واحد من أركان الثورة السورية الكبرى، صاحب موقف وطني وكلمة حق، دونت مواقفه بأقلام الكتاب والمؤرخين، وغمر أبناء منطقته عطاءً معنوياً ومادياً.

حول شخصية المجاهد "حمد شبلي عامر" التقت مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 29 أيلول 2014، الباحث والمؤرخ "محمد جابر" صاحب كتاب "أركان الثورة السورية الكبرى"، وعنه يقول: «ولد في قرية "بثينة" عام 1875 التابعة لمنطقة "شهبا"، وفيها تعلم القراءة والكتابة، اشتهر بثباته وإخلاصه لمبادئه، وفي عام 1909 وبعد تأسيس جمعية "العربية الفتاة" بـ"باريس" انضم إليها، واشترك في معارك الجبل ضد حملة "سامي باشا الفاروقي" عام 1910، وقام بتنظيم الخطط لعرقلة تحركات الجيوش العثمانية بين "دمشق" و"فلسطين"، ورفض الانخراط في الجيش العثماني إلى جانب "سلطان الأطرش"، و"فضل الله هنيدي"، وآخرين من زعماء الجبل، ترأس معهم الاجتماعات السرية، وحضر اجتماع الصلح عام 1918 بين المجاهد "حديثة الخريشا" أحد زعماء بني "صخر" مع الأمير "فيصل بن الحسين" بديوانه في "حي المهاجرين"، قال حينها "سلطان باشا الأطرش": (منذ ذلك الحين توثقت علاقتي بـ"حمد عامر" فغدا صديقاً حميماً لي)».

استشهد المجاهد البطل "حمد عامر" في معركة "المزرعة" الثانية في 8 تشرين الأول سنة 1925، وكان يرافقه عبد له اسمه "عبيد" فانتخى عنده قائلاً: (لعينيك يا عمي) وهي عبارة بمعنى لأجل عينيك، وانتقم له فقتل أربعة من الفرنسيين، ثم قاموا بنقل جثمان الشهيد "حمد عامر" إلى قرية "بثينة" مسقط رأسه، حيث دفن فيها

ويضيف: «كان "حمد عامر" عضواً في أول مجلس نيابي في 1 أيار سنة 1921؛ حيث انتخب "سليم الأطرش" حاكماً ونادوه أميراً، وهو أحد الوطنيين الأحرار المناوئين للانتداب الفرنسي، وإبان حكم "كاربيه" انسحب "حمد عامر" من المجلس النيابي المؤلف من 12 عضواً، فدخل "نجيب عامر" بدلاً منه، وكان الأول يميل إلى السياسة الوطنية والحكم الوطني كـ"سلطان الأطرش" وغيره من الوطنيين الذين يطلبون الاستقلال، وحينما أخذ "حنا أبي راشد" يستطلع آراء زعماء الجبل بـ"كاربيه" و"ريمون"، قال "حمد عامر": (أرفض "كاربيه" وأطلب "ريمون"، لأن الأول ظلم أبناء شعبي وداس حقوقهم، والثاني أعطى الحرية للوطنيين من أن يبدوا آراءهم لإيجاد كل إصلاح، فهذا الحاكم نرضاه فرنسياً أما غيره فلا نرضاه إلا وطنياً)، وفي عام 1925 تشكلت خمس لجان في الجبل، لتعمل على تمكين الجبهة الوطنية وإحياء اللحمة الوطنية، وحل النزاعات العائلية والعشائرية».

