من أزياء الزمن الجميل يعود "الدامر" على أكتاف الصبايا؛ ليتذكرن به زيّاً تغاوت به نساء "جبل العرب"، من المخمل المطرز في عصر مضى.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 2 تشرين الأول 2016، تابعت عودة الزيّ العربي إلى الأفراح، حيث اختارت بعض الصبايا ارتداء الزيّ القديم كاملاً كحالة من استذكار "الدامر" بوصفه قطعة كمّلت البدلة العربية بجمال لونها وحرفية تطريزها؛ كما حدثتنا العروس "هيفاء غرز الدين" التي حرصت على ارتداء "الدامر" على أصوله القديمة، واقتنت هذه القطعة التقليدية الجميلة، وقالت: «للزيّ التراثي القديم جمال وطلة تجعله جاذباً للنظر، ومن وجهة نظري فهو مميز لدرجة كبيرة؛ لأنه يحمل نفحة من الماضي الجميل. فقد كانت كبيرات السن في مراحل قديمة يرتدين هذه القطعة لتزيد الثوب وقاراً واحتشاماً، ومع التحضيرات للفرح كانت لدي رغبة بارتداء الزي العربي و"الدامر" بوجه خاص؛ فخطيبي خياط مختص بالزيّ العربي، ومن خلاله رأيت هذه القطع عن قرب، وعلمت أن هناك نساء كثر في منطقتنا احتفظن به، وكنت سعيدة باقتناء قطعة منه باللون الكحلي المميز، ومطرزة على الطريقة القديمة، اشتريتها من سيدة طرزتها بيديها من قرية "عرمان"، وكانت هذه القطعة تابعة لعدد كبير من القطع مازالت سيدات في المنطقة يحتفظن بها، لنشتريه بسعر لا ينسجم أبداً مع جودة إنجازه وقماشه الفاخر.

للزيّ التراثي القديم جمال وطلة تجعله جاذباً للنظر، ومن وجهة نظري فهو مميز لدرجة كبيرة؛ لأنه يحمل نفحة من الماضي الجميل. فقد كانت كبيرات السن في مراحل قديمة يرتدين هذه القطعة لتزيد الثوب وقاراً واحتشاماً، ومع التحضيرات للفرح كانت لدي رغبة بارتداء الزي العربي و"الدامر" بوجه خاص؛ فخطيبي خياط مختص بالزيّ العربي، ومن خلاله رأيت هذه القطع عن قرب، وعلمت أن هناك نساء كثر في منطقتنا احتفظن به، وكنت سعيدة باقتناء قطعة منه باللون الكحلي المميز، ومطرزة على الطريقة القديمة، اشتريتها من سيدة طرزتها بيديها من قرية "عرمان"، وكانت هذه القطعة تابعة لعدد كبير من القطع مازالت سيدات في المنطقة يحتفظن بها، لنشتريه بسعر لا ينسجم أبداً مع جودة إنجازه وقماشه الفاخر. وكانت المفاجأة أنني ارتديته بحفلة عقد القران؛ فهو لا يقل جمالاً عن الزيّ العصري؛ لأحتفظ به ذكرى مميزة لفرحتي وكنوع من التذكير بما لدينا من تراث جميل

وكانت المفاجأة أنني ارتديته بحفلة عقد القران؛ فهو لا يقل جمالاً عن الزيّ العصري؛ لأحتفظ به ذكرى مميزة لفرحتي وكنوع من التذكير بما لدينا من تراث جميل».

هيفاء زين الدين بزي العرس

الخياط العربي "تيسير شروف" زوج "هيفاء"، حدثنا عن "الدامر"؛ لكونه من القطع التي يهتم بها ويشعر بأن على الخياط العربي التعريف بهذه القطع النادرة والقيمة، وقال: «تقصدت الحصول على "الدامر" و"الطربوش" للرأس ومجموعة من القطع لتكون ملبية لطلب العرائس اللواتي يملن إلى الزي الشعبي القديم، وقد لاحظت أن بعض الصبايا يطلبن هذه الألبسة بوجه خاص.

