تعدّ العادات والتقاليد جزءاً من منظومة قيم اجتماعية لها أبعادها الإنسانية والأخلاقية، وهي التي تكوّنت نتيجة ثقافة جمعية شعبية، باتت مع الزمن الجزء الأهم من القيم الأخلاقية.

حول منظومة القيم ودور الثقافة الشعبية بتكريسها، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 25 أيلول 2016، التقت الباحثة الدكتورة "ريما الحجار"، وهي مدرّسة في جامعة "دمشق"، التي بيّنت قائلة: «ربما التميز الملحوظ في مفهوم الثقافة الشعبية واضحاً في "السويداء" من خلال أمر واقعي، وهو الجامع لكل مقومات الحياة، ألا وهو "المضافة"، فلها الدور الأهم والبارز في تكوين الثقافة الشعبية وتكريس مبادئ القيم الاجتماعية؛ فكما يتكلم الناس كافة بجميع لغاتهم، بالنثر أسلوباً، يمارسون كافة القيم سلوكاً، ولا يحسن جلهم وعي ممارستهم، بل يكتفون في حياتهم العملية بمستوى ما يفعلون، وفي وسعنا أن نستشف الممارسة القيمية في واقع الحياة بإلقاء نظرات سريعة على أساليب السلوك والعادات التي يتبعها الأفراد أو تفرضها الجماعات، وهي جملة أنماط التصرف في مختلف شؤون الحياة والفكر والمجتمع من تغذية ودفء وسكن، إلى عقائد ومعاملات وعلاقات أسرية ومهنية واقتصادية وفنية وإنسانية، ومن خلال ذلك كله تتكوّن ثقافة جمعية شعبية تنساب منها تعاليم قيمية يعتنقها صاحبها إما بعفوية قد لا يحسن الذود عن مسوغاتها، أو أنه يعتنقها استجابة لما يفرضه المجتمع وتقتضيه التقاليد، بل لما تغرسه البيئة في نفوس النشء منذ نعومة أظفارهم، إن أهم ما يحققه المرء في تكوين شخصيته الإنسانية القائمة أصلاً على العادات والتقاليد وفق البيئة التي وجد فيها وعاش بين أهلها، وهذه العادات ثقافة شعبية يتداولها الناس ضمن مجتمع "السويداء"».

لقد تميزت محافظة "السويداء" بتكوّن ثقافة شعبية نتيجة تراكم مجموعة من العادات والتقاليد، وتحولت معظم تلك العادات إلى قيم ثابتة تحمل البعد الأخلاقي والاجتماعي، فحينما تستمع لأهازيج حماية الدخيل والذود عن الأرض والعرض، والتغني بالأرض ومفاتن الحياة وجمال الطبيعة، تشعر بأن تلك الصور الإبداعية جاءت من خلال الواقع المنسجم مع طبيعة الحياة، والسلوك اليومي للعادة إلى العرف وصولاً إلى القيم الثابتة، فهذه النماذج وغيرها الكثير من روابط المجتمع تجعلنا ندرك أن الثقافة الشعبية المكونة التي أصبحت ثقافة موروث وعادات كوّنت قيماً موروثة قائمة على بناء الشخصية الاجتماعية والوطنية والأخلاقية، وتكرّس بمفهومها ومجملها تلك القيم لتصبح ثوابت نعتزّ بها ونفخر

وتابعت الدكتورة "ريما الحجار" القول: «إن مفهوم العادات الاجتماعية وأبعادها الإنسانية والأخلاقية وأعرافها، هي نمط متوازن من ثقافة شعبية، وهذه الثقافة لها دور كبير في تكريس وتجسيد القيم الاجتماعية؛ لأن عادات فئة أو طبقة هي عرف، والعرف -إن صحّ التعبير- هو عادة من العادات، فإنه في الوقت نفسه أكثر من مجرد تكرار مألوف لطراز من السلوك، إنه عادة، ولكنه قاعدة سلوك، أي إلزام بسلوك، وأعراف المجتمع هي بحدّ ذاتها أوامر، فيقال: "إن العرف يأمر، أو أن العرف يقضي"، لذلك فإن دور هذه الأعراف في تكوين ثقافة شعبية يخرج منها مجموعة من القيم تتجسد وتتكرس وربما تصبح منظومة قيمية لا يستطيع المجتمع التخلي عنها؛ لأنها باتت جزءاً مهماً من نسيجه الاجتماعي والإنساني، خاصة أن مجتمع "جبل العرب" قائم على تلك العادات؛ فهناك عادات يتغنى بها الأدباء والشعراء، وتحولت تلك العادات من عرف تقليدي إلى قيمة ثابتة، مثل: إغاثة الملهوف، وكرم الضيافة، وحماية الأرض والعرض، ولعل هذه العادات الحاملة للقيم تجعلنا نبحث عن مصدرها الثابت لنجد أنفسنا أمام ثقافة شعبية استطاعت تكوين منظومة القيم».

الدكتورة ريما الحجار

حول دور الثقافة الشعبية في تكريس القيم الاجتماعية، الباحث "فادي حديفة"، وهو أستاذ جامعي، يقول: «لقد تميزت محافظة "السويداء" بتكوّن ثقافة شعبية نتيجة تراكم مجموعة من العادات والتقاليد، وتحولت معظم تلك العادات إلى قيم ثابتة تحمل البعد الأخلاقي والاجتماعي، فحينما تستمع لأهازيج حماية الدخيل والذود عن الأرض والعرض، والتغني بالأرض ومفاتن الحياة وجمال الطبيعة، تشعر بأن تلك الصور الإبداعية جاءت من خلال الواقع المنسجم مع طبيعة الحياة، والسلوك اليومي للعادة إلى العرف وصولاً إلى القيم الثابتة، فهذه النماذج وغيرها الكثير من روابط المجتمع تجعلنا ندرك أن الثقافة الشعبية المكونة التي أصبحت ثقافة موروث وعادات كوّنت قيماً موروثة قائمة على بناء الشخصية الاجتماعية والوطنية والأخلاقية، وتكرّس بمفهومها ومجملها تلك القيم لتصبح ثوابت نعتزّ بها ونفخر».

الأستاذ فادي حديفة