الباحث والكاتب محمد جابر

وحول المعارك التي شارك بها يقول "جابر": «اشترك بمعركة "بصر الحرير" في 30 تموز سنة 1925 أي في اليوم الأول من معارك التصدي لحملة "ميشو"، وقد انتشر الثوار على خط متعرج يبلغ طوله ثمانية كيلومترات من قريتي "تعارة" و"قراصة" شمالاً حتى قريتي "الدور" و"سميع" جنوباً، واشترك في معركة "تل الخروف" في 1 آب سنة 1925، وفي 2-3 آب سنة 1925 اشترك في معركة "المزرعة" الشهيرة التي حقق فيها الثوار النصر الكبير ودحروا جيش العدو المؤلف من 13000 مقاتل وأبادوا ثلاثة أرباعه؛ حيث تم الالتحام بالسلاح الأبيض وجرت ملاحم أقرب ما تكون إلى الأساطير، خاصة بالبطولات الفردية، وفي 17 أيلول سنة 1925 اشترك في معركة "المسيفرة"، حيث هاجم الثوار القوات الفرنسية التي تجمعت هناك وكانت مؤلفة من ستة عشر ألف جندي في "المسيفرة، وأم ولد"، وفي 23 – 26 أيلول عام 1925 اشترك في معارك "السويداء" الأولى حينما زحف جيش الجنرال "غاملان" لأجل فك الحصار عن 500 فرنسي محاصرين في "قلعة السويداء"، وفي 2-9 تشرين الأول عام 1925 جرد الجنرال "غاملان" قوة كبيرة انطلقت من "المسيفرة" أيضاً باتجاه "السويداء" لأجل احتلالها وجاءت عن طريق قرية "خربا" ودارت معارك عديدة وعنيفة في "المجيمر"، "عرى"، "تل غسان"، "رساس"، "كناكر"، "تل الحديد"، "المزرعة"، وكان "حمد عامر" أحد الأبطال الذين واجهوا هذه القوات، وقد عاد "غاملان" خاسراً دون أن يتمكن من احتلال "السويداء"؛ رغم أن طائراته قامت بشن 330 غارة خلال هذه المعارك أسقط الثوار أربعاً منها».

أما الباحث التاريخي "إسماعيل الملحم" عضو اتحاد الكتاب العرب، فيقول: «عُيّن المجاهد "حمد عامر" واحداً من أركان الثورة في مؤتمر "ريمة الفخور" أي "ريمة اللحف" للقوى الوطنية السورية؛ الذي عقد في أوائل أيلول سنة 1925 بحضور كبار الوطنيين من الجبل وعلى رأسهم "سلطان باشا الأطرش"، وتم فيه وضع قواعد عامة للتعاون والتآزر بين جميع العناصر الوطنية في "سورية" و"لبنان"، لتقوية دعائم الثورة وتوسيع نطاقها، وقد ذكر المؤرخ "حافظ أبو مصلح" أن "حمد عامر" هو الزعيم الأول لآل "عامر"، وهو أحد أركان الثورة الذين لم يزعزعهم وعيد، ولم ينل من عزيمتهم إغراء، وقد أدرك آل "عامر" ذلك وهبوا يساندون "حمد بك عامر" و"سلطان باشا الأطرش"، كما ذكر "منير الريس" أسماء عدد من كبار القادة وزعماء الثورة منهم "حمد عامر"، وقال عنه الدكتور "الشهبندر": (لكن "حمد عامر" البطل المشهور لاقاهم في جهات "تل الحديد"، وقد دامت الحرب حتى العصر إذ أصيب العدو بانكسار شنيع، لم يتمكن جيش "غاملان" من الصمود في "المزرعة" بين جثث الفرنسيين والآليات المحروقة والحيوانات المقتولة التي خلفها سلفه "ميشو" منذ شهرين، وقد فسختها شمس المشرق، وقد جن ليلهم وأحاط بهم الثوار بقيادة "حمد عامر")».

منزل المجاهد حمد عامر

ويتابع: «استشهد المجاهد البطل "حمد عامر" في معركة "المزرعة" الثانية في 8 تشرين الأول سنة 1925، وكان يرافقه عبد له اسمه "عبيد" فانتخى عنده قائلاً: (لعينيك يا عمي) وهي عبارة بمعنى لأجل عينيك، وانتقم له فقتل أربعة من الفرنسيين، ثم قاموا بنقل جثمان الشهيد "حمد عامر" إلى قرية "بثينة" مسقط رأسه، حيث دفن فيها».

ويضيف: «كان "حمد عامر" ثرياً، يملك أراضيَ واسعة في ثلاث قرى وما يزيد على ثلاثة آلاف رأس من الغنم وغيرها من المواشي، لم ينجب ذرية من الذكور وإنما أنجب أربع بنات، وبقي طوال أيام الحرب، منذ يوم اشتراكه فيها إلى يوم استشهاده، يأمر رجاله أن ينقلوا على جماله الماء والطعام للمجاهدين يومياً سواء إلى معسكراتهم أو إلى ساحات القتال معرضين أنفسهم للخطر، وقد صنع بئراً نظيفة في فناء داره خصصها للسمن الذي تنتجه أغنامه، وكانت النساء تصنع الخبز يومياً في داره ويقمن بدهن رغيفين بالسمن والسكر أو بالسمن واللبن ولفهما "سندويشة" ليكونا وجبة دسمة لواحد من الثوار».

الباحث والكاتب إسماعيل الملحم