وأجد أن من واجبي كخياط متخصص بالزي العربي النسائي أن أعرّف المجتمع بالأزياء التي انتشرت في منطقتنا ومواطن الجمال والسحر فيها، فالقليل من الناس يعرفون أن "الدامر" قطعة استقدمت في السابق من "دمشق"، لكن في مرحلة لاحقة تعلمت نساء الجبل خياطته وتطريزه، مع العلم أن لتطريزه طريقة فريدة، فكل قطعة تطرز على حدة وفق طريقة تناظرية بطريقة خيطان مذهبة من نوعية فاخرة محددة تطرز بشكل ملفوف، وبخياطة متينة تابعة لمتانة الخيط وحرفية السيدة، وفي النهاية يتم جمع القطع لتشترك على إطار ذهبي عريض يكمل جمال ومتانة القطعة، التي من وجهة نظري لا تقدر بثمن، فالقيمة للزمن والحرفية الجميلة التي أنتجته.

الخياط تيسير شروف

وبالنسبة لي، فقد ارتدت عروسي قطعة من "الدامر" المذهب الخاص بالعرائس بلونه الزاهي الجميل، فالمتعارف عليه أن هناك قطعاً مخصصة للصبايا والعرائس تظهر من حيث اللون والخيوط الذهبية اللامعة، بينما تخصص لكبيرات السن ألوان الأسود والبني والكحلي و"العنابي" القاتم وتتطرز بخيوط سوداء، حيث كان "الدامر" قطعة للزينة، وأيضاً عبارة عن "جاكيت" ترتديه السيدات فوق البدلة العربية في الشتاء، اليوم القطعة أعيدت إلى الحياة على أيدينا كخياطين لتلبية غاية الشابات والسيدات العاشقات للتراث الجميل».

منشأ القطعة وتصميمها وإلى أي الثقافات تعود، أفكار حدثنا عنها الباحث والمتخصص بالتراث "سلمان البدعيش"، وقال: «حسب معلوماتي وما جهدت على جمعه عن هذه القطعة، فإن "الدامر" مع غيره من قطع الزي الشعبي مثل "الطربوش" أدخل إلى زينا الشعبي في العصر العثماني، وكان القماش المستخدم هو الجوخ، ثم استخدم المخمل الأسود، تلبسه النساء الكبيرات في السن، وكان يطرز على حافتيه الأماميتين وعلى محيطه من الأسفل بشريط مزخرف، مستعملين في ذلك "البريم" و"الدلّق" باللون الأسود فقط، ومنذ سبعين أو ثمانين عاماً استعيض عنه بما سمي "الجاكيت" وهي كلمة فرنسية الأصل، وربما أخذت من الفرنسيين الذين كانوا يستعمرون بلدنا، وتحرروا من اللون الأسود، وأصبحوا يستخدمون ألواناً زاهية ومختلفة، وقماش "الجاكيت" يكون أثخن من قماش التنورة أو "المملوك"، ويضم بعضه إلى بعض من الأمام بزر كبير أو ما يسمى البكلة، بينما "الدامر" ليس له زر أو بكلة، ويبقى مفتوحاً، وله جيب من الداخل تحت الإبط لوضع المنديل، أو مفتاح البيت عند الخروج منه، وقد لاحظت مؤخراً انتشار هذه القطعة عند بعض المهتمين، وبعض الصبايا حرصن على اقتناء "الدامر" المذهب، وهذه فكرة جيدة وفيها كثير من الإنصاف لموروث جميل نعود إليه بشوق؛ فهو يمثل حالة اجتماعية تعني لنا الكثير».

الباحث سلمان البدعيش

ما يجدر ذكره، أن "هيفاء زين الدين" من مواليد "السويداء"، عام 1984، موظفة ومهتمة بالتراث.