امتاز "عدنان سليقة" بحبه للزراعة منذ ربع قرن، وقد تميزت تجربته بتطورها الدائم عبر انتقالها من الزراعة البعلية إلى الزراعة المروية، ليصبح حقله نموذجاً يحتذى به من قبل مزارعي بلدة "المزرعة"، الذين يذهبون إليه ليستفيدوا من خبرته التي كوّنها عبر السنين.

يتحدث "عدنان سليقة" لمدونة وطن "eSyria" التي زارته في حقله بتاريخ 29 نيسان 2018، عن سرّ نجاحه في العمل الزراعي بالقول: «إن نجاح أي عمل هو ثمرة المحبة، فالمحبة هي تلك العلاقة التي تجعلك تستمتع بالعمل الذي تقوم به، وتبحث دائماً عن أفضل السبل لنجاحه؛ وهذا ما حدث معي، فمنذ ما يقارب خمسة وعشرين عاماً بدأت العمل بحقلي الذي تبلغ مساحته 14 دونماً. أتذكر أنني كنت أحب الأرض وأستمتع بمنظر الخضرة، فبدأت زراعة الأشجار، حيث قمت بزراعة ما يقارب مئة شجرة زيتون، وبدأت رعايتها من خلال السقاية والفلاحة والتقليم، وكنت أعتمد في هذا العمل على نفسي فقط، فأنا أمتلك جراراً زراعياً مع ما يلزمه من معدات لذلك، وكنت أستمتع برؤية تلك الأشجار تنمو وتكبر أمامي. ومع أن الفلاح يسعى لتحقيق مردود مادي، لكن هذا لم يكن هدفي الأول؛ فمتعتي بتحويل هذه الأرض إلى مكان جميل بأشجاره ومنظره كان يمثل لدي متعة أكبر، كما أنني كنت أزرع الخضراوات في الأماكن الخالية من الأشجار، وكنت أرويها بواسطة صهريج الجرار الزراعي أيضاً. ومع مرور السنين بدأت أطور هذه الزراعة، فقمت بحفر بئر في هذه الأرض، وانتقلت إلى العمل بالزراعة المروية، وكان ذلك منذ خمس سنوات، في البداية اعتمدت على خبرة بعض المهندسين الزراعيين، ومع متابعتي الدائمة بدأت أكتسب الخبرة الكافية، فأصبحت أعرف أنواع الأمراض التي تصيب النبات من صنوف الخضراوات التي أزرعها، وأعرف مواعيد الرش بالمبيدات الحشرية، وحجم المياه ومواعيد السقاية، حيث يصبح المحصول من أفضل المحاصيل، ويعطي أفضل الإنتاج، فأصبح دونم البطيخ ينتج لدي عشرة أطنان، ودونم البندورة خمسة عشر طناً، وأصبح لديّ مردود مادي جيد، إضافة إلى تلك المتعة التي كنت أعيشها مع المساحات الخضراء التي كنت أشعر بأنها تحبني كما أحبها، وكنت أحب أن أرى كل من يملك أرضاً زراعية يقوم بهذا العمل، وأنصح أصدقائي بذلك، وأقوم بمساعدتهم، لأنه ما من متعة تساوي متعة الاعتماد على الذات».

"عدنان"، هو أحد أصدقائي، وكنت أذهب إليه لشراء الخضراوات بسعر الجملة، وكان يعطيني من دون أن يأخذ مقابل، لكنه في كل مرة كان يقول لي: لن أعطيك خضراوات في المرة القادمة، اذهب وازرع في حقلك، وسأساعدك. ونتيجة إلحاحه، قمت بحفر بئر ماء في الأرض الزراعية التي أملكها، وبدأ تعليمي ومتابعتي في العمل، فكان دائماً يتفقد ما قمت بزراعته من خضراوات، ويقدم لي النصائح عن كيفية الرعاية، من ناحية السقاية والرش بالمبيدات الحشرية والفلاحة وإزالة الأعشاب، وقد نجح مشروعي أيضاً، حيث قمت بزراعة البطيخ والخيار البلدي والباذنجان، وأصبحت أبيع الخضراوات بعدما كنت أشتريها، وكان "عدنان"، ينصح كل من يذهب إليه من أهالي البلدة لشراء الخضراوات، ويعلم أن لديه أرضاً زراعية، بألا يشتري الخضراوات، بل عليه أن يقوم بزراعتها، ومن هنا أصبحنا نقول: ("عدنان" لا يعطي الخضراوات ولا يبيعها، لكنه يعلّم زراعتها)

