من أصغر المسارح الموجودة في المنطقة الجنوبية التي قدر عددها بخمسة مسارح، التي بُنيت أيام الاحتلال الروماني، اقتصرت مهمته على العروض الموسيقية، ويحمل سرّاً وراء مجاورته لمعبد "آلهة المياه".

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث في الآثار، ومدير دائرة الآثار والمتاحف السابق "حسن حاطوم" بتاريخ 23 تموز 2014، الذي تحدث عن موقع المسرح وتاريخ بنائه، ويقول: «يقع مسرح "قنوات" الصغير، (أو الأوديون) على هضبة متاخمة لمعبد "آلهة المياه" في الوادي "الكبير"، وقد قام البناؤون والعمال بحفر ونحت جزء منه بالصخر حتى أخذ الشكل المناسب، بينما تم بناء درجاته في القسم الأوسط والأطراف، ولا تزال تسعة صفوف من درجاته محفوظة بشكل جيد، وهو يعود في بنائه إلى النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي».

يقع مسرح "قنوات" الصغير، (أو الأوديون) على هضبة متاخمة لمعبد "آلهة المياه" في الوادي "الكبير"، وقد قام البناؤون والعمال بحفر ونحت جزء منه بالصخر حتى أخذ الشكل المناسب، بينما تم بناء درجاته في القسم الأوسط والأطراف، ولا تزال تسعة صفوف من درجاته محفوظة بشكل جيد، وهو يعود في بنائه إلى النصف الثاني من القرن الثالث الميلادي

وتابع وصف هيكل المسرح، وترجمة الكتابة اليونانية على إحدى الدرجات البازلتية، ويقول: «لقد تُرك على جدار الصف الأول من الدرجات المحتفظة بشكلها مع قولبة القاعدة، كتابة يونانية محفورة بأحرف كبيرة تفيد ترجمتها مايلي: (بالحظ الجيد "ماركوس أولبيوس ليزياس بن إيكاروس" قام بتشييد بناء الأوديون على شكل مسرح بتكلفة عشرة آلاف قطعة نقدية بكل السرور والشجاعة)، ولمكان الجوقة شكل نصف دائري أبعاده (11.70 × 10.40) متراً، وأرضيته مبلطة بشكل مدهش من حجارة المنطقة، وواجهة المنصة مزينة بمحاريب متعاقبة بشكل مستطيل ونصف دائري، أما جسم المسرح فقد قسم إلى ثلاثة قطاعات بواسطة درجين، وهناك درجان آخران يقعان على أطراف النصف الدائري، وكذلك هناك ممرات بأقواس لكل من جهتي مكان الجوقة الشمالية والجنوبية».

المدرجات المحفورة بالصخر

أما الباحث الدكتور "علي أبو عساف" فقد تحدث عن مهمة المسرح وموقعه، ويقول: «لقد أقيم مسرح "قنوات" الصغير على ضفة الوادي وخارج أسوار المدينة، ومرد ذلك للحفاظ على جمالية العرض والاستماع إلى الموسيقا بعيداً عن الضجيج والأصوات، وقد أسندت صفوف ومقاعد المتفرجين على السفح، وبذلك رفعت الدرجات فوق بعضها بعضاً من غير حاجة إلى إنشاء قواعد تستند إليها، فتسوية السفح كانت كافية، ويصح أن نطلق على مسرح "قنوات" صالة موسيقية، وقد أطلق عليه الأهالي "الملعبة" (أي تصغير ملعب) فهو أصغر من الملاعب والمسارح المعروفة، وكانت العروض التي تقام فيه تقتصر على المسرحيات الخاصة لكتاب يونان ورومان وحفلات موسيقية خاصة مخصصة لطبقة معينة من الناس تتقن اللغة اليونانية، التي كتب الناس بها الكثير من وثائقهم في ذلك الزمن، ويدل على ذلك الكتابة اليونانية الموجودة في المسرح وفي كثير من الأوابد التي ما زالت باقية إلى الآن».

بناء المسرح بجوار معبد "آلهة المياه" يثير التساؤل، ولا يجد الإجابة المناسبة من قبل الباحثين في الآثار، وقد أوضح الباحث "خليل مقداد" في مجلة "الحوليات الأثرية العربية السورية" عن تلك العلاقة، ويقول: «يوجد ترابط بين هذا المسرح ومعبد "آلهة المياه"، وكان للموقع الطبيعي في هذا الاختيار دور رئيس، والسبب أن المعبد اختير ليكون محاذياً للوادي ولوجود جريان الماء الدائم، وما يلفت النظر عدم وجود أي بناء آخر يرتبط ارتباطاً مباشراً مع هذا المعبد سوى المسرح، فهل كان اختيار موقع المسرح في هذا البناء يرتبط مع الموقع الطبيعي الملائم لبناء أدراج المسرح، أم هناك سبب آخر؟ حيث نلاحظ ندرة المسارح التي أنشأتها الإمبراطورية الرومانية المرتبطة مع معبد "آلهة المياه"، وما يلفت النظر في تكوين مسرح "قنوات" الصغير وجهته، أن غالبية المسارح تأخذ اتجاه شمال - جنوب وتكون المنصة دائماً في اتجاه الشمال، باستثناء هذا المسرح حيث المنصة باتجاه الغرب، ومحاذية للوادي وأماكن المتفرجين تستند على السفح الشرقي».

الباحث حسن حاطوم
معبد آلهة المياه والعلاقة مع المسرح