من نماذج بيوت جبل "العرب"، ببابه العالي وقاعاته الكبيرة وواجهاته المزينة بمرامي البنادق، عمره 150 عاماً لكنه يعاني من أخطاء في الترميم.

مدونة وطن "eSyria" التقت المهندسة "أمل زين الدين"، موظفة في دائرة آثار "السويداء"، والحاصلة على درجة الماجستير من جامعة "دمشق" في تأهيل وحفظ المباني الأثرية، وذلك بتاريخ 2 تموز 2014، فتحدثت عن تاريخ بناء دار الشيخ "سعيد الأطرش" وتقول: «يعتبر الشيخ "سعيد الأطرش" مؤسس قرية "ذيبين"، وهو أحد أبناء الشيخ "إسماعيل الأطرش" مؤسس حكم العائلة في جبل "العرب"، التي حلت محل "آل الحمدان" في تسلم زعامة الجبل منذ عام 1869م، حيث قدم الشيخ "سعيد" إلى البلدة حوالي عام 1864م، وبدأ إعمارها وكانت عبارة عن خرائب قديمة، وباشر بناء منزله مستخدماً حجارة منقولة من خربة "صبحة" الواقعة على الحدود الأردنية، ويقع المنزل وسط البلدة القديمة ويشرف عليها بشكل تام، ويشغل مساحة كبيرة تقارب ربع مساحة البلدة القديمة، ويشكل نموذجاً لبيوت شيوخ القرى، الذي يمكن من خلاله التعرف على طراز الحياة وطبيعتها في القرون الماضية».

تعرض المنزل بشكل دائم ومستمر لهجمات البدو، لذا فقد زود بمرامٍ للبنادق تظهر على الواجهة الغربية للمنزل، إضافة إلى أنه كان محاطاً بسكن الخدم من الجهة الغربية وسكن الفلاحين من الجهة الشرقية، وقد هدمت هذه المساكن نتيجة الأحداث الاجتماعية والسياسية التي مرت سابقاً، وقد تميزت الواجهة الشرقية بوجود البوابة الرئيسية المزخرفة بعناية وإتقان والمنفذة حوالي عام 1869م من قبل بنائين لبنانيين من "ظهر الشوير"

وعن وضع البيت الراهن تتابع: «يعاني المنزل من الإهمال والهدم في معظم أجزائه، كما يعاني من التدخل الخاطئ في أعمال الترميم، حيث إن الأعمال الحديثة التي أساءت للموقع، إضافة إلى ما خلفته الأحداث السياسية والاجتماعية التي مرت على المنطقة وتأثر بها المنزل كثيراً، ويأخذ المنزل شكل حرف L ويحتوي على طابق أرضي وجزء من طابق أول يمكن الوصول إليه بدرج حجري يقع على الواجهة الغربية، ويضم الطابق الأرضي المدخل الرئيسي الذي يوصل إلى الفسحة السماوية، إضافة إلى: غرف التخديم، غرفة خزن المحاصيل، صالة لتربية الحيوانات الداجنة، الأقبية في القسم الغربي للمنزل لحفظ المحاصيل، أما الطابق الأول فيحتوي على قسمين: قسم النوم والمعيشة في الجهة الشمالية، وقسم الضيافة في الجهة الشرقية فوق المدخل الرئيسي مباشرة حيث كان يؤمن الوصول إليه عبر درج خشبي داخلي في نهاية المدخل الرئيسي للمنزل».

مدخل المنزل

وعن الإضافات التي لحقت بالمنزل بعد بنائه، تضيف: «تعرض المنزل بشكل دائم ومستمر لهجمات البدو، لذا فقد زود بمرامٍ للبنادق تظهر على الواجهة الغربية للمنزل، إضافة إلى أنه كان محاطاً بسكن الخدم من الجهة الغربية وسكن الفلاحين من الجهة الشرقية، وقد هدمت هذه المساكن نتيجة الأحداث الاجتماعية والسياسية التي مرت سابقاً، وقد تميزت الواجهة الشرقية بوجود البوابة الرئيسية المزخرفة بعناية وإتقان والمنفذة حوالي عام 1869م من قبل بنائين لبنانيين من "ظهر الشوير"».

وتضيف: «تم توثيق المنزل ودراسة تفصيلاته المعمارية والفنية والحالة الإنشائية، كذلك التطور التاريخي ومراحل ومواد البناء والحالة الصحية، وتم وضع دراسة ترميمية تفصيلية، وتقديم الحلول الإنشائية المناسبة للأجزاء الخطرة، ومن ثم وضع مقترح إعادة التوظيف كمتحف تاريخي يجسد الأحداث التاريخية والحياة الاجتماعية للمنطقة، مع بعض الإضافات التي تخدم الموقع وتجذب الزوار، وقد أعيدت الأجزاء المفقودة من المنزل من خلال الاستعانة بالصور القديمة وبالعودة إلى كبار السن في البلدة».

القبوة لحفظ المحاصيل.

أما الباحث في الآثار الأستاذ "وليد أبو رايد" فيقول: «لقد وضعت المهندسة "أمل زين الدين" التصور الواضح لحالة المنزل المستهدف الذي يمثل نموذجاً نرى مثله في قرى عديدة في الجبل مثل "عرى" و"ولغا"، فالمدخل الرئيسي يستخدم كصالة استقبال يتم دخول الزائر إليها أولاً للتعرف على المبنى وأقسامه، وإلى اليمين يمكنه الدخول إلى المضافة المجهزة بكافة عناصر المضافة التقليدية المعروفة في "جبل العرب"، والمزودة بخزن عرض جدارية تعلو أماكن الجلوس، وإلى يسار المدخل يوجد القسم الإداري، وفي نهايته يوجد مدخل إلى القسم الداخلي الذي يحتوي على ممرات مبلطة يمكن الوصول من خلالها إلى باقي الصالات، حيث تم تحويل الصالات الكبيرة والقبوات إلى صالات عرض، وتم تخصيص عدد من الصالات لعرض الأحداث السياسية التي مرت بها المنطقة، وصالات أخرى لعرض الحياة الاجتماعية والحياة اليومية».

ويضيف: «إضافة إلى وجود حديقة ضمن الفسحة السماوية مزودة بأماكن للجلوس، ويمكن الوصول من خلالها وعبر درج حجري إلى تراس الطابق الأول الذي تم تجهيزه وتزويده بعناصر نباتية ومائية، ومنه إلى قسم التقاليد الشعبية، وهو على قسمين: قسم لعرض اللباس الشعبي في الجهة الشرقية، والقسم الشمالي الذي تم تجهيزه بالفرش اللازم الذي يعطي صورة الحياة اليومية، ومن هنا تأتي أهمية توثيق وإعادة تأهيل هذه المنازل التاريخية التي تجسد الوضع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي السائد في تلك المرحلة، ومن الجدير بالذكر أن استخدام المباني التاريخية وإعادة توظيفها يحقق ديمومتها، ويساهم في الحفاظ عليها شرط احترام ميزاتها التاريخية والفنية».

الشباك العلوي