض والطلب، واستثمرا خبراتهما للوصول إلى مرحلة التصميم والإنتاج؛ وفق حديث المهندس "كنان أبو محمود" لمدونة وطن "eSyria"، التي زارت المشروع بوصفه أحد المشاريع الرائدة بتاريخ 9 آذار 2017، الذي يظهر كطاقة شبابية صرفة، وقال: «عندما يقول أحدهم أنتم كمشروع ولدتم ضمن الأزمة نختلف معه؛ لأننا حاولنا تأسيس عمل يتجاوز ظروف الأزمة وما بعدها، فهذه الظروف دفعتنا كشباب لا نريد التقيد بالوظيفة المكتبية لنطبق ما تعلمناه وامتلكناه من خبرات بأيدينا لنلف المحركات ونصمم ما نحتاج إليه من دارات؛ فهذا اختصاصنا وعملنا كمهندسين؛ لقناعة لدينا أن المستقبل للصناعة ولمن يمتلك سرها.

وجدت في هذا المشروع عدة حوامل للعمل والتحفيز، لكون الأبواب مفتوحة لطرح الأفكار والتجربة، وهذا ما لا يتوافر في قطاعات أخرى، لأن المشروع شبابي وقائم على أفكار إدارية وعلمية متطورة؛ ففي هذا القسم أنا وزملائي المهندسين نطبق العمل بأيدينا من لفّ محركات، ودارات لمختلف احتياجات العمل كي نحقق حالة اكتفاء بالفكرة، ونطبق تصاميم القسم الفني، ونسلمها إلى قسم التجميع، حيث لا نتقيد بتصميم واحد؛ فلكل مرحلة إضافات وتصاميم جديدة، لكوننا نتفاعل مع الأسواق والتطور العلمي السريع في هذه المرحلة

وبالنسبة لي، فقد عملت مع القطاع الخاص، ودرّست بالمعهد الصناعي، وسافرت مدة قصيرة، واستفدت من دورات مختلفة لتطوير القدرات، وبعد مدة تعرفت زميلي "عمر نعيم" المتخصص في مجال الإلكترونيات، وهو مغترب حالياً، حيث التقت أفكارنا لنؤسس عملنا الخاص، وكانت البداية بغرفة صغيرة نبيع فيها منتجات كهربائية ونصنع شواحن كهربائية، وهذا كان في عام 2013، وبعدها توسعنا بمحل أكبر بمساعدة الأصدقاء لنطرق باب التصميم والإنتاج. لقد اختبرنا عدة أفكار، وبرزنا في الأسواق، لكننا وبحكم الدراسة للأفكار العالمية المشابهة واعتماد الدراسات الاقتصادية اخترنا عدم التشعب والتخصص بنوع أو اثنين لنتمكن من تحقيق النجاح، وكانت أولى الصعوبات التي واجهتنا أن إقامة نواة صناعية تحتاج إلى موروث صناعي على الأرض نستفيد من تجربته؛ وهذا بالفعل لم يتوفر محلياً، فاتجهنا إلى الإنترنت، وكانت التجربة الهندية مثالاً جيداً، واستطعنا التواصل مع عدد من الشركات المتخصصة للانطلاق على الأرض والتخصص، لنصل اليوم إلى مرحلة تصنيع أجهزة تنظيم الكهرباء وفق نماذج مختلفة بناء على تصاميمنا الخاصة للدارات ولفّ المحركات وإنتاج المحولات».

