كانت الحروف والكلمات بالنسبة لها عالمها وملجأها للتعبير عن مكنوناتها ومشاعرها، فبصدق كلماتها وعمق أشعارها، استطاعت الشاعرة "ملاك العوام" أن تثبت حضورها في الساحة الأدبية، عبر أشعار حصدت من خلالها جوائز عدة.

«الشعر بالنسبة لي واحة حبّ وأمن وأمان، ومرتع فرحي وسعادتي التي أجد نفسي بين حروفه وسطوره، والقصيدة هي راحة تتفيأ الروح والجسد تحت ظلالها». هذا ما بدأت به الشاعرة "ملاك العوام" حديثها لمدونة وطن "eSyria" عندما تواصلت معها بتاريخ 12 أيار 2018، لتحدثنا عن مسيرتها الأدبية، فقالت: «في الحقيقة كانت بداياتي الأدبية بعمر 12 سنة، حيث كتبت أولى أشعاري للمعلم، ورسائل نثرية بمناسبة الأعياد والمناسبات الوطنية، وأيضاً كتبت للأمومة الساكنة في وريد كل أنثى، وهذه النصوص نقحت لغوياً من قبل مدرّسي مادة اللغة العربية، إضافة إلى أن محاولاتي الأولى كانت لافتة لنظر والدي الذي أبدى إعجابه بها، وشجعني على الاستمرار بكتابته. كما أن الأديب أو الشاعر وليد بيئته، فقد كانت الأجواء المحيطة بي ضمن أسرتي مفعمة بالحوارات الثقافية التي ساعدتني على صقل موهبتي الشعرية وتطويرها، وخصوصاً أن والدي كان ينسج القصائد المحكية والنثرية الغزلية؛ وهو ما أغنى تجربتي وأضاف إليها الشيء الكثير.

الشعر بالنسبة لي واحة حبّ وأمن وأمان، ومرتع فرحي وسعادتي التي أجد نفسي بين حروفه وسطوره، والقصيدة هي راحة تتفيأ الروح والجسد تحت ظلالها

أصبحت الورقة والقلم خير جليس لي، وشعرت بأن الأدب إرضاء لنفسي، وهواية تسكن داخلي أعبّر من خلالها عما يدور في مخيلتي من أفكار عبر كلمات امتزجت بموسيقا الروح الآسرة التي تهفو في طيات القصائد الشعرية، فالشعر أيقونة النشوة، وربيع الأمنيات، ورحاب واسع المدى تأسرني كلماته، ولا أجد نفسي خارج ملكوته، فهو بحدّ ذاته ملمح جمالي يتجسد في سطور القصيدة، ويمنحها جماليات تنبع من العمق والتنوع. وما يميزه عن سواه من الأنواع الأدبية، خياله الشعري؛ فالشعر حالة عفوية تنتاب أحاسيس وهواجس الكاتب بكل صدق وعفوية، فلا طقوس تحكمني أو مكان يقيدني، فأنا اخترت أن أكون شاعرة، والقصيدة اختارتني لأنسجها بأسلوبي وطريقتي الخاصة، وبرأيي إن الحالة الإبداعية لدى الكاتب فردية جذورها الإحساس الصادق أولاً وأخيراً».

ديوانها "من رحم الأمنيات"

وعن أسلوبها الشعري، والمدارس التي اتبعتها في الكتابة، قالت: «كتبت القصة القصيرة والومضة، والشعر الموزون، لكن قصيدة النثر بما تحمله من إيقاع داخلي منفرد تجذبني لأنسجها بقلمي، وفضّلتها عن غيرها من الأنواع الأدبية، فوجدت بها المدى الواسع الطيف الذي يجعلني أجول بأرجائها بكل حرية، كذلك يجذبني الشعر التفعيلي.

ومن خلال قصائدي تناولت مواضيع اجتماعية عدة من قضايا المرأة ومعاناتها في المجتمع، فكتبت لها ومن أجلها، وأخذت همومها حيزاً كبيراً في قصائدي الشعرية، وكتبت للوطن وما يتعرض له خلال سنوات الحرب التي مر بها، والشهيد والرثاء والوفاء والحب والحنين أيضاً؛ كان لكل ذلك مساحة مهمة عبر سطوري وكلماتي، ونشرت كتاباتي في مجلات ورقية وإلكترونية بالوطن العربي».

جائزة مسابقة "مبدعو الشعر الفصيح"

وهذه بعض الأبيات من قصيدتها "شهقة نجاة":

"جئت أحبك

ببقايا أنفاس أرهقتها السنين

الشاعرة "ملاك العوام" أثناء تكريمها

حافية باكية

من وجع لا يستكين

روح سكنت روحي

بكلمات عزفت ترانيم حب

وطبول جيوش من الحنين".

وعما وجدته في الملتقيات الأدبية، تقول: «للملتقيات الأدبية دور مهمّ في التعريف بنتاج الشاعر أو الأديب، وهي تخلق جواً من التآلف بين الشعراء، وحراكاً ثقافياً وأدبياً مهماً بالنسبة للأديب، وتساهم بنشر أعماله وكتاباته على مستوى جماهيري واسع، وكانت لديّ مشاركات بالعديد من المهرجانات الثقافية والأمسيات الشعرية التي أقيمت العديد من المحافظات السورية، وتم تكريمي من قبل مؤسسة عراقية في مدينة "طرطوس" عام 2018، وحصلت على جوائز عدة من منتديات ومؤسسات ثقافية في "سورية" و"العراق"، منها: مؤسسة "بلا أقنعة" العراقية، وشهادة تقدير من دار "المتن" العراقية، وتسلّمت "درع الثقافة" من مؤسسة عراقية أيضاً».

الشاعر "شاكر فريد حسن" حدثنا عن الشاعرة "ملاك العوام" بالقول: «من خلال مشاهداتي لقصائدها على صفحات المجلات الأدبية، أرى أنها تميزت بالبساطة والسلاسة والبعد عن التعقيد، فهي لا تكتب الشعر، بل تتنفسه حباً ووجداً، فلديها حضور متميز يدل على أنها شاعرة حساسة تنسج كلماتها بكل صدق وعفوية، فمن خلال قصائدها تجد أن أغراضها الشعرية متنوعة ما بين الشعر الغزلي والوجداني والوطني، إضافة إلى أن انفعالاتها تنفذ إلى الروح بسلاسة تشعر القارئ بأنه أمام حالة شعرية خاصة تتسم بالعمق والشغف الجمالي».

يذكر أن الشاعرة "ملاك العوام" من مواليد "السويداء" عام 1978، صدر لها ديوانان شعريان؛ "امرأة بلون ليلكي"، و"من رحم الأمنيات"، والديوان الثالث قيد الإنجاز.