يؤكّد الطبيب "هاني الدمشقي" إنسانية مهنته التي تتعامل مع الأسنان فقط، حيث خصص جزءاً كبيراً من وقته وعلمه وما ينتجه لكي يكون قريباً من أفراد المجتمع، وعنصراً فاعلاً فيه مهما كانت الظروف، فكثيرون من الناس بحاجة ماسة إلى أدواته التي تخلصهم من الآلام المبرحة.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 27 أيار 2018، الطبيب "هاني الدمشقي" ليتحدث عن بدايته مع الحياة، فقال: «ولدت عام 1963 في "بيروت"، درست فيها حتى الصف السادس، حيث عدنا إلى "سورية" بعد اندلاع الحرب الأهلية، فأكملت دراستي الابتدائية في مدرسة "ابن خلدون"، وبعدها الإعدادية والثانوية في مدرسة "الثورة" في مدينة "السويداء"، وحصلت على الثانوية الفرع العلمي عام 1982، وكان خياري دراسة طب الأسنان في "رومانيا"؛ لكونه أقرب للوصول إلى الهدف من الطب البشري الذي يحتاج إلى سنوات طويلة من الاختصاص، والأموال التي لا طاقة لأهلي على تقديمها. وعدت عام 1989، وعادلت شهادتي بجامعة "دمشق"، وانطلقت بالعمل في مدينة "السويداء".

قررت الذهاب إلى المنازل لمعالجة المرضى بعد أن أعلم عن وضعهم، وهذه المبادرة من أجل الناس المستحقين من جرحى الجيش، والعجزة، والمشلولين، والذين لا يستطيعون المجيء إلى عيادتي بسبب صعوبة التنقل. هي مبادرة ليست للبهرجة، لكنها للحرص على المريض، والتقرب من الناس وآلامهم

أحب القراءة كثيراً، وكانت إحدى عاداتي التي ما زلت متمسكاً بها حتى الآن على الرغم من أعباء الحياة الكثيرة، وقد قرأت لـ"جبران، وميخائيل نعيمة، والماغوط، وفراس سواح"، والكتب التاريخية، إضافة إلى كل ما يتعلق بتطورات مهنتي.

في عيادته والابتسامة عنوانه الدائم

كنت أحب ارتياد السينما ومشاهدة الأفلام العالمية، وكانت رياضة كرة القدم هوايتي المفضلة التي مارستها في أول الشباب في "الملعب البلدي"».

كثيرون من الناس لا يفضلون الذهاب إلى عيادات أطباء الأسنان إلا للقلع والتخلص من الآلام بسبب غلاء الأجور، وكثيرون ماتوا ولم يفصّلوا طقم أسنان، واعتمدوا على اللثة في المضغ، وهو ما لمسه "الدمشقي"، حيث قال: «طوال أكثر من ربع قرن في المهنة وما زلت أتعلم حتى اللحظة، فهي بحر واسع مع أنها لا تشمل إلا الأسنان واللثة، لكن الخطأ قد يودي بحياة المريض. ونصطدم في أغلب الأيام بحالات وصلت إلى مرحلة سيئة من المرض بسبب الخوف من الأجور، أو الخوف من الطبيب وأدواته، لذلك كنت حريصاً على التقرب من الناس ومحاولة تشريح المهنة إنسانياً، وإخبارهم عن تبعات ترك أنفسهم عرضة للألم. واكتشفت أن القاعدة الأولى في العمل هي إراحة المريض قبل العلاج، فهو يدخل وعقله مشوش من الأجور، ويحمل نظرة خاطئة عن مهنتنا، صحيح أن الأجور عالية ولا تتناسب مع دخل المريض في كثير من الأحيان، لكننا نعمل بالطب المهنة الإنسانية التي تقوم على المساعدة وتخفيف الألم، ومن هذا الباب عرفت وضع كل مريض، ولكل حالة ظروفها الخاصة، فالذي يتمتع بقدرة مادية جيدة أتقاضى منه كامل أتعابي بضمير مرتاح، لأنني بالنهاية أسعى إلى تأمين راحتي واحتياجات أسرتي في العيش الكريم، والذي لا يملك الكثير أسامحه بأتعابي فقط، وآخذ ثمن الدواء، والفقير لا أتقاضى منه شيئاً، وأساعده إن تطلب الأمر، وهذا ليس منة مني، بل هو واجب، وكثيرون من الأطباء يمارسون هذا الدور».

