يمثّل الشعر الشعبي نمطاً في تداول الإبداع الأدبي والثقافي والاجتماعي، وهناك فوارق بين الشعر الشعبي والنبطي الموسوم به كوسمه البدوي، حيث كوّنت تلك الفوارق آراء متعددة.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 22 أيلول 2016، التقت الباحث الدكتور "أسعد منذر" صاحب كتاب "البعد الوطني في الشعر العامي لجبل العرب 1837 و1937"، الذي بيّن بالقول: «بين الشعر الشعبي والنبطي فوارق كبيرة، فقد مزج بعضهم بينهما، وكلّ شعرٍ خلافَ الشعرِ العربيِّ الفصيحِ هو عاميٌّ شعبيٌّ، أمّا إذا كانت تسميةُ "الشعبي" تعني أنّه شعبيٌّ من واقع البيئة الشعبية، فهذا خطأٌ؛ فالشعر النبطيّ يختلف عن الشعر الشعبي؛ فالشعر الشعبي هو الّذي يتكلمُ بلهجةِ أهلِ البلد الدارجة والمتميزة، الّتي ينطق بها شخصٌ يعرفُ أنّه من أهلِ ذاكَ البلدِ. أما النبطي، فهو ما يسمى الشعر النبطي العامي، ويسمى أيضاً الشعر البدوي. أما لماذا هو عاميّ، فلأن لغته قد تخلصت في كثير من الأحيان من بعض الظواهر التي تلتزمها الفصحى، وكذلك فيما يتعلق بضبط أواخر الكلمات "الإعراب"، وضبط الكلمة نفسها، أو نطقها بين الترقيق والتفخيم والشدة والإمالة، إلى آخر تلك الظواهر؛ فهو شعر عاميّ وليس فصيحاً، ولكنه عربي».

بين الشعر الشعبي والنبطي فوارق كبيرة، فقد مزج بعضهم بينهما، وكلّ شعرٍ خلافَ الشعرِ العربيِّ الفصيحِ هو عاميٌّ شعبيٌّ، أمّا إذا كانت تسميةُ "الشعبي" تعني أنّه شعبيٌّ من واقع البيئة الشعبية، فهذا خطأٌ؛ فالشعر النبطيّ يختلف عن الشعر الشعبي؛ فالشعر الشعبي هو الّذي يتكلمُ بلهجةِ أهلِ البلد الدارجة والمتميزة، الّتي ينطق بها شخصٌ يعرفُ أنّه من أهلِ ذاكَ البلدِ. أما النبطي، فهو ما يسمى الشعر النبطي العامي، ويسمى أيضاً الشعر البدوي. أما لماذا هو عاميّ، فلأن لغته قد تخلصت في كثير من الأحيان من بعض الظواهر التي تلتزمها الفصحى، وكذلك فيما يتعلق بضبط أواخر الكلمات "الإعراب"، وضبط الكلمة نفسها، أو نطقها بين الترقيق والتفخيم والشدة والإمالة، إلى آخر تلك الظواهر؛ فهو شعر عاميّ وليس فصيحاً، ولكنه عربي

لكن، لماذا هو بدويّ؟ يبيّن الفنان والشاعر "ناصر يقظان" بالقول: «ذلك لسببين، وهما: أن لهجته ومفرداته وكلماته هي نفسها التي يستخدمها البدو بلغة تخاطبهم اليومية، التي لا تبتعد كثيراً عن اللغة العربية الفصحى. والثاني أن معظم من يتعاطى هذا الشعر هم من شعراء البادية، ونقول معظم وليس كل شعراء النبط من أهل البادية؛ لأن هناك شعراء برزوا بهذا الشعر ولم يكونوا من أهل البادية، بل كانوا يسكنون المدن والقرى، وماهية الشعر النبطي بفتح النون والباء وكسر الطاء بعدها ياء مشددة، وهذه التسمية هي نقطة الخلاف في التسمية لوجود ثلاثة أسباب؛ أولها أنه سمي "نبطياً" نسبة إلى أن أول من قاله هم عرب يسكنون وادي "نبطا" أو "نبطي"، وهذا الوادي يقع في ناحية "المدينة المنورة" قرب "حوراء"، وهذا القول غير صحيح لأسباب عدة؛ لأن الأماكن عادة تكسب أسماء ساكنيها وليس العكس، فمثلاً "وادي الدواسر" يعني أن أول من حلّ به "الدواسر"، فحمل اسمهم».

