يندهش المرء بكروم العنب والتفاح في "ظهر الجبل"، وهي المنطقة الصخرية الجرداء التي لم تكن الحياة تستمر لولا إرادة الإنسان التي حوّلتها من أرض جافة إلى زراعية منتجة لأهم أصناف التفاح والعنب والأشجار المثمرة.

حول منطقة "ظهر الجبل" وطبيعتها المناخية والتضاريسية، مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 22 شباط 2018، التقت الباحث الأثري الدكتور "نشأت كيوان" رئيس دائرة الآثار في "السويداء"، الذي بيّن قائلاً: «تشتهر منطقة "ظهر الجبل" الواقعة إلى الشرق من مدينة "السويداء" بطبيعتها الجبلية الساحرة، وهوائها العليل المنعش، حيث تعد أكبر مصنع للأوكسجين على مستوى العالم وفقاً لمعايير "الأمم المتحدة"؛ وهو ما جعلها تحتل أهمية خاصة على مستوى المحافظة والمنطقة الجنوبية.

أهم المحاصيل المنتجة في هذه المنطقة هي الكرمة والكرز والتفاح، حيث تبلغ مساحة منطقة "ظهر الجبل" نحو 73 ألف دونم، منها 43 ألف دونم مزروعة بالتفاح التي يزيد عدد أشجارها المزروعة على 870 ألف شجرة، منها نحو 610 آلاف شجرة مثمرة، إلى جانب انتشار مزروعات أخرى، كالزيتون والكرمة واللوزيات والفستق الحلبي والكستناء والتوت والتين، وغيرها. كما تعد المنطقة أكبر مشروع تشجير مثمر في الجنوب، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الاهتمام فيها، وتخديمها واستثمارها الاستثمار الأمثل، علماً أن ارتفاعها عن سطح البحر يراوح بين 1200 و1800 متر

وتعد منطقة اصطياف بامتياز، وأرضاً بكراً للاستثمار، حيث ينتشر فيها نحو 13 مشروعاً سياحياً من مطاعم ومقاصف. وهي غنية بالآثار التي يعود بعضها إلى أربعة آلاف سنة قبل الميلاد، إلى جانب انتشار آلاف الدونمات من الأراضي الحراجية الطبيعية والأراضي المشجرة بأشجار المثمرة، وخاصة الكرمة والتفاح. وكذلك هناك البراري المحيطة بهذه المنطقة، حيث توجد فيها حيوانات برية، مثل الثعالب والذئاب والضباع، ومجموعة كبيرة من الطيور البرية المتنوعة. كما تتميز بمناخها شديد البرودة في فصل الشتاء، حيث تتمتع بهطولات ثلجية ذات نسب عالية، وذلك بسبب مباشرتها لفتحة "الجولان" القادمة من البحر من جهة الغرب؛ وهو ما يسمح بدخول المنخفضات الجوية المحملة بمياه الأمطار والثلوج بالكامل، التي تعد من أهم مصادر تغذية المياه الجوفية في المنطقة الجنوبية. وتمتاز أيضاً باعتدال مناخها صيفاً وخصوبة تربتها البركانية الحمراء الداكنة التي تصلح لجميع الزراعات والقادرة على الاحتفاظ بالرطوبة نتيجة غناها بالمواد العضوية وأكاسيد الحديد. كما أن الثمار المنتجة في هذه المنطقة تتصف بقدرتها على تحمل التخزين لمدة طويلة تصل إلى ثمانية أشهر».

فلاح يبتسم لأرضه وهو في العقد التاسع

وعن أهم المنتجات الزراعية التي تقدمها، أوضح الدكتور "وسيم محسن" رئيس مركز البحوث العلمية الزراعية في "السويداء"، قائلاً: «أهم المحاصيل المنتجة في هذه المنطقة هي الكرمة والكرز والتفاح، حيث تبلغ مساحة منطقة "ظهر الجبل" نحو 73 ألف دونم، منها 43 ألف دونم مزروعة بالتفاح التي يزيد عدد أشجارها المزروعة على 870 ألف شجرة، منها نحو 610 آلاف شجرة مثمرة، إلى جانب انتشار مزروعات أخرى، كالزيتون والكرمة واللوزيات والفستق الحلبي والكستناء والتوت والتين، وغيرها. كما تعد المنطقة أكبر مشروع تشجير مثمر في الجنوب، الأمر الذي يتطلب مزيداً من الاهتمام فيها، وتخديمها واستثمارها الاستثمار الأمثل، علماً أن ارتفاعها عن سطح البحر يراوح بين 1200 و1800 متر».

وبين الكاتب "محمد طربيه" بالقول: «من يزور منطقة "ظهر الجبل"، ويشاهد هذه الأيام البساتين الخضراء والأشجار المثمرة والأرض المنبسطة والتربة الخصبة، وحركة العمل والإنتاج، يدرك تماماً أن الإنسان الجبلي صنع المعجزات في هذه الأرض، فعلى الرغم مما خاضته البلاد من سنوات عجاف في الماضي إلا أن فلاح الجبل بأدواته التقليدية البسيطة استطاع ان يحطم الصخر، ويزرع مكانه الأشجار المثمرة. ولعمري إن هذه الإرادة القوية التي عمل عليها ابن الجبل نابعة من علاقته بالأرض وانتمائه إليها، وتمثل ظاهرة فريدة؛ لأنها لم تكن أرضاً منبسطة وسهلة وترابية وخصبة كما هي اليوم، بل كانت صخرية، وصخورها صماء كبيرة الحجم، تتميز بصلابتها البازلتية، وتحتاج إلى تطوير الأرض وآلات ثقيلة فعلاً للعمل على إزالة تلك الصخور، ومع ذلك عمد الفلاح إلى إزالة تلك الصخور، وساهمت خطط المشاريع التنموية، مثل التشجير المثمر، وتطوير المنطقة الجنوبية في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إلى تحويل تلك الأرض من صخور صماء بازلتية، إلى أرض مزروعة بالأشجار المثمرة من أنواع متنوعة ومختلفة».

ظهر الجبل قديماً

أحد المزارعين في المنطقة "حمد طليعة" حدثنا عن الحالة الاجتماعية بالقول: «ما يميز "ظهر الجبل" زيارة الناس له وتكوين علاقات اجتماعية مميزة، إضافة إلى المقيمين فيه؛ أي العاملين في أراضيهم الزراعية، الذين يعملون طوال العام عدا أيام الثلج والأمطار الغزيرة، وخلال تلك الأيام، وخاصة أثناء فصلي الربيع والصيف، فإننا نجد المئات، إن لم نقل آلاف الناس يقومون بالزيارات المتبادلة التي تجسد العلاقات الاجتماعية، التي منها تمتين روابط المنظومة القيمية، واستذكار أحداث ووقائع ماضية مع سهرات الليل على ضوء القمر، أو من كان ممن يحفظون الشعر الشعبي، ونجد آلات التراث، كـ"الرباب والمجوز" تصدح بأصواتها مع الأهازيج والأغاني التراثية الجميلة؛ هذه الأعمال كوّنت نوعاً من السياحة البيئية، وأقامت روابط مع جمعيات أهلية ومنظمات، قامت بزيارات إلى البيئة النظيفة، ودراسة طبيعة الإنسان الجبلي. فالحالة الاجتماعية الموجودة لا توجد في المدينة، وكما أن "ظهر الجبل" منطقة زراعية خصبة غنية بالإنتاج، فهي غنية بأفرادها وعاداتها وتقاليدها».

الأستاذ محمد طربيه