أحد التكريمات التي نالها في مسيرته

عمل "الدمشقي" مع الكثير من الجمعيات الخيرية، وقدم خدماته للمرضى بالسر والعلن، واشتهر طوال الأزمة بفعل الخير لأهله في أماكن عدة، حيث أوضح: «حاولت أن أكون إلى جانب الفقير والمحتاج واليتيم بما يملي عليّ ضميري ووجداني، والذي يرغب في المساعدة لا يعدم الوسيلة. بدأت التوجه صوب "بيت اليتيم"، وأبناء قريتي "البثينة"، وقد استقبلت جمعية "البستان" الخيرية في عيادتي بداية الأحداث، وكنت متطوعاً معهم لإيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها عن طريق الجمعية، وأنا متعاون مع الهلال الأحمر في "السويداء" منذ أكثر من عشرين عاماً، وكنت أرسل لهم أدوية وعينات أدوية للتوزيع، وكذلك أشترك بالمبادرات الأهلية في قريتي، ولديّ تعاون مع جمعية "الوفاء" للمعوقين، وأكثر من جمعية خيرية.

ومنذ مدة أتعاون مع مؤسس مجموعة "كلنا مسؤول" الشاب "علاء عزام"، الذي يجوب وفريقه كل مناطق المحافظة لمساعدة الفقراء والمحتاجين والمرضى، وهو مصدر مهم من مصادر الثقة في المحافظة، وبصم وفريقه طوال الشهور الماضية بصمات لا تمحى في العمل الإنساني».

صنع مبادرة خاصة لم تحدث قبل ذلك من طبيب مختص بطب الأسنان، وعنها قال: «قررت الذهاب إلى المنازل لمعالجة المرضى بعد أن أعلم عن وضعهم، وهذه المبادرة من أجل الناس المستحقين من جرحى الجيش، والعجزة، والمشلولين، والذين لا يستطيعون المجيء إلى عيادتي بسبب صعوبة التنقل. هي مبادرة ليست للبهرجة، لكنها للحرص على المريض، والتقرب من الناس وآلامهم».

الزميل "سهيل حاطوم" الصحفي في وكالة "سانا" للأنباء عنه قال: «بدأ الطبيب "هاني الدمشقي" مسيرته كطبيب أسنان منذ ثلاثين عاماً، أمضاها في خدمة المجتمع، مقدماً خدماته الإنسانية للمواطنين في مستشفى "السويداء" الوطني ضمن العيادات الخارجية، وفي عام 2004، بدأ العمل مع "اتحاد عمال السويداء" في المشاريع العمالية حتى عام 2006، حيث انتقل إلى مديرية الصحة، حيث عمل في مركز "ملح" الصحي، ثم انتقل إلى مركز "عتيل" الصحي منذ عام 2007 حتى الآن. حاز عدة شهادات تكريم أثناء مسيرته الطبية من "الهلال" و"الصليب الأحمر" السوري، ونقابة أطباء الأسنان، و"اتحاد عمال السويداء"، وقام بالعديد من الخدمات الاجتماعية والإنسانية والمبادرات الأهلية من خلال عدد من الجمعيات، وعلاج المرضى في عيادته بأسعار رمزية، إضافة إلى تقديم الخدمات العلاجية لذوي الاحتياجات الخاصة، وعلاج الكثير من الحالات الإنسانية مجاناً، وكذلك مبادرته بعلاج جرحى الجيش، وذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين في منازلهم من دون مقابل».