وعن تعلميه لأصدقائه هذه المهنة، ومساعدته لهم في تعلّمها يقول المزارع "عمر سعيد"، من بلدة " المزرعة": «"عدنان"، هو أحد أصدقائي، وكنت أذهب إليه لشراء الخضراوات بسعر الجملة، وكان يعطيني من دون أن يأخذ مقابل، لكنه في كل مرة كان يقول لي: لن أعطيك خضراوات في المرة القادمة، اذهب وازرع في حقلك، وسأساعدك. ونتيجة إلحاحه، قمت بحفر بئر ماء في الأرض الزراعية التي أملكها، وبدأ تعليمي ومتابعتي في العمل، فكان دائماً يتفقد ما قمت بزراعته من خضراوات، ويقدم لي النصائح عن كيفية الرعاية، من ناحية السقاية والرش بالمبيدات الحشرية والفلاحة وإزالة الأعشاب، وقد نجح مشروعي أيضاً، حيث قمت بزراعة البطيخ والخيار البلدي والباذنجان، وأصبحت أبيع الخضراوات بعدما كنت أشتريها، وكان "عدنان"، ينصح كل من يذهب إليه من أهالي البلدة لشراء الخضراوات، ويعلم أن لديه أرضاً زراعية، بألا يشتري الخضراوات، بل عليه أن يقوم بزراعتها، ومن هنا أصبحنا نقول: ("عدنان" لا يعطي الخضراوات ولا يبيعها، لكنه يعلّم زراعتها)».

عمر سعيد على اليسار مع عدنان سليقة

بدوره المهندس "عمر برجس" مدير الوحدة الزراعة في بلدة "المزرعة"، تحدث عن "عدنان سليقة"، وعمله بالقول: «هو مثال للمزارع المتميز والنشيط، فهو شخص مهتم ومخلص لعمله، وكان من المتابعين دائماً للتوجيهات التي تعطيها الوحدة الإرشادية في البلدة، وكان دائم السؤال عن كيفية الحصول على أفضل أنواع المحاصيل من الخضراوات، وكان ينفذ التعليمات الزراعية من دون إهمال أو كلل. وهو اليوم من أهم منتجي الخضراوات في البلدة، كما أنه شخص محب لهذه المهنة، ويرغب بمساعدة الناس وتقديم ما حصل عليه من خبرة لهم، وخاصة أن الزراعة المروية في بلدة "المزرعة" قد بدأت في عام 2000، نتيجة استثمار آبار ارتوازية من قبل الدولة، وبدأت هذه الزراعة تتوسع، حيث وصلت المساحات المزروعة في عام 2018 إلى 1200 دونم مروي، وهذه المساحات تتم زراعتها بأكثر من موسم متتالٍ خلال العام نفسه، وقد وصلنا اليوم إلى معدل إنتاج يزيد على 10 آلاف طن من الخضراوات تنتجها البلدة، وهذا يغذي أكثر من حاجة المحافظة، ويدخل منتجات البلدة سوق المنافسة الوطنية. كما أن هذا العمل يساهم في توفير فرص عمل وزيادة في دخل الفلاحين، وانخفاض سعر الخضراوات للمستهلك، وزيادة المردود المادي للأرض مقارنة بالزراعة البعلية المحكومة بمعدل الأمطار والظروف الجوية».

يذكر أن "عدنان سليقة" من مواليد بلدة "المزرعة" عام 1965، متزوج ولديه ثلاثة أولاد.

المهندس عمر برجس
مشروع البطيخ الصيفي في وسط الأرض