الباحث الدكتور أسعد منذر

ويتابع القول: «وثانياً قيل إنه نبطيٌ نسبة إلى جيل قدموا من بلاد فارس هم من الأعاجم ونزلوا بالبطائح بين العراقيين يعرفون بالنبط، وهذا هو شعرهم نظراً إلى قرب اسم الأنباط من الشعر النبطي. فكيف يعتمد دليلاً ما لا أساس له، وهذه الأسباب تبرهن على عدم صلة الأنباط بهذا الشعر، والشعر النبطي أول ما ظهر في الجزيرة العربية، والأنباط قدموا من بلاد فارس، فكيف يكون شعرهم؟ والمرجع التاريخي الوحيد الذي ذكر الشعر النبطي هو كتاب "مقدمة ابن خلدون"، ولم ينسب "ابن خلدون" الشعر النبطي إلى الأنباط، كما أن الكتب التاريخية التي درست الأنباط لم تذكر الشعر النبطي مطلقاً، بل ذكره "ابن خلدون" في مقدمته "بالشعر البدوي"، فمن الخطأ أن ننسب الشعر النبطي إلى الأنباط كما تقدم. ثالثاً الشعر النبطي سمي بهذا الاسم لأنه استنبط بمعنى استحدث استناداً إلى المعجم، استنبط الشيء أي استحدثه أو استمده من مصدرٍ موجود، ومصدره نبط بفتح النون والباء وتعني نبع الماء، والاستنباط الاستخراج، ولكن هذا المستنبط من أين استنبط؟ بالتأكيد من الشعر العربي الفصيح الذي كان سائداً في أزمنة كانت اللغة العربية في أوج عظمتها، وكانت قبائل العرب كلها مجتمعة في موطنها الأصلي وهو الجزيرة العربية».

ويشير الشاعر الشعبي "عدنان علم الدين" عضو مجلس إدارة جمعية الأدب الشعبي وأصدقاء التراث، إلى أن القبائل الباحثة عن المراعي استنبطت بعض اللهجات عبر تنقلها، ويضيف: «حين بدأت هجرة هذه القبائل لأسباب عديدة منها الغزو والبحث عن المراعي، وأصبحت كل قبيلة تسير بمفردها وتختار لها موقعاً جديداً تقيم فيه، ضعفت لغتهم العربية، وبدؤوا استنباط لهجات قريبة من لغتهم الأصلية الفصحى، لا تبتعد كثيراً ولكنها تدغم بعض الحروف، وتنطق بعض الحروف بنغمة جديدة، وتميز مخاطبة المذكر عن المؤنث ببعض الإضافات؛ وبذلك ابتعدت عن قواعد اللغة، ومن هنا كان الشعر النبطي المستنبط من الشعر العربي، الذي يختلف عنه فقط بعدم تمسك الشعر النبطي بالقواعد النحوية، وإضافة بعض المفردات الدخيلة على اللغة العربية من اللهجة العامية. كما نلاحظ فإن الشعر النبطي ليس شعراً عربياً فصيحاً، لكنه ليس بعيداً عنه؛ فهو مشتق منه. ونستطيع القول إنه شعرٌ عربيٌّ، لكن من دون ظواهر الإعراب؛ فتجد الشاعر النبطي ينصب ما يجب أن يرفع، ويجزم ما يجب أن ينصب، ويضيف التنوين حسب الوزن، وهكذا.

الفنان ناصر يقظان

ويشير "ابن خلدون" في مقدمته إلى أن الشعر من البلاغة، ولا دخل للبلاغة بالإعراب، والشعر متى كان مستقيماً محتفظاً بأوزانه؛ فلا قيمة لحركات النحاة فيه، وهذا يدعم الرأي الذي يقول: إن الشعر النبطي استنبط من الشعر العربي الفصيح، وسمي نبطياً؛ لأنه مشتق ومستنبط من الشعر الفصيح، ودليل ذلك أن أغلب مفردات الشعر النبطي عربية فصيحة ينقصها فقط التشكيل الصحيح وضبط الإعراب لتصبح عربية فصيحة، ويمكن اعتبار أن لهجة أهل "نجد" هي اشتقاق هذا اللون من الشعر».

الشاعر عدنان علم الدين