تعدّ "خلود الحسن" عملها في المجال الإنساني والاجتماعي بقريتها "ملح" تفريغاً لطاقتها الوجدانية، التي فرغتها بمبادرة عانت كثيراً مع مجموعة ممن شاركوها حتى وصلت إلى مبتغاها.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 30 نيسان 2018، التقت "خلود الحسن" صاحبة المبادرة في قرية "ملح"، وتقول: «في مجتمع تسوده العلاقات الاجتماعية الجميلة والمزايا الحميدة النابعة من موروث تاريخي، كانت ولادتي في القرية التي أعتز بها وأسعى نحو سعادتها ما استطعت؛ وهي "ملح"، عام 1977، وتربيت في أسرة تقدر حب الآخرين ومساعدتهم، منذ الصغر كان والدي يتعب كثيراً ليوفر لنا العيش الكريم، فهو مدرّس، وعلمني التنظيم والاحترام وحب المساعدة، وساعدني لتكوين شخصية قوية، وأثق بنفسي، لكن طفولتي تخللها مرض الروماتيزم، وبسبب ضعف الخدمات الطبية في القرية، استهلك المرض طاقتي وأخذ مداه حتى فقدت القدرة على السير بسبب الورم، فبات هاجسي وتفكيري؛ هل أستطيع المشي ثانية؟ شعوري بالعجز وأنا طفلة ولّد لديّ حب الحركة ومنحني الطاقة، وكانت رغبتي جامحة بالمطالعة لدرجة الولع، خاصة الأدب المترجم والروسي بالتحديد، الذي منحني طاقة وثقافة وإصراراً لو بالخيال؛ أنني قادرة أن أفعل شيئاً حيال الآخرين، وكوّن لدي قناعة أنه لا مستحيل مع الإصرار.

مثّلت "خلود الحسن" ظاهرة جديدة، حيث كانت أول فتاة تعمل في مجال التطوع التنموي لنشر ثقافة العمل التكافلي، وكانت صاحبة إرادة قوية للتغلب على مرضها، فجلعته في خدمة طاقتها الروحية الإنسانية، واستمدت إرادتها من إصرارها على العمل؛ وذلك برغبة جامحة منها في توفير الاحتياجات اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة الأطفال منهم، وأقامت علاقات معهم بتدريسها من خلال دورات تعليمية لهم، حقاً تعدّ "خلود" مجاهدة ومواظبة على العمل، ولم تكتفِ بخدماتها في قريتها "ملح"، بل وصلت إلى القرى المجاورة لها، ومن يعمل معها يشعر بأن لديها شغفاً كبيراً في العمل الاجتماعي، وحساً بالمسؤولية، وبمبادرة ذاتية وما قدمته يدخل في ما تعلن عنه دائماً، وهو أن المبادرة تعبر عن ذاتها، وهي تفريغ طاقة كامنة في نفسها

تعلمت في مدارس قريتي، وأتممت المرحلة الثانوية ودراسة المعهد المتوسط للفنون النسوية، وبعد التخرج اصطدمت بأن فرص العمل لهذا المعهد وخاصة التدريس قليلة، فقررت أن يكون لدي مشروعي الخاص، فالطاقة التي أحملها أفرغتها بالتصميم، وقمت بفتح ورشة صغيرة جداً للخياطة، وكانت أول مكان تعمل به فتاة في القرية، وبدأت العمل كمؤازرة في جمعية الإعاقة خارج قريتي، وجاء هذا العمل بعد أن قمت بدورات لذوي الاحتياجات حول الأعمال اليدوية، وحبي لهذه الشريحة جعلني أفكر بمساعدتهم أكثر، فقدمت أنا وزميلتي "ميساء الباسط" دورات محو أمية لمستوى متقدم ضمن دائرة التنمية الريفية».

