دخل "الهجيني" التراث اللا مادي بجدارة بفعل أغراضه الشعرية الغنائية ذات الخصوصية في التعاطي مع الحدث والواقع وفق أغراضها المتعددة، فالتركيب البنيوي للجملة الشعرية تتطلب مقومات أهمها الغنائية والدلالة والمعنى.

حول أغراض الهجيني مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 22 أيار 2016، التقت الباحث التراثي "محمود مفلح البكر" صاحب كتاب "في الغناء البدوي الهجيني"، فبيّن قائلاً: «يحمل الهجيني ضمن أغراضه التصوير الدلالي في التعبير، ويعتمد بوجه أساسي البيئة المحلية بما يتلاءم مع طبيعة المكان لكل منطقة، لذلك نجد الكثيرين من الشعراء يعتمدون بتعابيرهم عتبة نصية واحدة ضمن الاستهلال الشعري، مثل: "يا صاحبي، أو لا يا هنو، ومبارحة، أو لو التمني"، أو المباشرة بالمخاطبة بياء الممدودة للشدو الغنائي، والهجيني الأكثر كثافة للصور، والانزياحات الشعرية تعتمد بمضمرها التكثيف البلاغي، وهي تدخل في الوجدانيات والعاطفة والوطن والحنين والمجتمع والمناشدة بغية تبديد للزمان والمكان وإعطاء المساحة الصوتية بعدها الكامل في استخدام العرب الصوتية والوصول إلى المقامات والأنغام المنشودة الحاملة وفق طبيعة الهجيني في الفرح والحزن أو في الشجن بتعبير عاطفي إنساني يحمل من العشق والحب والتخييل، ما يجعل الجمال يأخذ الأرحب والأوسع في بنيته التركيبية».

يحمل الهجيني ضمن أغراضه التصوير الدلالي في التعبير، ويعتمد بوجه أساسي البيئة المحلية بما يتلاءم مع طبيعة المكان لكل منطقة، لذلك نجد الكثيرين من الشعراء يعتمدون بتعابيرهم عتبة نصية واحدة ضمن الاستهلال الشعري، مثل: "يا صاحبي، أو لا يا هنو، ومبارحة، أو لو التمني"، أو المباشرة بالمخاطبة بياء الممدودة للشدو الغنائي، والهجيني الأكثر كثافة للصور، والانزياحات الشعرية تعتمد بمضمرها التكثيف البلاغي، وهي تدخل في الوجدانيات والعاطفة والوطن والحنين والمجتمع والمناشدة بغية تبديد للزمان والمكان وإعطاء المساحة الصوتية بعدها الكامل في استخدام العرب الصوتية والوصول إلى المقامات والأنغام المنشودة الحاملة وفق طبيعة الهجيني في الفرح والحزن أو في الشجن بتعبير عاطفي إنساني يحمل من العشق والحب والتخييل، ما يجعل الجمال يأخذ الأرحب والأوسع في بنيته التركيبية

وتابع الباحث "محمد جابر" بالقول: «من خلال التعمق بمفهوم التراث اللا مادي وتضمين الهجيني ضمن عناصر هذا النوع من التراث لابد من الاعتراف والبوح بأن نسب الجمال التعبيري في الهجيني متفاوتة في نوع التخييل وقدرته للوصول إلى الإبداع، خاصة أن معظم الشعراء يستخدمون مفردات البيئة المحلية للمكان، وهذا يتطلب المزيد من التخييل والأهم المزيد من الألفاظ، ولا ينحصر قاموس الشاعر على مفردات واحدة وثابتة، والثابت لا ينمي القدرة العقلية، ولا يجعل الشعر في مستوى واحد بالجمال وبطبيعة ومعيار الشعر، وهنا أغراض الهجيني الاجتماعية والإنسانية والأخلاقية والاجتماعية والجمالية، تتفاوت في قيمتها الإبداعية بين غرض وآخر في تحديد البعد الجمالي الشعري؛ وذلك بالأسلوبية والخصوصية المحلية المرتبطة بالمفردة والصورة، لكن أغلب شعراء هذا النوع من الشعر ينحصرون في العشق والحب، يشير أحد الشعراء بقوله:

الباحث محمود مفلح البكر

"لو الهجيني يجيب الشوق... كل يوم لا شد هجينّيه

هذا الهجيني مــا منه فـود... عذّب قلوبَ الهواويَّة"

من أجواء الهجيني

يلاحظ أن المحرك الأساسي للهجيني، وغناءه هو العشق، لا سوق الإبل، وهذا ما جعله مفعماً بالدفق العاطفي في نصوص كثيرة، وفي الغناء زفرات حرى تنتهي بـ"أه" و"أوه"، أو "إيه" ممدودة في ختام كل شطر».

من الأغراض المهمة للهجيني الحامل للتصوير الشعبي، أوضح الشاعر الشعبي "ناصيف أبو حسون" بالقول: «من المؤشرات البيئية المتضمنة العادات والتقاليد في كل لوحة شعرية يقدمها الشاعر، إن الشاعر الشعبي يحمل في ثقافته الفكر الجمعي، ويفرز صوره بما يتوافق مع الوسط الجمعي، يقيناً منه أن المصير الواحد والعادات والتقاليد أيضاً وهموم الناس مشتركة كيفما كانت حزينة أو مفرحة؛ وبالتالي يصبح الهجيني مكوناً لثقافة جمعية اجتماعية تحمل في طياتها العقد الاجتماعي والمكون الرئيس لطبيعة الحياة اليومية والسلوك والثقافة، والفنان الشعبي اجتماعي بطبيعته، ويعيش وسط أهل قريته وسكان حيه أو مدينته، لذا نرى عمله الفني يغلب عليه الفكر الجماعي، ونرى أن عناصر إبداعاته تشمل الكثير من العادات والتقاليد والمعتقدات والمؤشرات البيئية والاجتماعية، أي تمثل قيماً ثقافية تعني الجميع"، واقتربت الآراء حول تسمية واضحة للهجيني عند الباحثين، إلا أن الشعر العامي عامة والهجيني خاصة الحامل لضوابط الشعر يحمل إشكالية ثقافية في الوزن والإيقاع، على الرغم من تهافت المبدعين اليوم على الابتعاد عن الشعر العمودي والتفعيلة، إلا أن الهجيني المالك لصور وتعابير ودلالات مميزة، توائم الإنسان العربي وفق البيئة الناشئة. ولأن الهجيني يواكب الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية، فقد قيل من خلاله ما يدعم سيرورة الحياة بميزان إيقاعي منسجم مع طبيعته الشعر، فهو يبتعد عن اللغة وأصولها في تراكيب البنية النصية فيه».

الأستاذ ناصيف أبو حسون