المهندس ماهر مرشد ومهندسو قسم الإنتاج

استراتيجيات العمل كانت خطوة محورية، فالعمل الصناعي قائم على عدة قواعد لا يمكن تجاوزها، وتابع: «تضاف إلى الصعوبات مشكلة ندرة الخبرة؛ فلم نجد قوالب تنفيذية جاهزة للتطبيق، وكانت العملية مجموعة من الابتكارات والمخططات التي حاولنا بقدر كبير من الاهتمام أن تكون منسجمة مع الواقع وما يتوافر من خبرات شابة. منتجاتنا الأولى من المنظمات الكهربائية دليل على أننا تجربة أولية، وبناء على هذه التجربة التي كان عنوانها الاهتمام بما يقدمه السوق من آراء حول المنتج، ودراسة المقترحات وعيوب التصنيع، ليتم التعديل في تصاميم قادمة، ووجدنا دعماً كبيراً من المتعاملين، وتفهماً لما نقدمه من أفكار، وعليه اعتمدنا طريقة الأجيال؛ أي إننا في كل ستة أشهر نطرح جيلاً جيداً للمنتج وفق المطلوب في كل مرحلة، ووضعنا خطوطاً عريضة لعملية كسب الثقة وتنظيم العمل من حيث إدارة الأقسام وتوزيع التخصصات، والأهم من ذلك، استقطاب طاقة شابة من المهندسين المندفعين بحماسة وثقة إلى العمل، لنتبنى فكرة براءات الاختراع من خلال القسم الفني، واستثمار كل الأفكار المقدمة من كادر العمل المتجدد باستمرار، لأننا نحرص على تعيين الشباب من عمر 19 عاماً وما فوق.

فكل ما نفذّ من مشاريع مرحلية أسست للطاقة الصناعية للمشروع، وحولت الفكرة من حلم إلى عمل مترابط الحلقات، لنتوسع اليوم ونأخذ حصة وافية من السوق، بمعدل مبيعات ارتفع بما يعادل خمسة أضعاف، لنتملك الماركة التجارية، ونضع بصمتنا الخاصة كتقنيات منتجة محلياً، والانطلاق لامتلاك علامات الجودة العالمية؛ وهذه خطوات بدأت بالفعل».

وسيم أبو فخر

خيار العمل مع قطاع حديث الإنشاء فكرة شجعها الطاقم الهندسي العامل لمصلحة الشركة التي تؤهل لامتلاك خبرات فنية عملية؛ وفق حديث المهندس "ماهر مرشد" مدير قسم الإنتاج، وقال: «وجدت في هذا المشروع عدة حوامل للعمل والتحفيز، لكون الأبواب مفتوحة لطرح الأفكار والتجربة، وهذا ما لا يتوافر في قطاعات أخرى، لأن المشروع شبابي وقائم على أفكار إدارية وعلمية متطورة؛ ففي هذا القسم أنا وزملائي المهندسين نطبق العمل بأيدينا من لفّ محركات، ودارات لمختلف احتياجات العمل كي نحقق حالة اكتفاء بالفكرة، ونطبق تصاميم القسم الفني، ونسلمها إلى قسم التجميع، حيث لا نتقيد بتصميم واحد؛ فلكل مرحلة إضافات وتصاميم جديدة، لكوننا نتفاعل مع الأسواق والتطور العلمي السريع في هذه المرحلة».

منتجات محلية حققت حالة اكتفاء لعدد من القطاعات؛ وفق حديث "وسيم أبو فخر" مدير إحدى الشركات، وقال: «نتلاقى مع هذا المشروع الناشئ بمجموعة من الأفكار الإدارية والإنتاجية، وقد استفدنا من المنتجات التقنية، وكانت بالفعل متميزة، ولدينا علاقات شبه يومية لكوننا نحتاج في ورشاتنا إلى نوعية خاصة من التقنيات ينتجها المشروع، وأظهرت الإدارة مرونة من حيث تطوير الأفكار والتعامل مع المستخدم، وهذه فكرة أساسية في المجال الصناعي، لكونها جسراً أولياً للعبور وامتلاك الثقة، وعليه فإن إمكانية الحصول على باقة من المنتجات وفق الطلب والحاجة هيأت حالة انتشار للمنتج المحلي، الذي خفف أعباء الاستيراد بالنسبة لقطاعنا وعدد من القطاعات».

تصنيع الدارات بأيدٍ شابة

ما يجدر ذكره، أن المهندس "كنان أبو محمود" من مواليد 1985، خريج جامعة "دمشق" عام 2010، مدير تنفيذي للشركة التي أسسها مع "عمر نعيم" المتخصص في مجال الإلكترونيات، حيث يصل عدد عمال الشركة اليوم إلى 30 عاملاً وعاملة من مختلف الاختصاصات الهندسية في الكهرباء والإلكترونيات والتصميم الهندسي.