المهندس أمين غزالي

وتابعت "خلود" قائلة: «أثناء هذه الدورات كنت أشعر باختلاف كل حالة ومعاناتها، ونشأت بيني وبين شركائي صداقة قوية، وأخذ أسلوبي بالعطاء يتسلل إليهم، حتى في أيام الثلج العاصف يتصلون بي ليذهبوا إلى المركز رافضين العطلة، فمنحوني الحماسة والصداقة، ثم تطوعت كمؤازرة في جمعية للمعوقين، وعملت مدة فيها بمركز بعيد عن قريتي، لكن غيرتي دفعتني مع مجموعة من الأصدقاء وهم: "أمجد أبو إسماعيل، ونجوى بلان، إلهام زيتوني، ونبيل الشاهين، عمار الطير، علاء الباسط، ياسر العظيمي"، والشهيد "سامر الجبر"، إلى تكوين فريق عمل لمساعدة أكبر شريحة من ذوي الاحتياجات، ليس لأبناء "ملح" فقط، بل للقرى المحيطة بها، وأطلقنا عليها اسم: "مبادرة الإصرار لذوي الاحتياجات الخاصة"، وبدأ مشورانا بكثير من الصعوبات، وخاصة في الظروف التي مرت بها البلاد، لكن قدر لهذه المبادرة أن تناضل لتحقق أهدافها، فكان الطفل أهم أهدافنا، وسعينا إلى مساعدته وتعليمه، وتطلب منا جولات على المنازل لذوي الاحتياج والتواصل المباشر، وأحيانا بعض الأسر كانت تأخذ منا وقتاً طويلاً لتقتنع وتساعدنا وتقبل أن ينتسب ابنها إلى المبادرة، وبعد مدة بسيطة أقمنا مجموعة دورات، من أعمال يدوية، وشاركنا بمعارض ودورات تعليمية للأطفال، ودورات حاسوب أيضاً للأطفال، وكانت مبادرتنا قريبة من كل الناس والفئات، وولدت قناعة ثابتة بأن العمل الطيب يحتاج إلى إرادة، حيث بلغت ساعات العمل أكثر من ست عشرة ساعة، ما بين غسل الملابس وكيها وترتيبها حسب قياسات الأطفال أو الأشخاص، إضافة إلى تزيين الأكياس التي ستقدم هذه الهدايا، والأهم كان تفاعل أفراد المجتمع بعد يقينهم بصدق مبادرتنا، ومنهم على سبيل المثال صاحب النادي الرياضي الذي أخذ على عاتقه صنع أبطال نفخر بهم، مع مركز صغير للأطفال استهلك منا جهداً كبيراً، فكان ملتقى لهم يساعدهم على النطق والقراءة والتركيز، كما وضعنا برنامجاً يشمل نشاطات ومهارات كثيرة، ساعدنا وجود متطوعين من طلبة الجامعة زرعوا من أرواحهم الصافية كثيراً بهذا العمل؛ من خلال تكاتفهم، ليصبح جزءاً من مستقبل يهتمون به».

ومن أهالي قرية "ملح" المهندس "أمين غزالي"، الذي قال: «مثّلت "خلود الحسن" ظاهرة جديدة، حيث كانت أول فتاة تعمل في مجال التطوع التنموي لنشر ثقافة العمل التكافلي، وكانت صاحبة إرادة قوية للتغلب على مرضها، فجلعته في خدمة طاقتها الروحية الإنسانية، واستمدت إرادتها من إصرارها على العمل؛ وذلك برغبة جامحة منها في توفير الاحتياجات اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة الأطفال منهم، وأقامت علاقات معهم بتدريسها من خلال دورات تعليمية لهم، حقاً تعدّ "خلود" مجاهدة ومواظبة على العمل، ولم تكتفِ بخدماتها في قريتها "ملح"، بل وصلت إلى القرى المجاورة لها، ومن يعمل معها يشعر بأن لديها شغفاً كبيراً في العمل الاجتماعي، وحساً بالمسؤولية، وبمبادرة ذاتية وما قدمته يدخل في ما تعلن عنه دائماً، وهو أن المبادرة تعبر عن ذاتها، وهي تفريغ طاقة كامنة في نفسها».

أعضاء المبادرة
أحد أنشطة المبادرة